نشر الباحث الفرنسي فرانك مرميه المختص في الشئون اليمنية والرئيس السابق للمركز الفرنسي للدراسات اليمنية في العام 1993م بحثاً بعنوان "كومونة صنعاء" تناول فيه وضع العاصمة في القرن التاسع عشر، ومِما جاء فيه:
" وتبدو صنعاء ممراً لا بد منه لكل من يدّعي الإمامة، ويسعى إلى اكتساب شرعية، وإلى سماع لقبه يُرَدّد من على منبر الجامع الكبير. لقد تحولت صنعاء إلى فريسة دسمة تشتهيها القبائل، استكمالاً لهذا التعبير المجازي يمكن القول بأن صنعاء صارت مناراً مضيئاً تنهار عنده كل المحاولات الرامية إلى إنشاء دولة إمامية مستقرة".
لقد وَرِثت منصة ميدان السبعين الدور الذي اداه منبر الجامع الكبير في إذاعة وإشهار اسم صاحب السلطة لِما للأول من مكانة رمزية بعد دولة ما بعد الإمامة، وهذا لا يُعبّر عن إنزياح مكاني فقط، ولكنه يؤشر على اختلاف الشرعيات المنشودة، واختلاف طرق الحصول عليها أيضاً، وإن كان أمر الحصول على الشرعية في المكانين/المنصتين لا يتعدى على أن يكون مجرد مناسبة شكلية، إذ أن "شرعية السلطة" كانت، وما زالت، تُكتسب وفقاً لقانون الغلبة.
يبقى السؤال الأهم في عمق هذه المعمعة، كيف ستبدو صنعاء غداً وهي تتوزع بين العسكر، والقبائل، والإمامة الصِرفة!
آمين اليافعي