«إذا قرن الفقيه لا عاد تلوم الطلبة»، و(قرن) تعني جن/مجنون، والفقيه هو المعلم في المعلامة التي كانت متواجدة قبل ظهور المدارس..
ولتوضيح أكثر، إنه إذا كان الفقيه، والذي هو المعلم، مجنونا وتصرفاته خطأ، فلا تأتي لتلوم طلابه، فمن المؤكد أن يكونوا أسوأ لأنه معلمهم.
وهذه المقولة أو المثل الشعبي يطلق حين يلقى باللوم والعتب وتحميل الأسباب والخطأ على الناس البسطاء، في حين أن النخبة المثقفة والمتعلمة والمربية لها والحاكمة عليهم هي أكثر خطأ من البسطاء.
وعلى ما يبدو أن هذه المقولة تنطبق على الواقع الإعلامي الذي نشهده ويعاني منه الجميع دون استثناء، فإذا كانت الجهات المعنية في الشرعية وعبر الجهات المسؤولة فيها ممثلة بوزارة الإعلام تتواطأ، بل وتدعم وسائل إعلام مؤدلجة مجنونة تبث من على منابرها- التي تحمل صفة الشرعية- التحريض والفتن والأكاذيب، فلا يمكن أن نلقي اللوم على بعض الطلاب التي تجندهم من أبناء جلدتنا الجنوبيين، وأيضا هذا يؤكد لنا أنه لا يمكن للإعلام الرسمي المجنون أن يصلح الحال فهو مجنون أصلا.
القراء الكرام، لعلكم على علم بأن الإشاعات كثر انتشارها، والأخبار المزيفة والتلفيقات تطورت صناعتها، والتحريض صار يبث سمومه من عدة منابر، ومع الأسف أن معظمها منابر محسوبة على الحكومة الشرعية أو مدعومة منها.
وفي المجمل، الإعلام أصبح يتهدده خطر سطو وسائل الإعلام الصفراء، والتي تجيره على خدمتها، وهذا الواقع ينعكس على المتابع ويقلقه ويشوش أفكاره ويزيف وعيه، ناهيك عن أنه في الأصل يؤثر على الوسط الإعلامي ويخفي الكثير من الحقائق ويغطي عليها وعلى الكثير من المظالم.
ومن هذا المنطلق وفي ظل وجود جهات مسؤولة، والمتمثلة بوزارة الإعلام بحكومة الشرعية، حالها كحال الفقيه المجنون الذي لا يلام طلابه على أفعالهم، فإن المطلوب هو صحوة ضمير وتضافر جهود النخبة الإعلامية الجنوبية ومعهم الأكاديميون والمثقفون من أبناء عدن والجنوب، وتدارس ما يمكن اتخاذه تجاه انتشال الواقع الإعلامي مما هو عليه من وضع مزر وإنقاذه قبل السقوط وسطو الإعلام الأصفر المأجور لتجار الحروب وقوى النفوذ في السلطة الشرعية.
نعم، أرأى أن التداعي لا بد منه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لاسيما والجهات الرسمية من الصعب أن تجد حلولا وهي في الأصل قد أصابها الجنون، بل وهي من تدعم الخطاب التحريضي والمزيف وبتمويل خارجي من جهات بات الكل يعرفها.