صراع الخوفين .. "هيمنة..تبعية.. تآمر .. تصفيات " صالح علي الدويل باراس

2012-09-02 20:43

 

صراع الخوفين .. "هيمنة..تبعية.. تآمر .. تصفيات - صالح علي الدويل باراس

ان من المسكوت عنه وتؤكده وقائع التاريخ ان صنعاء تفرض مشروعها السياسي  من مركز وطرف، سيّد وتابع ، هيمنة وتبعية والتغيير من عدمه تتحكم به هذه الثنائية والخوف الممتد في وعي طرفيها،خوف السيادة من التبعية، خوف مركز لا يقبل للتابع شراكة في صنع القرار اعترفنا بذلك ام  أنكرناه!! خوف جعل "المركز" المنقسم يتوافق ويخنق ثورة الشباب  ، ومن السذاجة والتخدير ربط ذلك  ب"والحكمة يمانية"!! فخنق الثورة ارتبط بعوامل صنعت "مركز" مهيمن على "حفنة تراب ومراع ومحتطبات" هو الوطن عند شيخ المركز عبدالله الاحمر!! ،وعوامل  أخضعت طرف "تابع" مخدوع بوهم الوطن!!.  ففي التاريخ القريب تنادت عنصرية القبيلة لمؤتمر "خمر وما تلاه" وألتفت وتآمرت ومنعت انقلاب سبتمبر ان يحقق التغيير!! وجمّعت"مركزها" بقواه الدينية العسكرية ليرث السلالية الدينية  واستحوذ بمقومات البلاد والعباد حتى انقسمت مصالحه وأبرزت انقسامه بين شارع السلطة وشارع الثورة  وواجهها بقوة وبطش وخنق بالعناق وجعلها "هايد بارك" وأدخل دوره السياسي "أحزاب المشترك والمؤتمر" لتتعامل مع"المبادرة الخليجية" وقزّم  الثورة فصارت "أزمة مركز"  ثبّتت المبادرة المركز حتى يعيد إنتاج نفسه بالانتخابات!!

اثبت  المركز انه يصدر إستراتيجية هيمنة وتآمر، يخاف المستقبل لانه سلب من ماضي وحاضر "التابع" حقوقه، ويحتكر أدوات البطش، وهو نشا على خلفية مركز تشيّع زيدي يقدّس الخروج بالسيف ونما من وسط قبلي مهنته تاريخيا الحرب والنهب كان  يحتاج التميّز المذهبي لإضفاء شرعية على ثقافة النهب والتآمر والاستعلاء لديه ولمّا رحلت الإمامة استبدلها عبر عملية تآمرية بمركز "عنصرية القبيلة"  للحفاظ على تماسكه وفرض مفهومه للمواطنة والوطن والسيطرة والنفوذ ، واحتمى بمعادلات الحرب الباردة التي رسّخت نفوذه وقوته وعلاقاته وتنكّر الزيديّة عندما أجدبت مزاياها المالية والسياسية وفرض التبعية على مكونات قبلية ومناطقية كانت متكافئة معه قبل انقلاب سبتمبر فظهرت "قضية الحوثي" !! ،وهيمن على المشروعين الاخواني والوهابي ووظف مزاياهما المالية والدينية وربطهما بمناطقه "صنعاء،دمّاج" وبرموزه "الزنداني،الوادعي وغيرهم" وجعل المشروعين من أدواته للسيطرة على الطرف التابع  !! وهيمن على الاحزاب وجعلها أوعية لتثبيت "وطنية مصالحه" وحمايتها في السلطة والثروة وجعل مؤسسات مسمى الدولة أوكارا ملّكت عائلاته الثروة العامة عبر تجارة السلطة والنفوذ ورعت عائلاته المتنفذة التهريب وتدمير العائلات التجارية التي لا تنتمي إليه او لا ترضى ان تكون واجهات له!!  وهيمن على ولاء الاحزاب وعلى ولاء القوات العسكرية والأمنية. ..الخ

