بصرف النظر عن العدد المشارك فيها وبمحدودية المساحة الجغرافية، أو أنها كانت مجرد ردة فعل على فعاليات جنوبية في حضرموت والمهرة.، فقد أكدت فعالية لودر التي نظمها الكيان الموالي للسلطة ( الأئتلاف الوطني الجنوبي) أن لا علاقة بين اسم الكيان المنظم لها وبين شعارات الفعالية (وحدة وحدة حتى الموت) ، ولا بين الرايات التي رفعتها ( أعلام اليمن ) وبين غياب علم الجنوب، وهو الأمر الذي جلـبَ لبعض أعضاء هذا الكيان شيئا من الإحراج . ومع ذلك فثمة ما يستحق الاحتفاء به والاشارة إليه:
أن الفعالية التي كانت وحدوية بامتياز- على الأقل ظاهرياً- قد كشفت بوضوح لا لبس فيه التوجّـــه السياسي لأصحاب هذا الكيان بانه مع الوحدة اليمنية بوضعها الحالي، الذي يرفضه أغلبية الجنوبيون ،والذي فرضته عليهم قوى حرب 94م هذا الوضع الجائر الذي اعترفت بظلمه وقبحه معظم هذه القوى بأنه وضع غير سوي ووضع احتلال صريح . كما ابانت لنا هذه الفعالية أن مسمى الأئتلاف الجنوبي ليس له من أسمه نصيب أبداً، وأن اسم الجنوب ليس أكثر من ستار يتم التخفي خلفه وإقحامه عنوة لحاجة في نفس الجهة المنظمة على شكل مهزلة سمجة. فتزييف المواقف وانتحالها مشكلة تصيب الحق وأصحابه، كما أن الوضوح بالمواقف يضع الأمور في نصابها الصحيح ويوفر على الكل عناء البحث خلف الأقنعة ، حتى و أن تباينت هذه المواقف.
وهذا الوضوح الذي منحتنا إياه هذه الفعالية مشكورة سيسقط الأقنعة السياسية وسيزيل الالتباس والتشويش المتعمّــد الذي يقوم به البعض بانتحال اسم الجنوب وقضيته وتوظيفها بطريقة الخفة والحذلقة لمشاريع سياسية لا تؤمن بالمطلق بالقضية الجنوبية، بل أن هذا البعض ما يزال عالقا عند مرحلة الوحدة أو الموت،و التي بات فيها اليوم هذا الشعار يخجل منه أصحابه الأصليين الذين اطلقوه في لحظة نشوة نصر زائف، برغم ما يعلنه هذا البعض في الإعلام من شعارات جنوبية مخادعة.
ومع ذلك لا نسجّــل لوماً لأصحاب هذه الفعالية بما فيه قناعتهم الوحدوية، ولا نقلل من حجمهم أبداً، فالكل شركاء ببناء الوطن -أي كان شكل هذا الوطن-، بقدر ما نأمل منهم الوضوح أكثر بمواقفهم السياسية بما فيها قناعاتهم الوحدوية بعيدا عن ازدواجية المواقف وعن الخداع الذي يحركه كما هائلا من المناكفة ... نقول أنه ليس من حق أحد أن يصادر قناعة أحد فردا كان أو كياناً، ولكن قليلا من العقلانية مطلوبة في وقت استثنائي كهذا، فلا يعقل التطرف بالمواقف، ومنها المواقف الوحدوية - من جانب جنوبيين للأسف- في وقت ما تزال فيه القضية الجنوبية دون حل عادلا، وما تزال فيه كثير من قوى الاحتلال ترفض الاعتراف بقضية عادلة بهذا الحجم وترفض أية شراكة بأية تسوية سياسية قادمة، بل وتتوعد كل الجنوب بالويل والثبور. فمن المؤسف أن يخجل الشماليون من هكذا شعار مدمر( الوحدة أو الموت)، ومن هكذا وحدة (هي اشبه بخرابة) وصفها علي محسن الأحمر بأنها احتلال للجنوب، فيما نجد جنوبيين يهتفوا لها ويبذلوا من أجلها أموالا طائلة.
*صلاح السقلدي.