في اليمن منذ بداية القرن الماضي يدفع الشعب اليمني أثمانا باهظة لحروب داخلية شبت ضد الإمامة والاستعمار البريطاني في سبيل الانعتاق من حكمهما وبعد تضحيات جسيمة لم نكن نعلم أن المستقبل سيكون أسوأ مما سبق !!
ومنذ الستينيات وما بعد الوحدة الفاشلة عام 1994م والشعب اليمني يعاني من آثار حروب متصلة لا تنتهي ويتحمل عبء آثارها اجتماعيا يجند الشباب في الحرب ويكونوا وقوداً لها، وتفقد الأسر شبابها وربما يكون الشاب عائلها الوحيد، و اقتصاديا يفقد الناس موارد رزقهم، وتذهب الموارد للسلاح وغيره من متطلبات الحرب في الوقت الذي يحتاج الناس إلى تلك الموارد لمعيشتهم ومتطلباتهم وتعليم أبنائهم، و سياسيا عدم الاستقرار السياسي الذي يترتب على ذلك وقف مشاريع التنمية والتطور، وفي ظل الحرب تضطرب الحياة العامة، وينتشر القتل والتسلط والاستبداد وينعدم الأمن، و ضحايا الحرب هم من الطبقة العاملة ومن الشباب إضافة إلى الذين يقتلون خارج ساحات الحروب لسبب أو لآخر، كما أن هناك عدداً من الجنود ممن يقعون في الأسر أو يصابون بعاهات مستديمة، فبدلاً من أن يكون أولئك طاقة منتجة تعتمد عليهم عائلاتهم يكونون عالة عليها ومعظمها عائلات فقيرة تفتقر إلى مستلزمات الحياة الأساسية. ومن معاناة الشعوب أثناء الحروب السجن والتعذيب: فكثير من الجنود والناس الذين يسجنون ويعذبون من إفرازات الحرب، ومن بين هؤلاء من دخلوا السجون وعذبوا على الهوية، وليس لهم ذنب وهم أبرياء، سواء كانوا رجالاً أو نساءً أو أطفالاً. والحرب هي الحرب لا رحمة فيها، خصوصا إذا كانت القوى المتصارعة ضمن الحروب الأهلية لدوافع أثنية طائفية وعنصرية كما هو شاهد الحال في اليمن !! .
وقد اتخذ التعذيب عند النظم الدكتاتورية الفاشية أشكالاً وأنواعاً لا يحتملها الإنسان، وتكون نتيجة ذلك وفاتهم تحت التعذيب كما هو واقع الحال في اليمن ، ومن آثار تلك الحروب الاغتصاب الذي تتعرض له النساء من القوى السياسية والمنحرفة الأخلاق، وهذه معاناة لهن ولعائلاتهن. ومن آثار تلك الحروب المخطوفين والمفقودين و الهجرة القسّرية كنتيجة لهذه الحرب، حيث يفقد الناس منازلهم وأراضيهم وأملاكهم واستقرارهم ليبحثوا عن أماكن أكثر أمناً، وأصبحت هذه الظاهرة سُبّة في تاريخ اليمن المعاصر، والحرب تؤدي إلى نقص في الموارد و تدمير العمران، وشل الحياة العامة، أضف إلى ذلك تعطيل العمل والدراسة وشيوع البطالة، وأزمة انعدام في خدمات الماء والكهرباء والمواد الغذائية والأساسية !!
وغياب الإدارة والأمن، وانتشار البطالة والفوضى والفقر، و السلب والنهب لممتلكات الآخرين، وغياب الأمن ، وانتشار الرذيلة والمخدرات وانعدام الوازع الديني ،وسقوط القيم الأخلاقية ،التي تصاحب الحروب، وأحياناً يتم تشجيعها ويسهم فيها عناصر وجماعات من القوى المسيطرة والنافذة في الصراع.
ويمكننا تلخيص الموقف العسكري ونحن على أعتاب السنة السادسة للحرب الضروس في اليمن كما يقول د. محمد عبد الهادي كما يلي :
(نرى واقعيا :أن الجيش الوطني التابع للشرعية في مأرب والجوف وتعز وحرض لم يحقق أي تقدم عسكري ميداني يذكر حتى الآن بالرغم من الدعم العسكري والمالي والإعلامي ..والاستثناء هنا المناطق الجنوبية المحررة بفضل المقاومة الجنوبية ودعم التحالف... والساحل الغربي حتى مشارف الحديدة المحرر من قبل قوات العمالقة الجنوبية ومعهم بعض تشكيلات المقاومة من تعز والحديدة ..وكان بإمكان تحرير الحديدة ومينائها لولا التدخل الدولي الذي منع ذلك تحت مبررات إنسانية ...طيب للنظر إلى تبعات هذا الوضع وتأخر الحسم العسكري مع فشل كل المحاولات والجهود السياسية الدولية والإقليمية الرامية للحل السلمي ووقف الحرب وإحلال السلام في اليمن حتى الآن( .
وأخيرا نقول في ظل وضع كهذا حيث لا حسم عسكري ولا حلول سياسية نسأل :إلى أين سيكون مصير اليمن وشعبه الذي يعاني من تبعات هذه الحرب؟؟؟...
مع انعدام الرؤية في الأفق لبوادر حل لإنهاء الحرب ولا مشاريع واقعية عسكرية كانت أم سياسية لدى المجتمع الدولي في مجلس الأمن ولا لدى دول التحالف العربي ولا لدى اليمنيين والقوى السياسية والحزبية في الشمال أو في الجنوب أما الشرعية فحدث فلا حرج!!
هذا الوضع الضبابي الخالي من أي أفق يجعلنا نتساءل :
هل بات الحل للأزمة والحرب في اليمن مرتبطا بصورة مباشرة بحل المشكلات الاقليمية القائمة وما سيفضي عنها من مساومات وتقاسمات إقليمية ودولية وترتيب المصالح الحيوية الدولية في المنطقة بما فيها اليمن شماله وجنوبه وأي إعاقات أو تحديات أمام مشروع التقاسم الدولي والإقليمي سيجعل من اليمن ساحة حرب لا تنتهي ...وتصبح حرب اليمن كما يطلق عليها بعض المحللين الاستراتيجيين (بالحرب المنسية) !!
د.علوي عمر بن فريد