ولو أن قرارات معاقبة الدوحة على تماديها في تجاوز حدودها، وفي أذية الأشقاء ودعم الإرهاب، جاءت متأخرة، لكن لا بأس، فأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً.
كجنوبيين، نزفت أقلامنا دماً وليس حبراً فحسب، وهي تجأر بالشكوى من دور قطر في أذية الجنوب، واستهدافه أرضاً وإنساناً منذ سنوات طويلة، حينما كانت هذه «الحارة» تشذ في مواقفها عن الإجماع العربي والخليجي بهدف تكريس الظلم على شعب مسالم، غدر به في غفلة منه.
شكا الجنوبيون من قطر حين عارضت بيان أبها في منتصف عام 94م المساند للجنوب والمندد بعدوان الشمال عليه، في حرب ظالمة قادها المخلوع وشريكه حزب «الإصلاح».
كما عارضت الدوحة، وسخرت أموالها ودبلوماسيتها للتأثير على قراري مجلس الأمن الدولي، 924 و931، وحولتهما عبر حليفتها يومئذ، فرنسا، إلى قرارين خاصين بالحالة اليمنية بعد أن كانا مشروعي قرارين عن الحالة بين دولتين هما «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية» و«الجمهورية العربية اليمنية»، وكان لذلك ما له من ثمن دفعه الجنوب من دماء أبنائه وحاضره ومستقبله.
لم تدخر قطر جهداً إلا وبذلته في إلحاق الأذى بالجنوب، منذ احتلاله في عام 94، ولم تترك وسيلة إلا واستعملتها في إلحاق الضرر بالجنوب، وأبرزها تسخيرها لوسائلها الإعلامية للإساءة إليه وإلى قضيته العادلة.
تزامن ذلك مع ضخ أموال طائلة دعماً لخصوم الشعب الجنوبي وأعداء مطالبه، ومنهم جماعة «الإخوان» (حزب الإصلاح)، ومعهم الجماعات الإرهابية التي تولت تصفية عدد كبير من القيادات والكوادر والرموز الجنوبية.
اليوم، استطاع الأشقاء الخليجيون، وبعد صبر وطول بال، أن يضعوا قطر في حجمها ووضعها الطبيعي، الذي تناسته هي بعد أن سيطرت عليها حالة غرور وجنون عظمة، خيلت لها أنها بثروتها الفائضة وبقناة «الجزيرة» قادرة على تغيير العالم، واستهداف وتهديد مصالحه، فكان منظرها بائساً وهي، وبعد ساعات، تبحث عن منفذ بري تمر منه إلى العالم، أو عن سوق خضار وفواكه يبيعها الباذنجنان أو البسباس أو قليلاً من التفاح أو الموز.
كانت نتائج قرارات المقاطعة سريعة، وعلى ضوء ذلك لمس وسيلمس الأشقاء في الخليج ومصر نتائج قراراتهم بتقليم أظافر قطر وأعوانها وحلفائها، وسيتمنون لو أنهم قد بادروا إلى ذلك في وقت مبكر.
وحدهما اليمن والجنوب من سيحتاجان إلى قرارات إضافية أو ملحقة، يمكن أن يلمس من خلالها الناس فعلاً نتائج القرارات الخليجية والعربية بشأن إعادة تأهيل قطر، وإعادة تقويم سلوك حلفائها، وتحديداً جماعة «إخوان اليمن»، الذين عبثوا وما زالوا يعبثون بأمن واستقرار اليمن والجنوب خاصة، ويشكلون مصدر خطر حقيقي على حاضره ومستقبله باستخدامهم المال القطري المهول الذي ينفق عليهم بسخاء بهدف تمكينهم من السيطرة على البلد، وإسقاطه في وحل الفوضى والإرهاب.
خلاصة الخلاصة: نجح الأشقاء العرب والخليجيون في إعادة تربية الشقيقة الصغرى، «حارة قطر»، لكن أولاد هذه «الحارة» الذين زرعتهم في أكثر من مكان ومنها اليمن والجنوب، وهم اليوم يمثلون ما يزيد عن ثلثي حكومتها الشرعية، كل هؤلاء بحاجة إلى من يوقف لعبهم وإزعاجهم، ويربيهم بشكل جيد حتى يعودوا أناساً صالحين إن كان ذلك ممكناً، أو وضعهم في المكان الذي يليق بهم.