إمّا التابع فنشأ تاريخيا على خلفية سنيّة شافعية ، كان ومازال مقموعا ومحروما من امتلاك أدوات القوة، غير متماسك ، تابع لقوى "المركز" منقاد لها، مواطنته متدنية غير مؤهّل أن يدير نفسه، لا تتجاوز شراكته دور الموظّف!!، أرضه مباحة للغزو، ونهبها جهاد، ومذهبه عرضة للتكفير، ووجاهته متشظية عدا استزراع ولاءات لقيادته تنتمي للمركز السيّد !! هذا الطرف يخاف من الماضي ومثقل به لكن خوفه هش غير متماسك،ينقاد لشعارات المركز عن الوطن والإسلام والوحدة والحوار ودولة النظام..الخ ولم يفرض ما يحقق شراكته من وقائع  على الأرض .

إن العلاقة بين المركز والطرف علاقة خوف المستقبل من الماضي وبالعكس ، علاقة  سيّد لن يقبل شراكة التابع!!ورغم ان صراع المصالح قسم المركز الى قوتين متضادتين لكن قواه الآن يصفّون القوى التي ستهدد مركزهم من خارجه، اما ان تكون بديلا له، او تتطلع لشراكته في القرار، او القوى التي تهدد مشروعه الإحتلالي لكي لا تبقى قوة ذات وزن في الساحة الا قوتي المركز المنقسم!!، وتفجير اللجان الشعبية وتصفية القادة الجنوبيين الموالين للرئيس هادي تحمل بصمات المركز على شمّاعة القاعدة ومن المؤكد ان القاعدة او مسماها ستبدأ دورة جديدة لحماية مصالح المركز في الجنوب !! وستنتقل الى تعز وغيرها من مناطق التابع تحت نفس اللافتة او غيرها، والتاريخ يثبت ذلك فمع بداية الوحدة تمت تصفية العشرات من كوادر الاشتراكيّ تحت مسمى الجهاد!! ومع  انقلاب سبتمبر اُغتِيل الشهيد "علي عبد المغني" في الأسابيع  الأولى،وتسمّم "جاريان القردعي المرادي" ونكّلوا بعائلة " الشيخ هادي امهيج" ونهبوا أموالهم لأنهم كانوا يمثّلون ندية في تهامة واغتالت الشهيد الشيخ "احمد العواضي" والشهيد "عبد الرقيب عبد الوهاب" والعشرات من القيادات العسكرية المنتمية للطرف التابع!! عدا تصفية وتشريد مئات من السياسيين والعسكريين مخافة يفرض التابع شراكته في القرار،وفي ذات السياق تمّت تصفية الرئيس"الحمدي" لأن مشروعه يحمل سمات وطنية تعادي مفهومهم للوطن والمواطنة واحتكار القوة والمال، وكذا تصفية الناصريين وتقاسم بقيتهم بين طرفي المركز، وحوّلوا الوحدة مع الجنوب احتلالا لان مشروعها سيفرض سمات المواطنة والشراكة في السلطة والثروة وكفّروا الجنوب وتحركت عوام الطرف التابع ومعظم نخبه اعتقادا منها انها تنصر دين الله!! وفقدت نصيرا جنوبيا كان يمكن ان تستقوي به . وقامت ثورة الشباب فأستشعر "المركز" خطورتها فالتحقت بها قواه الدينية تستجدي عواطف الشباب "أخجلتمونا"!!  وخلف الكواليس جعلوها ثأر من الرئيس وعائلته ورفضوا شعار اسقاط النظام !!

