وفق العادات والتقاليد اليمنية في الزواج، فإنه يمكن القول: إن من هم من مواليد يوم 27 أبريل 2003م، يوم إجراء انتخابات مجلس النواب اليمني، قد أصبحوا متزوجين وربما أرباب أسر، ولديهم أطفال، تتساوى عقولهم وتفكيرهم مع عقول وتفكير بعض النواب، بل إن بعضاً من هؤلاء الأطفال أصبح يتعلم ويتحدث الإنكليزية، في حين هؤلاء النواب لم يتعلموا العربية بعد.
إذن، نحن أمام برلمان أثري، يعج بالعجائب والغرائب، برلمان انتهت صلاحيته، بعد أن تجاوز عمره أربعة عشر عاماً، وبه عشرة أعضاء من أسرة واحدة أحدهم نائب للرئيس، ومن أعضائه شيوخ قبائل وباعة قات لا يجيدون القراءة والكتابة، كما أن به أطفالاً قصر من أولاد المسؤولين، وكثير من هؤلاء لم ينتخبهم أحد، وخسروا المنافسة لكنهم فازوا لأن «عفاش قال لازم يفوزوا».
ومن غرائب هذا البرلمان أن الأغلبية المطلقة فيه تمثل حزباً هو الأكثر فساداً وفوضوية، وكل العالم مجمع اليوم على مغادرته السلطة، ومع ذلك ما زال هؤلاء البرلمانيون متمسكين بشعار «ما لنا إلا علي».
والأغرب أن هذا البرلمان يُعدّ، دستورياً، في حكم المعلّق؛ حيث أوقفته المبادرة الخليجية التي حلّت محل الدستور، وجعلت قراراته بالتوافق، بمعنى أن لا جدوى منه ولا من أعضائه وشيوخه، سوى الحضور للتصويت على ما يتوافق عليه السياسيون في مؤسسات الدولة الأخرى أو بتوجيهات خارجية، مقابل «جعالة» لهؤلاء الشيوخ والأطفال، تزيد عن مليون ريال شهرياً ومثلها تطبيب سنويا
يقال، والعهدة على من قال، إن هذا البرلمان، وهو في نظر كثيرين يُعدّ الأبشع في العالم، يراد له أن يلتئم في عدن، لا لشيء، سوى ليقال إن لدى هذه الشرعية الهشة برلماناً وحكومة ومؤسسات دولة مثلها مثل أي دولة.
ما تتجاهله الشرعية هو حقيقة أنه، ومنذ أن أعلنت جمهورية عفاش الديمقراطية عن برلمانها الغريب، باتت لدى شرائح واسعة من الناس عقدة وكراهية لشيء اسمه برلمان، وأصبحوا ينظرون لمسمى الديمقراطية باعتبارها رديفاً للقبح والتخلف وتمرير للفساد باسم الشعب المغلوب على أمره، ما يعني أن لعبة اجتماع هذا البرلمان في عدن إنما تعزز من كراهية للناس للشرعية، ولا تفيد في شيء.
على الشرعية والتحالف إدراك حقيقة أن برلمانياً لم ينجح في الانتخابات إلا بالتزوير، ومؤهلاته في أحسن الأحوال هي إجادة القراءة والكتابة، هو في الواقع أعجز عن أن يحل مشكلات بلد عجزت عن حلها الأمم المتحدة وبن عمر وولد الشيخ، إلا إذا كان يراد لهذا البرلماني أن يكون محللاً لمسائل محرمة، يخجل السياسيون من فعلها بأسمائهم وصفاتهم.
وأما جنوباً، فمن المعيب أن يُستخدم برلمان معاق بهذه الصورة في استفزاز الملايين التي قاطعت انتخاباته، وترفض الإعتراف به، وتعتبره استمراراً لنهج وسلوك عفاش، وحليفه في احتلال الجنوب ونهبه، حزب «الإصلاح». وهي ذات الجماهير التي هزمت مشروع عفاش والحوثي، وقدمت في سبيل ذلك آلاف الشهداء والجرحى.
على الأشقاء في التحالف، وفي السلطة الشرعية، أن يعوا جيداً، أن برلماناً عفاشياً بشعاً كهذا البرلمان إنما يستحق أن يعلَن حلّه أو الحجر عليه، ومحاسبته على ما أنفق عليه في انتخابات هزلية، ومزورة، ثم ما أنفقه في مسلسل جلساته الإعتباطية التي استمرت لنحو ثلاثة عشر عاماً، ظل خلالها مشغولاً بكيفية منح الشيخ «الإصلاحي»، محمد الحزمي، رخصة شرعية ودستورية في الزواج من بنات قصر تأسياً بالرسول الأعظم محمد (ص)، الذي يقول الحزمي إنه تزوج عائشة وعمرها تسع سنين.
على التحالف وعلى الشرعية أن يتيقنوا جيداً أن هؤلاء البرلمانيين، باستثناء قلة، إنما قدموا صورة مشوهة عن الديمقراطية وعن السلطات التشريعية، وبالتالي فهم أعجز من أن يقدموا حلولاً تحسن الصورة المشوهة والبشعة لهذه الشرعية، خاصة في الجنوب، حيث ينظر للشرعية بكل مؤسساتها بصفتها مؤسسات نهب وتخريب وفساد، لا مؤسسات دولة تستحق أن يقف إلى جوارها الناس رغم حاجتهم لهذه الدولة ومؤسساتها.