قدوم السلاطين معادل موضوعي لقدوم الخير

2019-10-01 07:13

 

من الجوانب السالبة عند العرب غياب دولة النظام والقانون والقراءة والاستقراء، أي قراءة التاريخ واستخراج الإيجابيات والسلبيات تفيد عند الإعداد للمرحلة القادمة، ومن هؤلاء العرب أهل الجنوب الذين لم يقدّموا أي قراءة موضوعية لتاريخهم الحديث..

 

كان الجنوب العربي موزعاً على محميات عدن الشرقية ومحميات عدن الغربية ومستعمرة عدن التي أصبحت ولاية عدن أو المدينة الدولة لها مجلسها التشريعي، وهو أرقى مما بمجلس الشعب أو مجلس النواب، وكان لها مجلسها البلدي المنتخب اعتباراً من العام 1955م.

 

انضمت عدن إلى اتحاد الجنوب العربي في يناير 1963م، وكانت تنشط في اتجاهين لها مجلس وزرائها ومجلسها التشريعي ومجلسها البلدي، وتنشط على المستوى الاتحادي من خلال المجلس الأعلى في العاصمة "مدينة الاتحاد" (مدينة الشعب حالياً)، وكانت منظمات المجتمع المدني ناشطة وبصورة مؤسسية: اتحاد المرأة، المؤتمر العمالي، اتحادات مهنية (محامون، مهندسون... إلخ).

 

كانت عدن متسيدة لوسائل الإعلام، فعلى المستوى المقروء كانت هناك (50) صحيفة ومجلة، وعلى المستوى المسموع كانت هناك إذاعة عدن، وعلى المستوى المنظور (التلفزيون) ظهر التلفزيون عام 1964م، أي بعد عشر سنوات من ظهور إذاعة عدن، إضافة إلى عدد من وكالات الأنباء (وكالة أنباء الجنوب العربي، وكالة رويترز، مكاتب مراسلي الصحف البريطانية مثلاً).

 

كانت إدارة الأراضي في عدن تعمل من خلال مشاريع سكنية لمحدودي الدخل: مساكن البلدية ومساكن في إطار مشاريع جماعية بلوك 5 و12 في المنصورة والروضة (القلوعة) في المعلا.

 

كانت إدارة الأراضي في عدن تعمل من خلال قوائم الانتظار Waiting List، وكان السلاطين أو المشايخ يأخذون حصتهم من خلال تلك القوائم، وعلى سبيل المثال: بنى السلطان أحمد عبدالله الفضلي والسلطان فضل بن علي وسلاطين آخرون بيوتا لهم في خورمكسر أو كريتر أو أي بلدة أخرى في عدن، وشاءت الصدفة أن يتزوج هذا السلطان من زوجة أو سيدة أردنية اشترطت بيتاً في عدن، لأنها لا تأنس إلا للعاصمة عمّان أو مدينة عدن، وجاءت الصدمة أن مفوض الأراضي Lands Gommisi oner يعتذر عن تلبية الطلب، لأنه حصل على بقعة من سابق في منطقة الريزميت بالقرب من دار "الأيام" (وسكن العميد باشراحيل)، وبنى لها بيتاً خارج بستان الكمسري (دار سعد تخضع للسلطنة العبدلية).

 

كان السلاطين متواضعين وبسطاء في تعاملهم مع رعاياهم أو رعايا الدولة الاتحادية، وعرفهم الوسط الاجتماعي كبشر يستحقون كل الاحترام، ومن ذاك الذي لا يحترم السلطان صالح بن حسين العوذلي وزير الأمن الداخلي، أو الشريف حسين بن أحمد الهبيلي وزير الداخلية، أو الشيخ محمد فريد العولقي وزير الخارجية، أو الشيخ أحمد عبداللاه الدرويش وزير التجارة، ولم ترصد أي تصرفات أو سلوكيات رعناء على السلاطين، في حين رصدت عشرات التصرفات غير اللائقة على ثوار بعد نوفمبر 1967م.

 

أحكم المجلس الانتقالي الجنوبي عندما التقى عدداً من السلاطين المقيمين في المملكة العربية السعودية والتقطت لهم صورة جماعية مع قيادة الانتقالي، وفي مقدمتهم الأخ الرئيس القائد اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، ووجهت الدعوة لهم لزيارة الجنوب، الأمر الذي أثلج صدور الناس في الجنوب عامة وعدن خاصة.

حقاً إن قدوم السلاطين يعتبر معادلاً موضوعياً لقدوم الخير، ومرحى أصحاب العطر الذكر الشيخ علي عاطف الكلدي!!