مناهجنا الدراسية والأديان

2018-01-10 03:15

 

هناك شخصيات فذة ساهمت في تشكيل وعي شعوب كثيرة والهمتها أعتناق التسامح والمحبة والتعايش وقبول الأخر. من هولاء ومن حب الناس لهم بل واجلالهم من صوروهم بصور تسمو في أنسانيتها وزهدها، -الملك الهندي -بوذا-  فبلغوا من حبهم لهم،  أن اطلقوا عليه  - بالروح الطاهرة - واصبحت تعاليمه دين وعقيدة في الهند والصين بل وكثير من دول شرق اسياء .

 

 في نظر الكثيرون ان ذلك أدعى لفك اشتباك الناس ببعضها بسبب العقيدة وان ذلك يقربهم كشعوب من بعضهم. وتذكروا ان دستور - المدينة المنورة -الذي امر به الرسول ووضع بعض فصوله انه شمل المسلمين  واليهود والوثنيين والصابئة .وكان الهدف منه هو التآخي بين كل أهل المدينة المنورة .

 

لست بصدد الحديث عن شخصية بوذا الإنسان،  فنحن نخاصم الثقافة حتى اننا لا نلعم الاديان السماوية السابقة بل نلقي عليها ظلالات من الجهل او التجهيل، واصدقكم القول انه لولا نزول القرآن في -- مريم- و-عيسى- عليهم السلام  لما ذكرنا اسمائهم بل وكذلك لماذا ذكرنا أنبياء الله من بني إسرائيل جميعا ، بل كنا لن نذكر - عابدة الشمس - الملكة بلقيس - الا انها تلك -الوثنية - الحمقاء،  لولا ان جاء سيرتها في القرآن . ذلك ما ردده قبل ايام رجل دين ومسلم .

 

هل تلقينا في مدارسنا دروسا عن الاديان؟  كالدين المسيحي الذي يشكل  ثاني أهم دين بعد الإسلام ؟  وهل تلقينا دروسا عن الدين اليهودي الذي نسمي اسماء ابنائنا بأنبيائه الصالحين؟ . كل احاديثنا عن الدين اليهودي هو كلام عابر بل ومبتسر - وفي مجمل ما نقوله ونردده هو الاختلافات،  فنسينا انه يحق لنا ان ناكل من  أكلهم وان نتزوج من نسائهم وان نسمي صغارنا باسماء انبيائهم. بل  وفي - دينهم - يحرمون الزنا  يحرمون اكل الخنزير وشرب الخمر ولعب الميسر بل ويفرض دينهم الحجاب على المرأة. سيقول قائل انظر اليهم الان ولكنني لست بصدد الناس أنا بصدد التعاليم الدينية .

 

في كندا يدرسون الدين الإسلامي ولا يتوخون تشويه تلك المثل الراقية في ديننا ، من حب وتوادد وتكاتف ورحمة بلغت تلك الرحمة الرافة بالحيوان والاشجار والبيئة وعدم الأسراف في الماء والمأكل  بل وتعظيم ديننا  حب الجار وحب الناس قاطبة  والرافة باليتيم ، بل وأن ترويع مؤمن لاهون عند الله من هــدِم الكعبة .

 

يعلمون في كندا ديننا الإسلامي واليهودي ودينهم المسيحي في المدارس وينوهون أنها  متقاربة في جوهرها، و يلقنون  الاديان في مدارس كندا،  دون أدانات او تمترسات او نشر مظالم أو أختلافات او ما وقع من حروب وجوائح ، ورغم ان- الروم- واليهود-  حــُملّوا دم المسيح،  فأنهم لا يتوقفون عند هذه المثالب او الذنوب، خشية ان توغل الناس قلوبهم ضد بعضهم البعض. ويتركون توحشات وتفاصيل تواريخ العداوات والخصومات للمتخصصين من الطلاب الدارسين في الجامعات .

 

لو اننا في مناهجنا نحاول ان نضع برامج ودروس تلقي الضوء وبشكل غير عدائي على الاديان السماوية بل وحتى عن الاديان الوضعية، بل وعن المذاهب  وباسلوب يحمل رسائل التسامح والتعايش،  لتغير حالنا ولقبلنا ببعضنا ، لكنننا وبكل المٍ نبحث عن كل دسيسة او كل فرية او كل شنيعة ، لكي نشفي بها غليل حقدنا .

 

كل خطبنا الدينية لا تترك حقد او ضغينة الاّ بعثتها من مراقدها. رشدوا ونقوا وخلصوا كتب الدين ومناهجنا الدراسية من فصول التحاقدات والعداوات ورشدوا الخطاب الديني .وأخفوا الاحزان والضغائن بل والشنائع.واتركوا تفاصيلها فهي جزء من التاريخ للمتخصصين في الجامعات .

 

إن الكرام وان صحبتهمو.. ستروا القبيح واظهروا الحسنا

 

فاروق المفلحي