أهديها لكل اللصوص الذين يخونون أوطانهم ويسرقون شعوبهم !!
لهذه القصة معاني كثيرة منها أن الحاكم (أي حاكم وكل حاكم ) يعلم من هم اللصوص الذين يقهرون ويظلمون وينهبون الناس .
روى الرحالة الفرنسي ڤولني عن والي دمشق أسعد باشا العظم.. خلال رحلاته بين دمشق و بيروت..
إن الوالي كان بحاجة إلى المال للنقص الحاد في مدخرات خزينة الولاية.. فاقترحت حاشيته أن يفرض "ضريبة" على المسيحيين، وعلى صناع النسيج في دمشق...
فسألهم أسعد باشا: وكم تتوقعون أن تجلب لنا هذه الضريبة؟
قالوا :من خمسين إلى ستين كيسا من الذهب..!!
فقال أسعد باشا: ولكنهم أناس محدودي الدخل.. فمن أين سيأتون بهذا القدر من المال؟!!
فقالوا: يبيعون جواهر وحلي نسائهم يا مولانا..
فقال أسعد باشا: وماذا تقولون لو حصلت المبلغ المطلوب بطريقة أفضل من هذه؟!
في اليوم التالي.. قام أسعد باشا بإرسال رسالة إلى المفتي.. لمقابلته بشكل سري.. وفي الليل وعندما وصل المفتي.. قال له أسعد باشا:
نما إلى علمنا أنك ومنذ زمن طويل.. تسلك في بيتك سلوكا غير قويم.. وأنك تشرب الخمر.. وتخالف الشريعة.. وإنني في سبيلي لإبلاغ اسلامبول..يقصد (اسطنبول ) ولكنني أفضل أن أخبرك أولا.. حتى لا تكون لك حجة علي!!!
أخذ المفتي يتوسل.. ويعرض مبالغ مالية على أسعد باشا.. لكي يطوي الموضوع.. فعرض أولا ألف قطعة نقدية.. فرفضها أسعد باشا.. فقام المفتي بمضاعفة المبلغ.. ولكن أسعد باشا رفض مجددا.. وفي النهاية تم الاتفاق على ستة آلاف قطعة نقدية! وبعد أخذها قام بعزله!!.
وفي اليوم الثاني.. قام باستدعاء القاضي.. وأخبره بنفس الطريقة.. مضيفا أنه يقبل الرشوة.. ويستغل منصبه لمصالحه الخاصة.. وانه يخون الثقة الممنوحة له؟!!
وهنا صار القاضي يناشد الباشا.. ويعرض عليه المبالغ كما فعل المفتي.. فلما وصل معه إلى مبلغ مساوي للمبلغ الذي دفعه المفتي.. أطلقه ففر القاضي سريعا وهو لا يصدق بالنجاة!!
بعدها جاء دور المحتسب.. وآغا الينكجرية.. والنقيب.. .. وكل من له مسؤوليه في ذاك الوقت .. من مسلمين ومسيحيين.. وفعل معهم نفس الأمر.
بعدها قام بجمع حاشيته الذين أشاروا عليه أن يفرض ضريبة جديدة لكي يجمع خمسين كيسا.. وقال لهم: هل سمعتم أن أسعد باشا قد فرض ضريبة جديدة في الشام؟
فقالوا: لا ما سمعنا..!!
فقال: ومع ذلك فها أنا قد جمعت مائتي كيس.. بدل الخمسين التي كنت سأجمعها بطريقتكم.. فتساءلوا جميعا بإعجاب.. كيف فعلت هذا يا مولانا؟!!
فأجاب : إن جزَّ صوف الكباش.. خير من سلخ جلود الحملان.!!!
ليبقى السؤال .. هل سيأتي اليوم الذي يُجَزُ فيه صوف الفاسدين.. بدل سَلخِ جِلد المواطن؟!
وفي اليمن الحوثيون يقومون بنهب الخزينة العامة والاحتياطي النقدي في البنك المركزي، ويحتكروا تجارة أهم المواد الغذائية الدوائية والمشتقات النفطية، وفتحوا أسواقهم السوداء لنهب الشعب وسلخ جلد المواطن البسيط.
وعلى الضفة الأخرى، برز تجار حروب في رأس هرم الشرعية ولم يحاسبهم أحد، ولهم مآربهم من إطالة زمن الحرب في أكثر من جبهة، وتأجيل الحسم، وتأجيج الانفلات الأمني، وفتح أسواق سوداء في المناطق المحررة.!!
والأدهى والأمر أن تجار الحروب المندسين بصف الشرعية من مخلفات سلطة النظام السابق، وبعضهم لم تمس تجارتهم في المدن الواقعة تحت سيطرة المليشيات، و يدفعوا سراً وعلانية لجماعة الحوثي مبالغ مالية تُسمى "المجهود الحربي"!!
في الوقت ذاته يعاني الوطن من تزايد عدد الفقراء، وتتكالب مآسي الحياة على المواطنين ، في حين تتصاعد ثروات تجار الحروب في ظل اتفاقهم على إطالة جحيم الحرب، ونسف عملية السلام دونما اكتراث بجرمهم بحق الوطن والمواطن!!
هؤلاء اللصوص هم من يسرقون أحلامنا ويكذبون علينا!!
وهؤلاء هم من يسرقون قوتنا ويتاجرون بحقوقنا
و منهم يسرقون مستقبلنا وأجيالنا ويورثوننا ولا تهتز ضمائرهم أو يرف لهم جفن
و هؤلاء يحاولون على مر السنين الماضيات سرقة أوطاننا .. وتهجيرنا إلى أصقاع الأرض !!
وإذا نحن تغاضينا عن كل "السرقات" فإننا نكتب نهايتنا بأنفسنا
وختاما نقول :
كل شيء قابل للتعويض.. إلا الأوطان.. فإذا سلبت من أهلها.. فإنها لا تستطيع استردادها إلى الأبد!!!
د. علوي عمر بن فريد