في جلسة مجلس الأمن الدولي ،يوم 1 مارس الحالي ،وجه المبعوث الأممي ، ولد الشيخ أحمد ،كلاما خطيرا لأطراف النزاع في اليمن ،وقال : "هناك سياسيون من كافة الأطراف ،يعتاشون من الحرب ،وتجارة السلاح والمال العام ، لهذا لا يمكن للحرب أن تنتهي ،في ظل استمرار نفس الأشخاص ،في معركة صنع القرار السياسي والعسكري "
وقد صدق ولد الشيخ فيما قال، وأصاب كبد الحقيقة .. وهذه الفئة من تجار الحروب ،لا تعيش إلا في ظل الأزمات والحروب ..ولا تقتات إلا على أشلاء الشهداء .. ولا تنتعش إلا برائحة الدماء، وإزهاق الأرواح البريئة ،ولا يهمها إلا مصالحها ومكاسبها غير المشروعة .. وهي شراذم متفرقة ،هنا وهناك لدى أطراف النزاع في اليمن !!
أما الثوار الحقيقيون ، فهم من يضحون بأنفسهم وأموالهم ،ويدافعون عن شرف الوطن وكرامته ، ولكنهم ندرة في هذا الزمن الردئ .. فنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر ..وهؤلاء لا زالوا يعيشون بيننا ،..ومن سقط منهم شهيدا في ميادين الشرف ،لا زالت ذكراه تناطح الجبال الشم الراسيات ،وتفوقها طولا وشموخا !!
ومنهم الشهيد علي ناصر هادي ،الذي كان يقود المقاومة الوطنية الجنوبية ،في التواهي ،أثناء اجتياح الحوثي لمدينة عدن .. وقد اتصل به الرئيس هادي وقال له :" قالوا انك تقود معركة التواهي .. وأنا أعرف انك طريح الفراش ؟!!
فقال له : نعم ، نهضت من فراشي ،لأن القيادات القوية ، وأصحاب الرتب ،تركوا عدن !!
كان الشهيد علي ناصر ،يقود المعارك ويخرج من بين الركام والرصاص ودخان البارود، كطائر الفينيق وهو يردد:" والله لن تدخلوا التواهي ،إلا على رأس عمكم علي ،ويشير إلى رأسه، حتى سقط شهيدا ،وبر بقسمه فالله دره .
استشهد، وعليه الكثير من الديون، منها 350 ألف ريال سعودي .. وتسعه مليون ريال يمني ،وسيارة اشتراها للمقاومة ،من أحد سكان عدن .. ومات فقيرا معدما، ولكنه ضرب لنا مثلا حيا ،في البطولة والفداء ، وينطبق عليه قول الشاعر العربي :
خلق الله للحروب رجالا ورجالا لقصعة وثريد
وفي هذا المقام، لا ننسى تضحيات الألآف ،من رجال الجنوب، في كل شبر من ترابه ،سقطوا وهم يدافعون عن كرامة الجنوب ..عندما اختاروا الموت على الحياة فداء لأهلهم ولشعبهم .. ولا زالوا أحياء في قلوبنا ، ولا شك أنهم يتألمون في قبورهم ..لما يجري اليوم من صراعات وتناحرات، وانقسامات ،بين أبناء الجنوب ،من أجل المناصب والمصالح .. ولو نطق هؤلاء الشهداء لقالوا لنا :"كفاكم عبثا بشعب الجنوب ،وثقوا أنكم لن تستعيدوه وأنتم على هذا الحال، من التشرذم والشتات والخلافات "
ونحن نقول لهؤلاء المتصارعين : كفاكم عبثا ،فعندما تموت الضمائر، يصبح الوطن حديقة دون أسوار، ولن يكون الشعب كما تريدونه قطيعا من الأغنام تتربص به الذئاب !!
عندما تموت الضمائر، وتنزع الذاكرة .. وتسلب العقول ،تهون الأوطان والأعراض ،وتسقط القيم والأخلاق .. وتباح المحظورات .. وتنعق البوم والغربان السوداء على أطلاله !!
وطن يريد الخونة من أبناءه بيعه بحفنة من المال الحرام ولكن هيهات .