الإثنين الدامي، 4 ديسمبر، 2017 كان اليمن قبلة الناظرين والسامعين والشامتين.. اليوم الذي لقي فيه علي عبدالله صالح حتفه، اللهم لا شماتة، فكان ذلك اليوم حامي الوطيس في مناطق متفرقة من شمال الشمال في سياق مخطط “حدود الدم” الذي يجري تنفيذه بتقاسم ثلاثي للأدوار الذي دخل منعطفاً درامياً بمقتل علي عبدالله صالح، وهذا هو قدر البلاد والعباد، فوجدت نفسي أمام مجلة “المسيرة” (التي كانت تصدر عن شركة العهد الجديد للطباعة والنشر، ورئيس مجلس إدارتها وصاحب الامتياز العطر الذكر عبدالله عبدالمجيد الاصنج).
في سبتمبر 2001م، اي قبل (16) عاماً و(3) أشهر، وفي الصفحة (4) نشرت مادة تصدرتها عبارة “الأصنج يتكلم فاسمعوا يا أهل اليمن.. تداركوا اليمن قبل فوات الأوان” لكاتبه عبدالله الأصنج، وفي قلب المادة برواز جميل شمل المقولة المشهورة للراحل الكبير عبدالمجيد محمد سعيد الأصنج: “تقولون أخطاؤنا، فهاتوا صوابكم وكونوا بناة قبل أن تهدموا الصرحا”، وهي المقولة التي كانت تزين قاعة نادي الأدب العربي في الشيخ عثمان، وكان الاستاذ عبدالمجيد الاصنج، الشاعر الشهير ووالد عبدالله الاصنج هو عميد النادي الذي عرف بـ(مبرز العراسي) في وقت لاحق.
استهل الاستاذ عبدالله الاصنج موضوعه بأن حقيقة الديمقراطية الناشئة في اليمن يصعب الحديث عنها وسط صراخ باجمال وحكومته ومشروع التعديلات المقترحة، وتزداد المرارة ان مشروع التعديلات المقترحة يجري الحديث عنها في ظل واقع تسوده - والحديث للأستاذ الاصنج - الفوضى والانفلات والفساد وجرائم قتل ومواجهات مسلحة بين الجيش والقبائل، ويصعب فهم ما يجري وما سوف تكون عليه عواقبه.
الديمقراطية الناشئة في اليمن - بحسب الأستاذ الأصنج - لم تكن في يوم من الأيام حقيقة، بل هي مجرد شعارات واعلانات، فالانتخابات يتم تزويرها، ونتائجها تكون عادة موضع اعتراض وشكوى وطعن في مصداقيتها، وصناديق الاقتراع يتم ملؤها وتفريغها واستبدالها دون رقيب او حسيب لتعكس نتائج مطلوبة.. وهذا هو الاعتقاد السائد.
ترتفع الصرخات بين حين وآخر معززة بالاتهامات التي أطلقها الشيخ الاحمر والشيخ الزنداني وجار الله عمر وعبدالملك المخلافي وعبدالوهاب الآنسي وآخرون بأن مشروع تعديل الانتخابات قاصر في أهله وسارت الأمور من سيئ إلى أسوأ لأن المعارضة اخفقت في انتزاع قرار يوصد باب التزوير والتلاعب بالنتائج.
اليمن، بحسب الأستاذ الاصنج، غارق في بحر من الفساد ويعاني الشعب اليمني من انسحاق اجتماعي وتمايز طبقي مخيف يضرب السلام الاجتماعي في الصميم ويتضح ذلك من خلال اتساع رقعة الفقر وتزايد اعداد المحتاجين وتركيز الثروة والسلطة في أسر وشخوص ومناطق بعينها مما يشيع حالة التذمر والسخط التي قد تنفجر في أي وقت بصورة غير منضبطة وعفوية. (الناس - عدد 50). يبقى حراك الاحزاب أسيرا للهراء والسفسطة.
بحسب الاستاذ الاصنج: اوضاع اليمن تزداد سوءاً وإن استمرأ المسؤولون واستسهلوا خداع انفسهم ودسوا رؤوسهم في الرمال كما تفعل النعام، لأن حقيقة اوضاع اليمن تتناقلها تقارير المستثمرين وخبراء البنوك والصناديق واعضاء السفارات المعتمدين في صنعاء التي تبرز صورة بشعة للفشل تهدد الحاضر والمستقبل.
اختتم الأستاذ الاصنج موضوعه: فهل يتدارك الرئيس والرهط المحيط به من المغامرين خطورة الموقف قبل فوات الاوان؟ وهل تتحرك الاحزاب نحو دعوة شجاعة لتحريك الجماهير للتعبير السلمي عن احتجاجها ورفضها لمشاريع حكومة المؤتمر الشعبي من خلال المسيرات والمظاهرات والإضرابات.
سارت الأمور على ما هي عليه من بشاعة وفظاعة وحدث ما حدث فمتى نتعلم؟ وكيف الخروج من القمقم.
نسأل الله الهداية لنا والسلامة للذين طحنهم الفقر والمرض والجهل، ومن عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها.