نشأ الامام بن يحي حميد الدين في بيئة زاخرة بالعلم ، فجده كان عالما وكذلك والده وأصبح إماما في الثالثة والعشرين من عمره وكان واحدا من القادة العسكريين البارزين الذين عول عليهم والده الإمام يحيى لقمع القبائل المتمردة فاصطدم منذ مقتبل عمره بمواقف القسوة والعنف فتطبع بهذا السلوك وأصبح جزء من شخصيته ، ويقول مجالسوه أن مفتاح شخصيته فروسيته وكان شجاعا ومقداما ومغامرا وذا ارادة قوية ولا يأبه لصغار الأمور طالما كان يرى الهدف أمامه وكان شاعرا وعالما وخطيبا ومسعّر حرب وقائدا عسكريا فاذا اقترب اختلط بالجماهير وتعرف على مشاكلها وأدار أمورها وصال وجال وأقام مع خاصته أندية الفرح والأدب وان ابتعد احتجب على نفسه وانطوى ، ومثل هذه الشخصية تجد عندها المتناقضات وينبت في ظلها الشوك اوالورد فانك لاتكاد ترى أحمد عباس وكامل ومحمود وعلي العذري وأضرابهم وهم من يصفهم بالشوك إلا وأنت ترى عبد الرحمن الأرياني وأحمد الشامي وأمين أبو راس وحسين الويسي وقبلهم ومعهم كان الزبيري والنعمان والموشكي وغيرهم حوله وفي مقايله وبالقرب من ديوانه الا أن علمه لا يرقى الى والده ذلك الفقيه المجتهد وهو شاعر وشعره مما يروى لدى خاصته ولأن الشعر دائما تعبير عن قضية أو موقف فان أشعاره لم تحظ بالإنتشار كأشعار معاصريه أمثال الأرياني والموشكي والحضراني وجراده والبيحاني دع عنك شاعري اليمن الكبيرين الزبيري والبردوني والقصيدة الوحيدة التي عرفها محبوه وخصومه أعداؤه وأصدقاؤه وطارت شهرتها عبر الآفاق العربية هي قصيدته في نقد الإجراءات الإشتراكية في مصر وكانت سببا في فصم عرى الإتحاد العربي سنة 1960 والتي مطلعها :
نصيحة تهدى الى كل العرب
ذوي البطولات والحسب
كان يرتجل خطبه ويزينها بأبيات الشعر وآيات من الذكر الحكيم وأحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعض كلماته أصبحت مما يقال في مناسبات كثيرة وخاصة مواطن الرجولة كقوله في خطبته عندما اضطربت الأحوال في بلاده وكان بايطاليا فعاد مسرعا وأخمد الإضطرابات وقال كلمته المشهورة التي أصبح الجزء الأخير منها مثلا يردد : هذا السيف وهذا الفرس ومن كذب جرّب .....
سنكتفي بهذا النقل الموثق عن سيرة حياة الإمام أحمد
للدكتور / احمد عبيد بن دغر في كتابه اليمن تحت حكم الإمام أحمد 1948 -1963
*- من صفحة : عبيد أحمد طرموم