تجمع النخبة المثقفة والمحللون السياسيون داخليا وخارجيا، قبل الإجماع الشعبي، على أن الرئاسة والحكومة الشرعية أضحت في تراجع مستمر على كافة الأصعدة، وأظهرت إدارتها فشلا ذريعا على الأرض، ولم تقدم شيئا ملموسا بالإمكان أن يعود بالنفع على المواطن، فجل وعودها عرقوبية، ومعظم توجيهاتها وهمية، وأغلب مشاريعها حجر أساس سرعان ما تتبخر.. وعلى ما يبدو إن الشيء الوحيد الذي تجيده هو أن تزيد من أرصدتها في البنوك.
هذا الواقع ليس رأيا أو تقويلا للفئات التي ذكرتها في بداية مقالي، بل هذا هو حال الشرعية، وهي سبب نفسها بنفسها، حيث سلمت نفسها لقوى نفوذ اختطفت قرارها وأصبحت تتلاعب بها حسب ما تقتضيه مصالحها، والشواهد على واقعها كثيرة، سوف أشير إلى أبرزها:
- فضيحة تهريب الأموال عبر ميناء عدن، تبين أن الحكومة غير واثقة من شرعيتها، وتظهر نفسها على أن من ينتمون لها هم مجموعة من اللصوص.
- التوجيهات التي صدرت باسم عمليات الرئاسة، أتى خطاب الرئيس هادي لرئيس الحكومة بعدم اعتماد أي توجيه إلا بمذكرة رسمية، ليظهر أن قرار الرئاسة مرتهن لقوى نفوذ محسوبة على الإصلاح.
- المادة الإعلامية التي تبثها وسائل الإعلام التابعة للحكومة الشرعية هي الأخرى مختطفة من قبل جهات معينة، وصل بها الأمر لتهاجم الجنوب والتحالف.
- أزمة المشتقات النفطية التي نعيش دوامتها منذ سنتين تعود لكون قوى نفوذ هي من تحتكر وتتحكم بملف المشتقات النفطية، والحكومة والرئاسة تجري مباحثات ووساطات لعدة أيام تترجى فيها قوى النفوذ حتى تمون السوق المحلية بفتات من المشتقات النفطية.
- تمرد مأرب عن توريد الإيرادات المحلية وايرادات الغاز إلى البنك المركزي بعدن، يؤكد أيضاً هشاشة قرار الشرعية.
ومع كل هذا تستمر الشرعية في إطلاق الوعود والتوجيهات دون حياء منها، وتتمظهر بأنها صاحبة قرار وتحقق إنجازات على الأرض!.. وآخر ما صدر عن الشرعية - المنعدمة الحياء - هو توجيهها بصرف راتب شهر للجيش والأمن من أصل ثمانية أشهر متأخرات، وفوق هذا تتغنى به على أنه منجز.
كل هذه الشواهد وغيرها من الوقائع المماثلة والمشابهة توحي للمتابع الكريم حقيقة الشرعية المختطفة بيد قوى النفوذ التي تهوي بها نحو السقوط من خلال السير بها من فشل إلى آخر.. تبين للجميع أن الشرعية هي من أفشل نفسها بنفسها، وهي من أوصل وضعها إلى هذا الحال، فانظروا إلى حال الشرعية قبل عام وإلى حالها اليوم.
طبعا لا تصدقوا بعض الوسائل الإعلامية والإعلاميين ممن أسقتهم (شاي بالياسمين) ليبرروا إفشال الحكومة لنفسها بإلقاء اللوم على الآخرين، أكان التحالف أو الجنوبيين، والدليل على ذلك هو أن المجتمع الدولي كان، ومنذ ما بعد التحرير، لا يتعاطى مع الانقلابيين، في حين صار الآن يتعاطى معهم علنا، وفي إحاطة ولد الشيخ الأخيرة ذكر - وبصريح العبارة - أن هناك تجار حروب هم من يستفيدون من استمرار الوضع على حساب المواطنين.
فهل تدرك الشرعية حقيقة أن ارتهانها لقوى النفوذ الذين مازال بعضهم على دين المخلوع، واختطاف قرارها من قبل الإصلاح سيهوي بها وبهم نحو السقوط، حينها لن تفيدهم أرصدتهم في البنوك، فلربما تجمد، ولن تجد من يتناول من يدها الشاي بالياسمين!!
*- الأيام