عندما كنا في سن الصبا نجتمع عصر كل يوم على سوم جربتنا المسماة (الروحا ) وكان أكبرنا سنا محمد سالم فريد ونجتمع حوله وكان له صوت جميل ويغني لنا من أغاني الموسيقار محمد عبد الوهاب منها " خي " ثم يسرد لنا قصصا عديدة عن رحلته إلى عدن التي قضاها في منزل ابن عمه الموظف في شركة البي بي للنفط "مصفاة عدن " ويشدنا برواياته ومشاهداته في عدن ..حتى أنه كان يجيد اللهجة العدنية ..إلا أن أكثر الأغاني المحبوبة في تلك الأيام أغنية (سألت العين ) التي غناها ابن الوهط –لحج – الشاب والفنان الصاعد محمد صالح بن حمدون التي كانت تبثها إذاعة عدن بصوته الشجي في الستينات وهي من كلمات الأمير محسن صالح مهدي ولحنها الأستاذ عبدالله هادي سبيت !!!
وقد كانت تلك الأغنية تلهب عواطفنا وتحلق بنا في عالم الحب والشجن والطرب
https://www.youtube.com/watch?v=5HZROpLlcjc
فنون لحج الخالدة خلود كل زمان ومكان تنسم عبق عطرها المشبع بروائح الفل والكادي والياسمين والبشام وكل ريحان عطرت الروح اللحجية الجميلة. ولمحافظة لحج تاريخ فني اشتهرت به بفضل أدبائها وشعرائها وفنانيها ومثقفيها العظام والذي سجل فيها الأمير الشاعر أحمد فضل القمندان وعبدالله هادي سبيت وصالح فقيه وفضل محمد اللحجي والأمير عبدة عبد الكريم وغيرهم ممن شاركوا في صنع هذا التاريخ الفني ،وقد قال الصحفي هشام عطيري :
(وضع اللبنات الأولى للأغنية اللحجية على دعائم قوية ومتينة الأمير الشاعر والملحن الأمير أحمد فضل القمندان الذي أوجد للأغنية اللحجية الأصيلة طابعها الخاص ولونها الذي يخطف الألباب ثم تعاقب من بعده سلسلة لامعه من الجهابذة الأفذاذ الذين أثروا الأغنية اللحجية بقوالب عديدة ومتنوعة أذهلت الخارج قبل الداخل أمثال : عبدالله هادي سبيت وصالح فقية والنعمان وصالح نصيب والأمير عبده عبد الكريم ومهدي حمدون وعبد الخالق مفتاح وغيرهم الذين اخرجوا العديد من الأصوات الفريدة الخالدة أمثال فيصل علوي وعبد الكريم توفيق وحسن عطاء ومحمد صالح حمدون وعلي سعيد العودي ومهدي درويش)
وأغنية سالت العين التي تغنى بها الطفل المعجزة أنذاك في أوائل خمسينيات القرن الماضي المرحوم محمد صالح حمدون وهي من كلمات الأمير محسن صالح مهدي ولحن عبدالله هادي سبيت وغيرها من الأعمال التي رددها الفنانون فضل محمد اللحجي، أحمد يوسف الزبيدي وآخرون. و الشاعر المرحوم عبدالله هادي سبيت قد تجلى دوره في الجانب الوطني بالعديد من الروائع إبان الكفاح المسلح ضد الإنجليز منها أغنية ياشاكي السلاح والتي كتبها وأداها بصوته في مسارح عدن وأغنية قرب دورك يا ابن الجنوب والتي تغنى بها أحمد يوسف الزبيدي وأنشودة هنا ردفان التي لحنها وقدمها الفنان محمد مرشد ناجي و العديد من الأعمال التي لازالت في وجدان المواطن في كل مكان. وبين الفنان أحمد فضل ناصر أن الأمير الشاعر محسن صالح مهدي العبدلي لعب دوراً كبيراً في نشر الأغنية اللحجية وتجديدها الموسيقى خصوصا عندما كان مرتبطاً بالقسم الموسيقي بإذاعة عدن منذ تأسيسها بالخمسينيات حيث وثق لمعظم فناني لحج العديد من الأعمال والروائع الغنائية اللحجية التي وصلت إلى مسامع الجمهور في الداخل والخارج.
وقد كان لي شرف اللقاء بالأمير الشاعر محسن صالح مهدي في احد الأعراس في جده في أوائل الثمانينات وكان شخصية متواضعة وخلق رفيع رحمه الله.
د. علوي عمر بن فريد