عقارب الساعة تشير إلى التاسعة صباحاً، لم ينظر إلى دقائقها فأصبح لا يهتم إلا بالرقم الكبير الساعة فقط، أما الدقائق والثواني ليست في حسبانه الزمني. كانت سماء جدة صافية من الغيوم في ذلك الصباح كالعادة، سماء صافية وشوارع مزدحمة، ووجوه مختلفة من أوطان أخرى يقابلها في الشارع أثناء قيادة السيارة أو في العمل. ترجل من سيارته بعد أن ركنها بجانب برميل القمامة، فهو المكان المفضل له، كي يتفادا قسائم المرور، فهو يعتقد أن المرور لا يركز على الزوايا التي يركن فيها براميل القمائم. ترجل من سيارته اتجه نحو قنصلية بلاده، فقبل أن يعبر البوابة الرئيسية للقنصلية سمع صوت ينادينه باسم ليس اسمه:
"ياعبده عبده عليك أن تضع جوالك في صندوق الأمانات".
ابتسم وهو يحدث نفسه : "كلام كلام قدكم كما خلق الله وصندوق أمانات! ، فياليت أن تضعوا الوطن في صندوق خاص للأمانات".
إجراء جديد وخطوة جيدة، تمنى أن تكون المعاملة إيجابية لتجديد جوازات أفراد أسرته البالغ عددهها عشرة أشخاص.
يناديه شخص من بعيد:
"ياعبده تجديد أو إستخراج جواز جديد". لم يجبه ولم يكترث به، إعاد الرجل نفس المنوال :
" ياعبده تجديد أو إستخراج جواز جديد". رد على الرجل :
-اسمي ليس عبده، اسمي عوض.
_طيب ياعوض، إذا كان تجديد جواز عليك أن تذهب إلى شباك 25 وإذا كان إستخراج جواز جديد عليك أن تقف في الطابور المزدحم الذي أمامك.
وقف عوض وهو يتأفف من الزحمة في قنصلية وطنه، وبعد أن وصل دوره، سلم الموظف الجوازات العشرة، فطلب منه أربعة آلاف ريال سعودي مقابل تجديد عشرة جوازات. فلم يحتمل عوض المبلغ الكبير فرد على الموظف:
-يامفتري، هل هذه قنصلية وطن أو سوق لبيع الجوازات؟.
وخرج عوض من القنصلية ولم يأخذ جوازاته ولم يدفع المبلغ وهو. يهذي بطريقة هستيرية :
"يا مفتري، هل هذه قنصلية وطن أو سوق لبيع الجوازات؟"
*- عمار باطويل