لازالت الرؤية الموحدة بين الجنوبيين مفقودة وستظل أحلامهم مؤجلة في الاستقلال الناجز ومرتهنة ومقيدة وأسيرة بخلافاتهم التي طفت على السطح منذ استقلال الجنوب وحتى اليوم .. وهذا بدوره سيمنح الفرصة للقوى الدولية بالتلاعب بأقدارهم كيف شاءوا!!
وبذلك سيكررون نفس الأخطاء السابقة منذ العام 1967م عندما انزلقت قيادات الأحزاب السياسية في مرحلة الاستقلال ورهنت مستقبل الجنوب لصالح قوى خارجية في مرحلة مبكرة !!
ولعل أكثرها جموحا وبعدا عن الرؤية الوطنية الواقعية لشعبنا هي (الجبهة القومية) أو ما عرف عنها لاحقا ب "الحزب الاشتراكي اليمني" الذي ادخل الجنوب في مغامرات ودهاليز مظلمة بدءا بالتآمر مع بريطانيا لاستلام السلطة نكاية في السعودية ومصر عبد الناصر وإقصاء الرابطة وجبهة التحرير والحكومة الاتحادية مما ادخل الجنوب في دورة صراع دموي تزيد عن نصف قرن من الدماء والدموع والآلام نتيجة للسياسات الشمولية القمعية التي كانت سببا في كل الإخفاقات والصراعات في الجنوب .. والحزب الاشتراكي الذي رفع مبكرا لافتات تحمل عناوين : الاشتراكية والماركسية الثورية والثورة المضادة والعمالة والرجعية والتخوين ويسار ويمين وطغمة وزمرة حتى وزع تلك المسميات البغيضة على رفاقه من داخله في حين كان قراره بيد حلف وارسو..!!
وقد سالت الدماء انهارا تحت تلك العناوين كان آخرها حرب الرفاق في 13 يناير عام 1986م ضد بعضهم البعض مما عجل بسقوط الحزب الاشتراكي ونظامه الماركسي في براثن النظام القبلي –العسكري المتخلف في اليمن الشمالي منذ العام 1990م ولا زال شعبنا الجنوبي يدفع أثمانا باهظة من دماء أبنائه وثرواته الوطنية منذ سقوطه في مستنقع الوحدة الكاذبة حتى اليوم !!
ورغم ذلك كله لازالت التباينات السياسية والمراهقات الفكرية والرهانات الغبية والمزايدات تعصف بالمكونات الجنوبية حتى اللحظة دون أن تعتبر من كل ما مر بشعب الجنوب من نكبات ومآسي ولعلنا نستفيد من خيبات الماضي وكبواته وفشل الحاضر وضبابية المستقبل والعبرة بكل ما مر بنا ونحاول توحيد رؤانا وجهودنا وفق التالي :
1- إن استقلال ووحدة وحرية شعب الجنوب وأرضه مرهونة بشراكة حقيقية بين كافة القوى الوطنية والمكونات الاجتماعية واستيعاب الجميع في الوطن الواحد دون إقصاء أو تهميش لأحد بالتوافق والتراضي والأهم من ذلك كله إلغاء الثارات ونبش الماضي البغيض وتجاوزه والتسامح والتصالح فيما بين كافة القوى الجنوبية .
2- عدم اختزال نضال وبطولات وتاريخ شعب الجنوب في مكون واحد أو تنظيم واحد وفي الوقت نفسه إلغاء التطبيل والتمجيد للقيادات والأفراد وتعليم أبنائنا أن الولاء لله أولا ثم للوطن ثانيا.
3- استيعاب كل القوى السياسية الجنوبية وإشراكها في إدارة المرحلة الوطنية للخروج بالبلاد إلى بر الأمان ورفض الارتهان لمشاريع وشعارات خارجية أو الزج به في مغامرات وحدوية أو تحالفات ضارة بالجنوب وشعبه .
4- رفض التبعية الإقليمية والدولية ودعم استقلالية القرار الوطني وفق مصالح الجنوب العليا وعدم الارتهان تحت مسميات قومية أو شعارات كاذبة ومضللة .
5- تعميد وتأصيل الكفاءات الوطنية وضرورة الأخذ بمعايير النزاهة والمقاييس المهنية والعلمية تجنبا لتكرار الأخطاء والإخفاقات وتجنبا للصراع على السلطة .
6- رفض كل الحلول المؤقتة كالأقاليم أو الإقليمين وعدم الزج بشعبنا في أي شكل من أشكال الوحدة تجنبا لتكرار أخطاء الماضي الأليم واقتصار الشراكة مع جيراننا في إطار المصالح الاقتصادية التي تحقق مصالح شعوب المنطقة.
7- التحشد تحت راية الاستقلال وعدم الخوض في القضايا الخلافية وتأجيلها للاستفتاء الشعبي ممثلة في شكل الحكم ونوعه واسم الدولة والعلم وتأجيلها حتى نتجاوز التباينات الحالية والتركيز فقط على الاستقلال وانتزاعه من جديد واستعادة الدولة الجنوبية .
8 -انصهار كافة القوى الوطنية في 3 أو 4 مكونات رئيسية تمثل كل القوى الوطنية والشعبية الجنوبية مع احتفاظ كل تنظيم باستقلاليته الحزبية .
هذا والله نسأل أن يخرج شعبنا وشعوب المنطقة من هذه الحرب الضروس وأن يعم السلام والازدهار ربوعها .