عودة ‘‘ الأيام‘‘ وكلام في الفارس والإنسان هشام

2017-08-01 13:26

 

عادت «الأيام» إلى الظهور يوم الإثنين 24 يوليو 2007، وتلقيت مئات التهاني (شفاهة) من رجال ونساء عدن أثناء سيري في شوارع كريتر والشيخ عثمان أو فوق (هايس) الذهاب إلى المكتب أو (بيجوت) العودة إلى بيتي.. نساء من وراء الأبواب: مبروك عودة «الأيام» يا بو جهاد.. غمرني إحساس بأني صاحب الصحيفة، إلا أن إحساساً مغايراً حل محله ومفاده أنني أحد أفراد أسرة الصحيفة إلا أن الحديث عن «الأيام» مرتبط بالضرورة بهشام باشراحيل.

 

هشام باشراحيل المولود في مدينة التواهي في 16 يونيو 1944 والمتوفى في 16 يونيو 2012م في العاصمة الألمانية برلين، نشأ شجاعاً وإنسانا ومحباً لأعزائه واجتماعيا بالطول والعرض.

 

عرفه زملاؤه وأصدقاؤه في سنوات الدراسة إنسانا ووطنياً ونصيرا للمظلوم أو المستضعف، وسمعنا وعرفنا عن هشام على مستوى كريتر وعبدالحميد الأصنج على مستوى الشيخ عثمان والقوصي على مستوى التواهي فإذا تعرض أي ضعيف للاعتداء تجد أحد هؤلاء الثلاثة يبادرون المعتدي بالصفع والضرب بالقبضة ويكملها بالمدراجة (الجودو العدنية)، كنا نخاف إذا رأينا هشاما على دراجته النارية (تعادل دراجتين ونصف من دراجات هذه الأيام)، وكان - رحمه الله - لا يدخلها البيت خوفا من والده لأنك إذا رأيت هشاما أو غير هشام تتيقن تماماً انه شهيد طائر.

 

أخرج هشام مع شقيقه تمام صحيفتهما «الأيام» بعد الوحدة مرتين أسبوعياً ثم يومياً (باستثناء الجمعة) ثم على مدار الأسبوع إلى جانب «الأيام» الرياضي مرتين اسبوعياً.. وكانت «الأيام» الأوسع انتشاراً وكانت مؤسسة «الأيام» للطباعة والنشر والتوزيع ناجحة وكل هذا النجاح بفضل المهنية العالمية والإدارة المتمرسة، وكان هشام وتمام عاشقين للعمل، وكانا ميدانيين وأصبح لمؤسسة «الأيام» كل التجهيزات المطلوبة لنجاح العمل، كانت هناك أجهزة الطباعة والتصفيف والتكييف والنقل، وشهدت المؤسسة تطوراً كبيرا في وقت قياسي، وكانت البنوك توافق على طلب الاقتراض لأن مؤسسة «الأيام» كانت المؤسسة الأكثر التزاما سواء القروض.

 

كانت السلطة تمتلك وسائل إعلام مرئية ومسموعة ومقروءة بالهبل، وكانت تصدر صحفا ومجلات خارجية لتلميع الوجه القبيح للسلطة، إلا أن «الأيام» كانت هي الأقوى، لأنها جسدت كينونتها كسلطة رابعة أو صاحبة الجلالة الصحافة، ومارست وظيفتها بمهنية عالية مصحوبة بتقوى الله لأنها كانت نصيرة للمظلومين والمستضعفين، وأذكر أن هشاما أبلغني في يوم من الأيام: “يا بو جهاد.. هذا العمل يقربنا من الله كثيراً، ولولا هذا العمل لضربنا علي عبدالله بالسكود”.

 

استعاذ الحبيب المصطفى من ثلاث: العجز والكسل وغلبة الدين وقهر الرجال، كان هشام - رحمه الله - رجلاً شجاعاً لا تلين له قناة.. كان إذا سمع أن فلانا وفلانا أساءا إليه وأنهما موجودان في مقهى فلتان كان يتحرك بدراجته النارية أو سيارته ويداهم المقهى بالضرب بالكراسي على المسيئين له ويجد رواد المقهى والمارة صعوبة في تخليص خصميه من قبضته.. قلت هذا هو هشام واسمحوا لي أن أقدم إقرارا مشفوعا بقسم:أنا نجيب محمد يابلي أشهد الله على نفسي بالجزم لو أن علي عبدالله صالح وعلي محسن الأحمر لم يكونا في موقع المسؤولية وأنهما أساءا إليه وبلغه أنهما في المقهى الفلاني سيداهم المقهى وسيستخدم كراسي المقهى وقبضته الحديدية ومهارته في استخدام الرأس (للردع) وسيجد كل من في المقهى صعوبة في تخليص الصنعانيين المسيئين لهشام..

 

أخلص هشام وتفانى في خدمة أصدقائه، كان محبا من نوع عجيب وغريب ذلك بأن كانت له حاسة سادسة فقد وصلت إلى ديوان «الأيام» في عصر الأيام واكتشفت أنني نسيت القات في البيت وبصمت قمت من مقعدي صوب باب المنتدى فصاح هشام: أبو جهاد إلى فين؟ قلت له: إلى البقالة، يا أبوباشا كلها خمس دقائق.. ظل هشام يصيح: أبو جهاد، طيب اصبر با قول لك، وأنا مستمر في السير إلى ضالتي، فهرول إلى الدرج (السلم) ولحقني وقال بانفعال: والله لنسكها مدراجة هنا.. أنا عارف ليش أنت مشيت.. أنت نسيت القات في البيت.. هيا والله وتربة هناء (توأم هاني) أنه معي قات زايد في البيت.. أيش عاد باقي؟!.. وصاح: يا باشا! (أي يا أهل البيت) وظهر أفراد الأسرة وقال له هشام: اجدلوا بالقات اللي في الثلاجة.. جدلوا بالقات وسلمني إياه هشام .. فدمعت عيني إلى هذا الحد أنت تحب أحبابك ياهشام..

 

هذا طلب حميد فكم طلبك يا هشام.؟

 

نشرت لي الزميلة (الجنوبية) في 12 أغسطس 2012م موضوعا موسوماً (اللي اختشوا ماتوا .. حميد الأحمر يطلب مليار دولار!! وكم ستطلب «الأيام»؟)، وادعى حميد أنه تعرض في مصرفه “سبأ” وفي شركة اتصالاته “سبأ” خسائر وجهها إلى الحكومة، مع أن بنك التضامن وشركة “MTN” لم يمارسا أي ابتزاز رغم أن بيت الأحمر سيحوز على نصيب الأسد في الميزانية الضخمة لمصلحة شؤون القبائل، ومن اللجنة الخاصة السعودية وكلاهما مال سحت نهى عنه الإسلام، وأنا تزافعت في المقال نيابة عن «الأيام» إذا كانت هذه مزاعم حميد الأحمر والمطالبة بمليار دولار فما مبلغ التعويض المشروع لـ«الأيام»؟

 

إلى موضوع قادم آخر مع هشام الذي مات قهرا، ورسول الله استعاذ من “قهر الرجال” وآه يا سيد الرجال هشام من أفعال الأنذال من أشباه الرجال.