كنت كثيرا ما اقابل ابناء الصومال التي مزقت بلادهم الحرب، واجلس في حديث مطول معهم، اتحدث عن شجون وهموم واهوال الحرب التي مزقت بلادهم، وهي بلاد الثروات والرزاعة والثروة السمكية بشوطىء عظيمة بل واشتهرتبثرواتها الحيوانية من إبل وابقار. والصومال عربية الاصل واللغة والتاريخ ،وهي بلاد الفرسان، اشجع من عرفنا في صبرهم وقتالهم.
من احاديثي مع احد اللاجئين الصوماليين في عدن قال لي ، انه يشعر في اليمن وكانه في الصومال، فلا تتجهمه الوجووه ولا تصعر له الخدود ولا تضيق الناس به، وهو يتجول او يسافر او يطلب العمل الشريف في مزرعة او ورشة او حتى في غسل السيارات. كانوا لا يحملون أوراقهم فاوراقهم هي ملامحهم في انهم في كنف الاخيار.
كنت اطيل التأمل عندما كنت ارى سيدات صوماليات يطلبن من المحلات ويجلسن امام بعض -المخبازات- يطلبن بعض العون فلا يتعرضن للنهر او المضايقات . تعجبت ان في المحلات من يكدس العملات المعدنية في درجه وبكميات كبيرة ! وسالت احد الاشخاص لماذا تهتمون بجمع - الفكة-؟ فقال نوزعها على من يمر بطلب المساعدة، وقرش منها وقرش من هناك تعيش اسرة.
كنت قد تعرفت على صديق صومالي كان يساعدني في تنظيف السيارة، ولكنه شديد الإعتداد بنفسه الى درجة ان قلت له في احد الايام ان السيارة لا تبدو نظيفة فرمي الخرقة وصرخ في وجهي! ونهرني وقال - دور لك شخص آخر والذي عندكم مسامح به - هكذا هم فرسان وشموخ وكبرياء وأنفة .
كنت اغدق على صديقي - محمود - في بعض المناسبات وحسب ظروفي، وفي احد الايام التقيته وعلى محياه طيف إبتسامة تنم بل تلهج بفرحة غامرة! سالته ماذا هناك يا محمود؟ هل اعلن وقفت اطلاق النار في مقديشو؟ فرد لا بل وضعت زوجتي طفلا وسميته- فاروق- قلت هذا اسمي وهل تعنيني بذلك؟ قال نعم !!غمرته بعناقي وودي وقدرت ثقته وقلت سازوركم الى بيتكم في البساتين.
كانوا سائقي الدبابات او الحافلات الصغيرة لا يكلفون اجور النقل للاخوة الصوماليين، بل ومنهم من يوصله بسيارة -البيجو- في رحلة بعيدة الى- رداع - للعمل في مزارع القالت، ولقد انتعشت زراعة القات هناك بسبب هذه العمالة المجالدة .
في احد المرات كان معنا 3 من الصومال رغبوا في السفرالى صنعاء ، فكان ان ساعدهم صاحب السيارة بان طلب منهم دفع نصف المبلغ فقط . وعندما اقتربنا من نقطة تفتيش انزلهم !! قلت وكيف ستتركهم هنا يسيرون حتى صنعاء!؟ قال لا.. ولكنني سانتظرهم بعد النقطة. وكان ان انتظر حتى وصلوا فاركبهم الى صنعاء.
هناك من رايته يقدم لهم الطعام المجاني في المخبازة ، وهناك من رايته من المهاجرين اليمنيين في الخليج ، من رايته يدفع بسخاء الى نسوة يحملن اطفالهن معهن ، وهناك جنود وشرطة يمرون فلا يخافون منهم ابناء الصومال ، بل ويتحدثون الشرطة والامن معهم حديث المتعاطف المتأسي لأحوالهم وعناءآتهم.
تحدث عنا بالامس رئيس الصومال في قمة افريقيا، تحدث بكل أعجاب وحب وإعزاز عن ابناء اليمن، وقال لقد احتضنت اليمن مليون ونصف من اللاجئين في ذروة معاناتها مع الفقر والحروب ، ولقد كانوا كرماء وأخيار، واليوم بلادنا تشرع لهم حدودها وارضها للعيش معنا فلقد احسنوا مثوانا في مضنيات الايام وأعسرها.
نعم نحن كنا ولا زلنا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . أرق افئدة وألين قلوب.