عندما يرحل الكبار !!

2020-10-07 14:20

 

نعى الملوك والرؤساء والأمراء العرب  وفي طليعتهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، نعوا جميعا ، أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ،كما نعت سموه وسائل الإعلام العربية والدولية  وتحت عنوان "وداعاً أبا ناصر"،جاء  في "القبس الكويتيه" :  " رحل أبو الجميع، رحل أبو المساكين، رحل أمير الإنسانية والدبلوماسية وملجأ الجميع عند اختلاف الإخوة، أمير دولة الكويت الخامس عشر".

وقالت صحيفة عكاظ  السعودية "ورحل المحنك الصباح"

"الأكيد أن الخليج والإقليم والعالم يفقدون بغياب الشيخ صباح الأحمد رجل سلام، ورمزاً للحكمة. وبرحيله يخسر المجتمع الدولي أحد أعقل رجالاته وأقطاب سياسته. ففي كل قضية تهم الإنسان ترك الراحل بصمة إيجابية في التاريخ."

أما جريدة "عمان" فقد جاء  في افتتاحيتها:  "يضع العمانيون تقديراً كبيراً في قلوبهم لفقيد الأمة، في ظل تلك العلاقة القائمة على المحبة الأخوية الكبيرة التي لا تحتاج إلى تأكيد أو بذل السطور لإيضاحها، وكان للراحل محبة وتقدير ومكانة كبيرة في القلوب اكتسبها من خلال شخصيته الأصيلة وروحه النقية"

وجاء في "الأيام" البحرينية : "إن الفقيد الراحل الشيخ صباح الأحمد هو  عنوان الحكمة، هو الحكيم الذي جنب الكويت الشقيقة وجنب منطقتنا وأمته العربية والإسلامية الكثير من الويلات والكوارث التي كادت تعصف بها لولا حكمته ومساعيه الخيّرة وسياساته المتوازنة التي كانت تحظى بالاحترام والتقدير في كل مكان ." وقد تابعنا  تلفزيون  الكويت وهو ينقل بثا مباشرا لمراسم تشييع جنازة فقيد الكويت وأميرها الشيخ صباح  الأحمد الصباح  والشعب الكويتي كله يبكي حزنا وقهرا عليه  أتدرون لماذا يبكون عليه ؟!!

لقد أسهب  الإعلام الكويتي في وصف  حياة أمير  الكويت والمنجزات الحضارية التي تركها لشعب الكويت ..والسؤال الذي يطرح  نفسه لماذا  يبكي الكويتيون على أميرهم الراحل ؟ّ!ّ!

لقد كان الأمير محبا ومخلصا للكويت بل وللعرب جميعا ، وسيرته تشهد له بأنه كان عميد الدبلوماسية العربية عامة ،و كان الرجل وأسلافه قد أسسوا لنهضة الكويت  وشعب الكويت وأقاموا  المدارس والمعاهد   والكليات والجامعات ومجانية التعليم  وفوق هذا كله  خصص في عهده  راتبا لكل كويتي منذ ولادته حتى يموت ، وأصبح متوسط دخل المواطن الكويتي في عهده  180 ألف دولار سنويا أي أن  متوسط  راتب الموظف الكويتي  15000 دولار شهريا، والطالب الكويتي له منحة دراسية 5000 دولار شهريا حتى يكمل تعليمه !!

أما المولود الكويتي تتكفل  الدولة بمصاريفه   وتوفر له  الطعام واللبس والدواء والدراسة، كما تمنحه الدولة  راتبا شهريا بواقع  1500 دولار شهريا حتى   يبلغ

سن الثانية عشره  ، كما تمنح الدولة كل متزوج من كويتيه  فيلا مفروشة وسيارة عبر بنك التأمين الكويتي ويقسط من راتبه بمبلغ صغير لمدة ثلاثين عاما!!

كما يمنح الكويتي  نصف تذكرة سفر سياحية إلى أي دولة بالعالم !!

كما أن 99% من الشعب الكويتي لا يعرفون الديون أو القروض من البنوك أو السلف من التجار أو غيرهم ، كما يتم توفير فرص عمل للخريجين  بعد العام الثاني من إكمال دراستهم ، وإذا تأخرت الوظيفة يتم إعطاء الطالب المتخرج والمتأخر عن فرص العمل ألفين دولار بالإضافة   إلى خمسة آلاف دولار  تحتسب له حتى يتم  تأمين  فرصة عمل مناسبة لشهادته!!

وبعد كل هذا الرفاه ورغد العيش، أليس من حق الشعب الكويتي أن  يبكي  قهرا على أميره  الراحل  ؟؟ وهو الذي أحب شعبه  وبادله المحبة  لوفائه لهم وحرصه على رفاهيتهم ورفع مستوى  معيشتهم.. وما ذكرناه آنفا متوفر على أرض الواقع في كافة  دول الخليج العربي  ولكن  بنسب متفاوتة !!

أما  معشر المواطنين  في بلاد العرب الأخرى لا زالوا  في حالة من الترحال والتشرد عبر البحار يبحثون عن بدائل لأوطانهم التي اقتلعوا منها قسرا أثناء الربيع العربي وكان الأولى أن  يسمى بالخراب العربي والتي طالت ارتداداته   الغالبية العظمى من العرب وجعلتهم يعيشون   في حالة مزرية من ضيق الحال   والفاقة   فمن مات من رؤسائهم  فقد أراح  واستراح  ولن يبكي عليه  أحد ..وسيقوم أتباعه  بتنكيس الأعلام والحداد ثلاثة أيام وسيضعون مكانه دكتاتورا آخر  ويملأ سجونه بالمئات  من شعبه كرهائن لضمان استمرار حكمه  عليهم خمسين عاما أخرى ، يكابد المواطن خلالها أصنافا من المعاناة والألم وشظف العيش والقمع والحرمان وتكون أقصى طموحاته أن  يوفر  لقمة العيش الضرورية له ولأولاده ويظل طوال  حياته يعيش  في فقر وعسر حتى يوافيه الأجل المحتوم ولا يترك لعائلته إلا صورته السوداء بدون ألوان   معلقة في صدر غرفة الجلوس وعليها شريط أسود حدادا عليه ووصية لأولاده يوصيهم  بسداد الديون التي عجز عن سدادها طوال عمره !!

هذا هو إرث المواطن العربي الذي يخلفه لأبنائه في عهد الجمهوريات التي قفز فيها الطغاة على رقاب الجماهير، أثناء الانقلابات فهم وحدهم  يتمتعون بالسلطة والثروة ويحتكرون كل شاردة وواردة في هذه الأوطان المستباحة .. إنهم لصوص الأوطان وتجار الحروب والأزمات ويحرصون على استمرارها ليبقوا في سدة الحكم والسلطان لا ينازعهم أحد !!

وفي الختام : دعونا نترحم على فقيد الأمة أمير الكويت وصباحها ومصباحها الذي سيبقى أسمه وذكره شعلة مضيئة في القلوب والوجدان ونسأل الله أن يعوض الكويت بصباح مشرق جديد وأمير مجيد  .

د. علوي عمر بن فريد