في مثل هذه الأيام تحل علينا الذكرى الثالثة لحادثة هدم وإزالة أحد اهم المعالم السياحية والأثرية بمدينة تريم عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2010 م وهو قصر الرياض التاريخي الواقع وسط مدينة تريم التاريخية .
تمت تسويت هذا المعلم الأثري بالأرض وتمت إزالة بقاياه ورغم الضجة الكبيرة التي صاحبت تلك الواقعة لكن مرت ثلاث سنوات مرور الكرام فلا أذنا سمعت ولا عينا بصرت ولا حلا خطر على قلب بشر .
ورغم مرور ثلاث سنوات تواصلت عمليات العض والنهش لأماكن أثرية اخرى فاغلب القصور والمعالم التراثية الموجودة في تريم وخاصة تلك الموجودة في الأماكن العامة تعرضت للكثير من التشويه العمراني والاستحداث وتحولت الى محلات تجارية وتم تأجيرها للكثير من المواطن وهذا على ما اعتقد مخالف لقوانين التراث والسياحة في بلادنا ، أما بالنسبة لتلك المعالم السياحية و الأثرية البعيدة من الأماكن العامة فقد تعرض بعضها للهدم والإهمال والبعض الاخر تم تأجيره ولا ندري عن عمليات الهدم والتشوية تلك تحت أي مبرر ومسمى تمت .
مدينة تريم ومعالمها التاريخية وحتى مكانتها الثقافية تمر حقيقة بأزمة خانقة وتحديات مفتعلة اخذت اشكال متنوعة وصور مختلفة تتكامل فيما بينها لتنتج واقع مزري ومتناقض مع ما هو معروف عن هذه المدينة الصامدة وكأن هناك من يرسم مستقبل مختلف يسعى إلى إنتاجه لهذه المدينة بحيث طال عبثه جميع المجالات .
التعدي على واحات النخيل والبساتين والمزارع المحيطة بالمدينة بلغ مداه خلال السنوات الماضية وتحولت في اغلبها إلى محلات تجارية ومخططات سكنية لمستثمرين يتم بيعها للمواطنين أو تأجيرها ، تلاعب باراضي الدولة وسطو على أراضي الضعفاء ، سماسرة ينهبون وتجار يشترون ويبيضون تلك الأراضي ويعرضونها مرة أخرى للبيع والاستثمار .
أما المظهر العام للمدينة فإنه غارق في التشويه شوارع متقطعه اوصالها حفر متناثرة مياه مجاري سائبة تجري على امتداد الشوارع العامة تحاصر بعض البيوت والاحياء والمدارس سنوات وهذا الوضع لم يتغير شوارع متسخة يوخذ منها المخلفات البستيكية وتتراكم فيها الأتربة ، مواطنون لا يعلمون إلى أين يأخذون القمامة فيرمونها في الشوارع العامة لتاخذها سيارة البلدية التي لا تستطيع التحرك إلا مسافات وأماكن محددة ، عمال متعاقدون ليس لهم أي قيمة أو اعتبار من جانب المواطن ومن جانب مكتب البلدية وهناك من افنى عمره منهم بهذه المؤسسة دون أن يتوظف أو يتقاعد بشرف واطمئنان على مستقبل أطفاله وأسرته .
أما الجانب الثقافي فحدث ولا حرج تصحر علمي وغزو فكري وتسابق مذهبي على بناء المساجد والجوامع تحديات جدية لثقافة التعايش الطبقي التي عرفتها تريم مؤسسات تنشئة متضادة ومتناقضة في أهدافها إذاعات محلية حزبية وطائفية وتجارية تطل على مسامعنا كل صباح تعمل دون ضابط أو قيد ولا نعلم فربما أيضا لا تملك تصريح لنشاطها اليومي المستمر .
هذا حصاد سنوات من التيه والعزلة التي تعيشها تريم وسلطاتها السياسية والسياحية والثقافية والدينة التي تعاني هرولة حقيقية وأنزلاق خطير إلى منحدر غامض تشارك فيه هذه السلطات بقصد أو بدونه الأمر الذي يتطلب منها وقفة جادة لتصحيح المسار واقاف ذلك النزيف في الثقافة العامة والترهل في الذوق والاخلاق الذي يحدثه اهمال هذه السلطات وعدم تعاطيها معه بمسؤولية وأمانة لحد اليوم .
*- وجدي صبيح
#منتدى_السياسية_والإعلام