كيف سيواجه ‘‘الإنتقالي‘‘ قرارات هادي؟

2017-06-30 22:58

 

رد المجلس الإنتقالي الجنوبي على قرارات الرئيس هادي بقوة، وفي أقل من 24 ساعة. ردٌ لم يكن مفاجئاً، غير أن له تبعاته التي ستغيّر العديد من المعادلات سياسياً وعلى الأرض. فالمجلس الجنوبي لا يمكنه البتّة الرجوع والعودة عن مضمون وفحوى بيانه الصادر - لاعتبارات جنوبية خاصة - وهو البيان الذي طالب فيه صراحة برفض قرارات الرئيس هادي، وهو ما يعني ببساطة أيضاً المواجهة. وبمعطيات موازين القوى، فالكفة تميل إلى تفوق المجلس الإنتقالي عسكرياً وشعبياً.

 

موقف «التحالف»

«التحالف العربي» لا يمكنه - على افتراض أن موقفه من هادي موحد - فتح حرب جديدة في الجنوب؛ فذلك بالنسبة إليه سيُعدّ انتحاراً سياسياً وعسكرياً، باعتبار أن مواجهة المجلس السياسي، ومن ورائه قوى الحراك الجنوبي، والتي باتت تمتلك وحدات قتالية جاهزة ومدربة وعتاداً عسكرياً لا يستهان به بالإضافة إلى آلاف المسلحين المنتشرين في غالب محافظات الجنوب، ستسحق ما يعدّه «التحالف» انتصاراً في حربه باليمن، والتي ستدخل عامها الثالث بعد شهور قليلة.

لذلك، فسوف يقتصر دور «التحالف» على الضغط على قيادة المجلس الإنتقالي للتهدئة، وهو الأمر الذي لن يجدي خاصة بعد صدور البيان.

فالرئيس هادي والقوى الحزبية في الحكومة الشرعية المحسوبة عليه وعرابة قراراته الأخيرة واقعة تحت ضغوطات مختلفة، ولذلك فهي تسعى بكل قوة منذ بداية الحرب إلى إيجاد موطن بديل تتخلص فيه من وصاية «التحالف»، واختارت لذلك محافظة عدن، ولأجل أن تتمكن من تحقيق هذا الأمر، استندت إلى دعم قطري كبير، وتمكنت بصعوبة كبيرة من إدخال عتاد عسكري نوعي ومئات المسلحين إلى مدينة عدن، واستطاعت - على الرغم من الضغط الإماراتي - تشكيل ألوية عسكرية، وإن لم تكن بقوام الألوية المتعارف عليها بالمفهوم العسكري.

هذه «الإنجازات» التي تعتبرها الحكومة الشرعية الموالية للرئيس هادي، ومن ورائها قطر، الضامن الوحيد لبقائها في عدن، من شأن سحبها من المدينة تحت أي مبرر وعبر أي كان تجريدها من مصدر قوتها الوحيد في عدن، ولذلك فقد تزامنت قرارات الرئيس هادي مع إقالة المحافظين الثلاثة من أعضاء المجلس الإنتقالي الجنوبي وموعد تنفيذ سحب الألوية العسكرية من عدن.

المعركة بين الطرفين ستتصاعد، والمواجهة ستكون حتمية

 

تأزيم المؤزم

أضعفت الأزمة الخليجية وتداعياتها كثيراً الحكومة الشرعية التي يُحسب غالب أعضائها على جماعة «الإخوان» الموالية لقطر، ناهيك عن أن «التحالف» لا يستطيع أن يفتح جبهات متعددة في عدن والضالع وحضرموت ولحج وشبوة، وفي داخل عواصم تلك المدن حيث تسيطر غالبية جنوبية مؤيدة للمجلس هناك على الأرض.

في الجانب المقابل، فالتراجع عن البيان بالنسبة للمجلس تحت أي عنوان سيفقده الكثير من أوراقه الفاعلة، وأهمها التأييد الجماهيري الكاسح الذي عبرت عنه الجموع الغفيرة التي احتشدت في فعالية الرابع من مايو المنصرم في ساحة العروض بعدن.

كما أن «التحالف العربي» كمنظومة ليس على مسافة واحدة من الرئيس هادي؛ فالإمارات العربية المتحدة، الشريك الثاني في دول «التحالف العربي»، عبّرت، في أكثر من مناسبة، عن امتعاضها الشديد من سياسة الرئيس هادي، وانقياده غير المحسوب لحزب «الإصلاح» (جناح الإخوان المسلمين في اليمن). لذا، فالرئيس هادي، كما يرى محللون، ماضٍ في تحديه الواضح للإمارات، وما قراراته الأخيرة إلا رد عملي على سحب الألوية الرئاسية المحسوبة عليه وجماعة الإخوان من عدن.

 

عواقب

المعركة بين الطرفين ستتصاعد، والمواجهة ستكون حتمية، لكن الرئيس و«الإصلاح» معاً لم يقيسا جيداً حجم القوّة التي يملكها المناوئون لهما جنوباً، فيما يرى فريق ثان أن جناحاً قوياً في الشرعية موالياً لقطر يسعى حثيثاً إلى خلط الأوراق، وإغراق «التحالف» في أتون فوضى مستدامة في الجنوب، وإشغاله في مواجهة أكثر من طرف، ليتمكن هو تالياً من البقاء أطول مدة ممكنة بعيداً عن الضغط الذي يُمارس عليه من جهات متعددة في «التحالف» وخارجه.

وكانت دول «التحالف العربي» - الإمارات العربية تحديداً - تتجنب المواجهة تلك، وتعمد إلى قصقصة أجنحة القوى العسكرية الموالية لهادي في عدن عبر إجراءات سياسية، طالما أن ذلك لا زال ممكناً. ومع تتالي الأزمات وتسارع الأحداث في المنطقة واليمن تحديداً، تبرز أسئلة عديدة من بينها: إلى أين ستتجه الأمور؟

 

لا شك في أن المجلس الإنتقالي السياسي الجنوبي لن يكون بمقدوره التراجع عن القرارات التي حملها بيانه الرافض لقرارات هادي، وسيلزمه لذلك حشد المزيد من الإستعدادات العسكرية والتجهيزات، مع علمه بأن هادي لا يملك في حضرموت، على سبيل المثال، وحدة عسكرية يمكنه من خلالها فرض قراراته حال تم رفضها من قبل المحافظ بن بريك. كما أن الأمر مماثل في شبوة؛ فالمؤيدون للرئيس هادي لم يتمكنوا من حشد أكثر من 15 شخصاً في مسيرة سلمية.

والأيام القادمة لا شك في أنها ستشهد تصعيداً كبيراً؛ حيث سيلجأ المجلس السياسي الجنوبي مدفوعاً بضغط شعبي إلى فرض خياراته على الأرض، وهو ما يعني تالياً التضييق على القوى الموالية للشرعية، والتي ربما ستشمل معاشيق. ويبقى السؤال هنا: على ماذا يراهن الرئيس هادي في فرض قراراته جنوباً؟ المشهد اليمني بعمومه يقول: إن هادي الذي خسر الشمال، وجزءاً كبيراً من «التحالف»، بات يقطع غصن الشجرة الوحيد الذي تقف أقدامه عليه جنوباً.