تعب الشعب الأيراني

2017-12-31 12:55

 

لا يوجد فقر في - إيران - بالمعنى المالي، فلدى - إيران - إحتيطات هائلة من الغاز الطبيعي ومن النفط ولديها المناجم والصناعات والحقول الخصبة الممتدة ، وخلف ذلك لديها الشعب المتعلم والتواق إلى بذل والعطاء في ميادين التقدم .

ثروات ايران كبيرة بل عظيمة، ما يمكنها من ان تنافس الدول الغربية في جعل مواطنها يعيش في بحبوحة غامرة من العيش الهني. لكنها تنفق على تنمية عضلاتها العسكرية فانهكتها، واصبحت جسداً بلا روح.

 

مرت سنوات عجاف على الشعب الإيراني الصابر المصابر .ومنذ قيام الثورة. ولت سنوات العوائد الكبيرة في تلك الحقب التي كان النفط الخام فيها يباع بما يزيد عن 130 دولار للبرميل . لم تستفد ايران من اموالها وفي أحداث النقلة التقنية والصناعية والإدارية ، وشُغلت -إيران- بمشاريعها الثورية والعقائدية وحمّلت شعبها العناءآت والتقشف وما لا يطيق .

 

كل هذا كان بسبب عدم إنتقال الجمهورية الاسلامية من الثورة إلى الدولة، ولقد أنفقت إيران ثروات طائلة في التصنيع العسكري وفي دعم الحلفاء بشكل سخي وفي البناء العسكري وتصنيع الصواريخ وشراء الطائرات بل وتصنيع الاسلحة الثقيلة، والتي لا تشكل حماية لها بل تشكل عضلات تتفاخر وتتباهى بها وتستعرض .

 

آثرت ايران التمترس وتصنيع السلاح وتربية العقائديين وبناء الجيوش وصناعة الفولاذ . نسيت ايران ان الشعب بحاجة إلى الخبز والدواء ونبذ الشحناء والتباغض والكراهات، ونسيت ان الشعب قد مل من إعادة تاريخ الإمام علي ابن ابي طالب ومظالم معاوية ومناحات كربلاء ونبش التاريخ والأحزان .

 

الشعب الإيراني كما عرفتهم في كندا، لا يعنيه هذا ابدا، ولا يهمه معركة - الصفين- ولا يعرف عن معاوية او - هند بنت عتبة - ، بل أنه غافل عن ذلك ويُسر بغفلته وجهله بهذه المناحات والمتاعب والمضنيات. هكذا الشعب - الإيراني- يميل بطبعة وسجاياه ألى التناسي ويميل الى عشقه للافكار المنفتحة ، ويعشق الغناء والسينماء والاسفار والإنترنت ، فجاء من يكلفه التعب في زمن الراحة والعزلة في زمن الإندماج والتمازج .

 

أيران اليوم تستفيق على مظاهرات غضب، وهي مظاهرات تلقائية، تعبر عن تعب الناس بما اتعبهم به الحاكم والنظام ، وكل نداء الشعب البيسط وشعاراته وأمنياته هو تحسين مستوى عيشهم ، فلا يهم المواطن البسيط الاّ لقمة العيش، فهو ليس معنيا باليمن او سوريا او لبنان او الموت لأمريكا أو تصنيع الاسلحة والصواريخ العابرة، بل ولا يهمه السلاح النووي او الذري ، ما يهم المواطن البسيط في إيران هو لقمة العيش وقرص الدواء والسكن والسكينة والهدوء مع النفس، فلقد تعب من ترديد الشعارات والثوريات.

 

حمّلت نفسها - إيران - هموم غير همومها، وقضايا غير قضايها ، فكم بذلته وانفقته إيران من مليارات في ميادين تصنيع البارود والفولاذ وصهر الحديد وبناء الجيوش والمغاوير. هذا مجد لا يعني الشعب، لهذا فلن يغفر شعب إيران لحكام ايران وقادته قسوتهم وشدتهم عليه ، وتكليفه العناء وشظف العيش.

ما يراه الشعب الايراني من -عبثية - السخاء الجنوني على الحلفاء و في إمتلاك وحشد القوة والتنمر وعرض السلاح ومنجزات مد التحالفات وتصدير الثورات والمحاربين لا يعنيه، بل يعنيه ويمسه ويؤلمه هو هذا الإنتحار وإستقبال -الشهداء- أولئك الذين لقوا حتفهم في جبهات غير جبهات الوطن، وها هو يراهم ويستقبلهم في توابيت تتوشح براية الوطن المقهور.

 

وان صمت الشعب الايراني تحت نير القهر، وألزمته القوة الإستكانة، فلن يغفر لحكامه ما عاناه من هوان ومشقات .

 

فاروق المفلحي