هذا الصراع بين المركز والطرف كان حاضرا في المركز السيّد رغم انقسامه وكانت قواه في المواجهة صلبة  توزعت قوى الطرف التابع بينها، تملك القوّة  وتجيد إحكام التآمر وتسخّر لأهدافها رجال الدين والمال والإعلام وكل مقومات الدولة التي لم تسمح بالمشاركة فيها البتة. هذا المركز العنصري أفشل انقلاب سبتمبر وجعله يحوّل القبيلة دولة!! ولم يسمح للثورة أن تتجاوز ما حققه الانقلاب!!. امّا قوى الطرف التابع  فلا تمتلك إستراتيجيته تتميّز بها حقيقة الصراع لان الكثير من واجهاتها ونخبها ومتحزبيها صنائع المركز ويقتاتون بفضلاته فظلت قواه مشلولة  هشّة سريعة الانقياد للشعار الديني للمركز ومشدودة لعصر الدولة الإسلامية فيه، ولم تدرك إنه شعار للمركز للسيطرة عليهم  ، وسريعة الانقياد  للخطاب الوحدوي ومشدودة لعهد "حمير" الخرافي فيه .  ومازال التابع يعتقد أن شراكته في القرار ستكون عبر شعارات المركز الذي يتكلم فيها عن الثوابت كما يأمر الله بها  و يمارسها معهم كما يريد الشيطان لها، حيث الثوابت في مشروعه ان الدين والوطن يحمي مصالحه وهيمنته وإن لم فالبديل الصوملة او الارهاب او التفجيرات او العمالة لايران او التكفير او ان الثوار صعاليك..الخ !!. إن المركز يعرف انّه لم يبق من ثورة الشمال إلا بؤرة "تعز" فيعرّضها لهجوم متعدد من تكفير لرموزها او وربطها بإيران وان محاربة التشيع واجب على أهل السنة بينما أهل "تعز" والطرف التابع هم أهل السنة وتحملوا كل اضطهاد التاريخ من اجلها. لقد تخلّى المركز عن القمع العسكري ل"تعز" وأوكل المهمة لذراعه "الإصلاحي".  وإذا لم تقتدي قوى "التابع" "بالجنين الثوري الند"في تعز فان مكافئتها في الشراكة لن تكون أفضل من المكافئة التي نالتها من المركز العنصري عندما هزمت الجبهة الوطنية في مناطقها في الثمانينات تحت لافتة محاربة الشيوعية وحزبها الذي غقر المركز شيوعيته عندما أصبحت اشتراكيته  ضرورية وصار شريكا في "اللقاء المشترك!!. وشعار الشيعية الذي تردده القوى الاصلاحية سينتهي لان البلاد الشافعية ليست تربته بل الهدف منه ان يبقى التابع مذعن في تبعيته!!  ويعني إعادة الخضوع لمعادلة المركز والتابع  بخطاب إسلامي!! .        

ان الوطن لدى الجنوبيين لا يعني التراب بل الندّية لا التبعية والتهميش وعندما يفقدونها يقتسمون "المراعي والمحتطبات"!! لذلك تاريخهم انقسامي والجنوب متحرر من عقدة الخوفين وكان ندّا تاريخيا للمركز السيّد و ينتصر بانقسامية قواه أكثر من انتصاره بوحدتها!! وقوى الجنوب حسمت خيارها بالخروج من مشروع صنعاء مهما كانت النتائج!! وثورة الشباب خُنِقت في الشمال  ويمثله المؤتمر والمشترك الذراع الحزبي للمركز القبلي الذي احتل الجنوب وادعاء ان في الجنوب ساحات تغيير لا يعبر عن مشروع ثوري فيه بل عن مشروع احتلالي له والسعي الجنوبي للاستقلال أصبح "فريضة شرعية"تؤمن بها قطاعاته الحية فلا ينخدع احد بموضوع الجنوب والوحدة "الفريضة الشرعية لمصالح المركز السيد" كما انخدعوا في حرب احتلاله ولا ينخدعوا بمسمى الحوار الوطني بان يحقق لهم الشراكة لان قوى المركز القبلية والإصلاحية والعسكرية استكثرت أنها لم تهيمن على لجنته الفنية التي شكلها  الرئيس"هادي" و في أحسن الأحوال فان قوى المركز لا يفهمون الحوار الا انه تسويف "وحكي"وليس التزام وتسليم حقوق!!