هناك لحظات في تأريخ الامم والشعوب، لا يمكن معها ان يكون الصبر طريقا مجدياً، خاصة في ان تكون المرحلة فاصلة وحساسة فيما خص تقرير مصير الشعوب والأمم التي تعرضت طويلاً للضيم والمعاناة والاستهداف.
ونحن في الجنوب لم نكن يوماً ضد قطر، رغم استهدافها لنا ولقضيتنا الجنوبية مراراً وتكراراً، وذلك لأننا نعتبر قطر وشعبها منا وإلينا كأمة عربية، فتحملنا استهدافاتها، وامتصينا كل ضرباتها لنا بروح الصبر الذي عرف بها شعب الجنوب تأريخياً.
تحملنا المعاناة، وكابدنا الجحود، وذقنا المر والعلقم، واستمرينا نناضل بكل سلمية مقدمين كوكبة من الشهداء وعشرات الالاف من الجرحى والمعاقين والمشردين بسبب ممارسات نظام ما بعد الغزو الشمالي لوطننا الجنوبي عام 94م. ولم نقف يوماً ضد أي وطن عربي أو امنه واستقراره مهما كان.
لكننا اليوم عقب كل التطورات الدراماتيكية التي جرت في المنطقة العربية واليمن، بتنا امام مفترق طرق، خاصة في هذه اللحظة التأريخية الفاصلة من مسار ثورتنا الجنوبية التحررية، كما هي ايضا لحظة حساسة جدا لعموم المنطقة العربية، ويتطلب الامر منا ان نضع كل القضايا والمواقف على الطاولة.
نفذ صبرنا ووصل الى مرحلة فيضان، لا يمكن معها ان نمتص مزيد من الضربات بعد كل الخراب والدمار الذي حل بوطننا الجنوبي، وخاصة حاليا فيما يتعلق بتدخلات ( النظام) القطري الذي صارت محل سخط شعبي جنوبي عارم .
أبداً.. لسنا ضد الشعب القطري فهو شعب شقيق، ولسنا ضد قطر الدولة الجغرافية، بل توجب علينا ان نقول للنظام القطري الذي يحكم اليوم هذه الدولة، قف..! كفي..! فإننا في الجنوب لا نقبل تدخلاتك التي تؤلمنا وتستهدف امننا واستقرارنا، ولن نقبل ان يتحول نصرنا الى أداة بيد " إيران " التي انتصرنا على ميليشياتها وكسرنها مشروعها في التوسعي في الوطن العربي.
وللتذكير.. قطر الى جانب إيران كانتا هما الدولتين الوحيدتين اللتين وقفتا ودعمتا نظام علي عبدالله صالح في غزو الجنوب عام 94م، ومنذ ذلك الحين وهي تتدخل بشكل فضيع في الجنوب وفي الشمال، غير ان تدخلها كان خفيا متسترا بالجمعيات التابعة للإصلاح في اليمن.
ومع انطلاق عاصفة الحزم وتشكل التحالف العربي في مارس 2015م، وصولاً الى اليوم انكشفت كل أوراق قطر وتدخلاتها في اليمن، وما زاد من الوضع انكشافا هو تدخلات قطر السلبية خاصة في المحافظات الجنوبية المحررة، وهو ما جعل قطر امام موجة اتهامات متتالية من قبل دول التحالف العربي بقيادة السعودية والامارات، بالتزامن مع غضب شعبي جنوبي واستياء من تدخلات قطر في الجانب الامني بعيداً عن إطار التحالف العربي.
سعت قطر جاهدة، للربط بين سياستها في المنطقة والتي فجرت مؤخراً موجة غضب عربية، وبين سياساتها في عدن والجنوب " كمحافظات محررة " وذلك في محاولة للتسلق على الانتصارات في الجنوب ومنحها كهدية لحزب الاصلاح الذي لا يزال موقفه غامضا، بل اكشف موقفه مؤخراً بانه متواطئ مع الحوثيين والمخلوع صالح.
تدخل التحالف العربي في الوقت المناسب لاتخاذ اجراءات " الردع " ضد قطر ووسائل اعلامها التي أدت دورا سلبيا في الحرب باليمن، كان صائباً ووفي الوقت المناسب وهو الامر الذي كشف عن وجه نظام قطر القبيح تجاه الدول العربية عامة.