يسري على هذه البلاد المقولة المعروفة "ما غريب إلا الشيطان"، أمور غريبة شاذة وبعضها مثير للسخرية وبعضها عبارة عن نكات باردة تطلق في عز الشتاء.. الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ في سياق مخطط "حدود الدم" الذي يسري على بلاد العرب ومنها هذه البلاد، حيث أسندت دوائر استخبارية خارجية الـ (سي.آي.أيه) و(الموساد) إلى رجلهما علي عبد الله صالح مهمة تنفيذ المخطط بواسطة مرتزقة محليين شمالا وجنوبا.
وقفت أمام مجلة "آفاق جديدة" في عددها الصادر في نوفمبر/ديسمبر 2011م وفي صورة الغلاف عبدربه منصور هادي ومحمد سالم باسندوة مع تعليق نصه (اليمن ما بعد صالح.. جنوبيان يقودان المرحلة الانتقالية)، وضعْ ثلاثة خطوط حمراء تحت التعليق..
ثم وقفت أمام الزميلة "الأمناء" في عددها الصادر يوم 12 فبراير 2015م وأمام مربع صغير وفيه إفادة من الدكتور يحيى الشعيبي، الوزير والمحافظ السابق لعدن، قالها في فندق عدن واستهلها بالقول إن الوضع برمته يتجه إلى حرب أهلية. والأدهى والأمر قوله عن الوضع في الجنوب: إن أنصار الله يستطيعون دخول الجنوب خلال 24 ساعة إذا أرادوا. أما الخاتمة فقد كانت عجيبة حيث ورد: "يذكر أن الشعيبي يتواجد هذه الأيام في عدن وشوهد وهو يحضر الاجتماعات".
كما وقفت أمام الزميلة "الشارع" في عددها الصادر يوم الخميس 12 فبراير 2015م وأمام خبر: "مسلحو اللجان الشعبية يسيطرون على مبان تاريخية ومقبرة النصارى في عدن ويستحدثون فيها بناءات عشوائية"، لاحظوا طبيعة الخبر: القتل والفوضى وعدم احترام مقدسات الغير في عدن، والله يعلم ويشهد أن من قام بتلك الأعمال الخارجة عن القانون والإسلام مهمشون ومن أبناء القبائل (القبائل المقصودة هنا التي يتكسب أبناؤها من حمل السلاح وبيع أنواع الأسلحة وهم معروفون).
أكتفي بهذا القدر من القصاصات وهي كثيرة ومثيرة للاشمئزاز لأنصرف إلى موضوعي (فاروق ناصر يصور المشهد الحالي قبل 32 عاما)، فقد وقفت أمام مجموعة قصصية تقع في 119 صفحة وعنوانها (زمن العار ووجه الشمس القارب) صدرت عام 1985م لمؤلفها أخي وصديقي وزميلي العزيز فاروق ناصر علي، وأول تلك المجموعة القصصية : (الحانة المنكوبة) ورد في مدخلها (الحانة صغيرة في الركن المظلم من "الحي المجنون"، كان ذلك هو اسم الحي.. لا نعرف لماذا سمي بهذا الاسم، ربما لأن بيوته كانت مبنية بطريقة معوجة ومتنافرة! أو ربما لما كان يحدث كل ليلة في تلك الحانة).
(ساكنوا الحي كانوا مجموعة عجيبة من البشر.. الزائر الجديد للحي يعتقد للوهلة الأولى بأنه يشاهد فيلما سينمائيا يصور مراحل تطور الإنسان من العصر السحيق حتى القرن العشرين .. المهم أن الحانة أطلق عليها اسم "حانة العقلاء"، الامر الذي أهاج ساكني الحي فترة من الزمن).
ظهر في تلك الليلة شاب قصير القامة، فتيل الجسم ودلائل الغباء مرسومة على محياه وبالمقابل ظهر شخص آخر بمواصفات مغايرة: عملاق.. ضخم الجثة.. عريض المنكبين.. نظراته فيها قسوة أثارت خوف الجميع.. الكل توارى إلا الراوية الذي تجمدت أطرافه والشخص الغبي الذي خر مغشيا عليه..
واقع عبثي كواقعنا الذي عشناه من فبراير 2015م وحتى يومنا هذا والبقية تأتي ومشاهد السيناريو قائمة على قدم وساق ولكن ستنتصر عدن بإذن ربها أما مرتزقة الجنوب سيجدون العلي القدير لهم بالمرصاد إن شاء الله ..
صبرا عدن.. صبرا أهل عدن.. كنا في نعمة ودسنا عليها، ويقول الإمام علي رضي الله عنه: "إن كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم".