سؤال كبير يطرح نفسه ويبقى دون إجابة شافية وهو :
لماذا نشهد ظاهرة تجدد الخلافات (الجنوبية – الجنوبية) التي تثور بين الحين والآخر كبركان فيزوف , أو بركان عدن الخامد الذي يغلي كصدور أبناء الجنوب ضد بعضهم بعضاً .
حتى أصبح المواطن الجنوبي يقف محتاراً ..من كثرة الخلافات السياسية الجنوبية , ولا يجد سبباً مقنعا لها، وعندما يدعى للاحتشاد في الفعاليات والمناسبات الوطنية يلبي النداء.. على أمل وحدة الصف الجنوبي ، وبعد انتهاء الاحتشاد يخيب أمله ،ويعود الانقسام بينهم من جديد كالتالي :
- الأحزاب السياسية الجنوبية أو بقاياها بما في ذلك الحراك الجنوبي منقسمة وليست لها رؤية موحدة.
- هناك بعض الشخصيات الجنوبية التي تستظل بالشرعية تسرق كل شيء وأصبحت أكثر فساداً من الشماليين أنفسهم !!
- القبائل الجنوبية مخترقة وتنهشها العنصرية وتبث سمومها في كل مكان .
- تفشي المناطقية في محافظات الجنوب بالإضافة إلى ذلك كله نجد أن كل قبيلة منقسمة على نفسها وكل قسم له أجندته الخاصة , حتى أصبح الجنوب دون مرجعيات سياسية أو قبلية , ويعيش حالة من التمرد والفوضى وهذا سر ضعفه .. وعندما نبحث عن سبب هذه الانقسامات لا نجد مبرراً لها إلا الأنانية والتسابق على بيع الذمم والعيش على الفتات الذي تقدمه أطراف داخلية ،وتعمل على شحن الجنوبيين ضد بعضهم البعض .
- هناك أبواق مأجورة في مختلف الوسائل الإعلامية باعت نفسها وتروج للفتن وتشب نيران الخلافات بين الجنوبيين , وتوظفها لصالح الغزاة الانقلابيين ومخابراتهم ومطابخهم الإعلامية.
إن الدروس القاسية والأحداث المدمرة التي ضربت الجنوب منذ الاستقلال عام 1967م وحتى الأمس القريب كفيلة بأن يستنبط منها أبناء الجنوب أعظم الدروس وابلغ العبر..حتى يؤسسوا لوحدة وطنية حقيقية فيما بينهم ويتصالحوا مع أنفسهم , ويلقون بخلافاتهم في عرض البحر !!
ولكن مع الأسف الشديد نرى أن التشظي السياسي الحاد في المشهد الجنوبي يجعل استعادة دولة الجنوب في حكم المستبعد في ظل الانقسامات التالية :
- الأول : أن مسألة الوحدة في ظل الحرب اليمنية تبقى مثيرة للخلافات السياسية وقابلة للاستغلال من الأطراف الإقليمية والدولية وفق مصالحها .
- الثاني : الشماليون مهما اختلفوا تظل لهم رؤية موحدة تنطلق من هدف متفق عليه فيما بينهم جميعاً وهو أن يظل الجنوب بكامله تحت وصايتهم وتحت شعار : (الوحدة اليمنية .. خط أحمر ) .
- الثالث : ضعف الموقف الجنوبي وتناقض رؤيته , وهناك من يدعو إلى استعادة الدولة بالكامل , وقسم يدعو إلى الفيدرالية مع اليمن , وقسم ذيلي باع نفسه للمتنفذين الشماليين أصحاب المصالح الكبرى ممن ينهبون ثروات الجنوب .
الرابع : هناك قوى تقليدية وزعامات تاريخية مثل السلاطين وبعض المشايخ وهؤلاء فقدوا ولاء قبائلهم لقلة ذات اليد بعد أن أصبح الولاء يشترى في هذا الزمن الرديء ، وهم لا يؤمنون برؤية الأحزاب السياسية والزعامات التي حكمت الجنوب بعد الاستقلال لأنها تسببت بكل الإخفاقات ودمرت الجنوب أرضا وإنسانا وهي المسئولة عن كل الضربات القاتلة والانتكاسات التي ضربت الجنوب .
في حين لازالت الأحزاب السياسية الجنوبية أو بقاياها تحمل تراكمات من الحقد والغل على حكام الجنوب السابقين من سلاطين وأمراء , ولازالت أدبيات تلك الأحزاب تنعتهم بعملاء الاستعمار !!
في حين أن هؤلاء الثورجيين نسوا تاريخهم الحافل بالعمالة للدول الشيوعية إبان الحرب الباردة وتناسوا أنهم وحدهم من ضرب اللحمة الجنوبية ومن أورد شعب الجنوب دروب المهالك , وهم من زج به في وحدة التيه والضياع !!
وهناك أحزاب هرمت وأكل عليها الدهر وشرب وأصبحت عاجزة عن مواكبة الأحداث وفقدت قواعدها الشعبية !!
وهناك من هذا وذاك.. زعامات سابقة في الخارج , وتحت أيديها ملايين الدولارات اغتصبتها أثناء حكمها أو اكتسبتها ارتزاقاً باسم قضية الجنوب وتطل علينا في المناسبات الوطنية في حين يعيش الشرفاء من أبناء الجنوب على الكفاف داخل وخارج وطنهم ولازالوا خارج اللعبة السياسية