بعد عامين من عاصفة الحزم التي أطلقها الأشقاء العرب للدفاع عن الشرعية اليمنية، وحماية الدولة اليمنية من الانهيار والهزيمة أمام المشروع الانقلابي الذي تنفذه مليشيات الحوثيين والرئيس السابق صالح بدعم من إيران، توالت أحداث كثيرة حملت معها تناقضات وخيانات تعرض لها التحالف العربي من أطراف تدعي أنها تقف إلى جانب الشرعية وضد الانقلاب.
غير أن الأحداث تكشف حقائق مدعمة بالوقائع والاثباتات عن تلك الخيانات التي كان بطلها حزب الاصلاح ” فرع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين باليمن “ من خلال مواقفه المتناقضة وتخاذله عن القيام بواجبه الوطني تجاه اليمن والشعب اليمني.
ولم يكن تخاذل حزب الاصلاح عن خوضه للمعارك دفاعا عن اليمن والشرعية، من الانقلابيين في جبهات القتال التابعة له، إلا تتويجاً للتاريخ الأسود من الخيانات التي ارتكبها هذا الحزب منذ تأسيسه.
*خيانة الوطن والتحالف العربي.
رفض حزب الاصلاح منذ أول وهلة للانقلاب مواجهة مشروع المليشيات المدعوم من إيران بدءا من عمران رغم امتلاكه لمعسكرات كبيرة في صنعاء وعمران أبرزها (الفرقة الاولى مدرع) التابعة للجنرال العسكري الإخواني ” علي محسن الاحمر “ حيث سلم الاصلاح هذه القوات العسكرية والآليات والصواريخ لتسقط بسهولة في أيدي مليشيات الانقلاب، في الوقت الذي أعلنت فيه قيادات اصلاحية آنذاك امتلاكها لنحو 70 الف مقاتل جاهزون للدفاع عن صنعاء.
ومع توجه الحوثيين وصالح صوب صنعاء لإسقاط الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي والانقلاب على حكومته، اختفت كل قوات حزب الاصلاح من محيط صنعاء، بأوامر سياسية أصدرتها قيادات الحزب، وذلك بحسب اعترافات أعضاء وقيادات اصلاحية من الصف الثاني.
وشكلت تلك الخيانة، الفرصة الذهبية أمام الحوثيين وصالح لاقتحام صنعاء بسهولة، بعدما وجد الرئيس هادي نفسه وحيداً، ودون امتلاك سلطته لأي قوة عسكرية، كون ألوية الجيش اليمني كانت مبنية على التقاسم والولاءات بين حزبي ( المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح ).
ولم يكن اقتحام صنعاء من قبل الانقلابيين بسهولة، بل كان نتيجة اتفاقات سرية عقدت بين قيادات في الاصلاح والمخلوع صالح وقيادات الحوثيين أبرزهم زعيم الحوثيين " عبدالملك الحوثي" زيارة عبدالوهاب الآنسي أمين عا الاصلاح للحوثي في صعدة )، حيث خرجت تلك اللقاءات بتفاهمات كان من أبرزها، ضمان عدم مساس الحوثيين بالمصالح الاقتصادية والشركات التابعة لقيادات الاصلاح، مقابل عدم اعتراض الاصلاح لتوسعات الحوثيين وحليفهم صالح في مختلف محافظات اليمن.
*اعتقال الرئيس الشرعي
عقب تمكن الحوثيين وصالح، من إحكام السيطرة على صنعاء، وهروب علي محسن الاحمر من صنعاء، بقيت قيادات اصلاحية كثيرة في صنعاء، رغم سيطرة الحوثيين وصالح، فيما تم فرض الوصاية الجبرية على الرئيس " عبدربه منصور هادي" ورئيس وافراد الحكومة التي كان يرأسها " خالد محفوظ بحاح ".
آنذاك اكدت مصادر رئاسية، تعرض الرئيس هادي، للضرب والاعتداء عليه جسدياً، واقتحام منزله دون وضع اعتبار لحرمة المنزل وعائلة الرئيس ، فيما حزب الاصلاح بقي ينظر للأمور بأريحية، رافضاً تحريك قواته التي تبقت في صنعاء ومحيطها لتخليص الرئيس هادي من اعتداءات الانقلابيين، فكانت هذه خيانة أخرى يتعرض لها الرئيس الشرعي.
*خيانة اسقاط تعز
وما أن ضمن الحوثيين وصالح سيطرتهم على صنعاء، عقب هروب الرئيس هادي إلى عدن، حتى بدأوا بحشد قواتهم صوب تعز، استعدادا لاقتحام عدن، لكون تعز أكبر قاعدة شعبية لحزب الاصلاح " إخوان اليمن "، إلا أن مليشيا الحوثيين وصالح، دخلتها وسيطرت عليها بكل هدوء، ودون أي اعتراض من قبل حزب الاصلاح وقواعده المسلحة، بل قامت فروع الاصلاح بتعز بعقد اتفاقيات تعايش وتفاهم مع الانقلابيين، برعاية محافظ تعز آنذاك " شوقي احمد هائل " وعدد من تجار ورجال الأعمال في تعز بينهم قيادات اصلاحية، وهي خيانة أخرى يرتكبها الاصلاح بحق الوطن عامة، وتعز على وجه الخصوص.
*خيانة اتفاقيات تعايش وتفاهم
كان استحداث حزب الاصلاح لاتفاقيات التفاهم والتعايش مع الانقلابيين، انتشارا واسعاً بين قواعده وانصاره في بقية محافظات اليمن، وهو ما وجدها الانقلابيين فرصة لاسقاط مناطق ومديريات المحافظات بكل سهولة.
وانبثق عن اتفاقيات التعايش، التي ابتدعها حزب الاصلاح، عمليات استلام وتسليم من قبل الاصلاح لمليشيا الإنقلابيين، حيث ما أن يدخل الحوثيون وصالح منطقة إلا ويسارع فرع حزب الاصلاح فيها بالتواصل مع الحوثيين للعرض عليهم بتوقيع اتفاقية تعايش وتفاهم وتنصيب الحوثيين حكاما رسميين لتلك المناطق.
*عاصفة الحزم وموقف الاصلاح :
عقب سيطرة الانقلابيين الحوثيين وصالح على كل المحافظات اليمنية الشمالية بتسهيل من حزب الإصلاح، باتت المحافظات الجنوبية أمام خطر داهم، وهو ما حدث بالفعل، واجتاحت مليشيا الانقلاب محافظات الجنوب، وفي هذه الاثناء لم يخلو حزب الإصلاح من مساعدة الانقلابيين، إذ أن القيادات العسكرية الإصلاحية التي كانت تمسك معسكرات وكتائب لم تقاتل ولم تواجه، واكتفت بنهب أسلحة ومعدات عسكرية.
وما أن أعلن عن قيام عاصفة الحزم، لردع الانقلابيين ومنعهم من التقدم الى عدن بعد سقوط معسكر العند ولحج، مع استمرار المعارك التي شهدتها مناطق لحج وعدن بمقاومة ذاتية من شباب المحافظتين، إلا وبدأت هواجس حزب الإصلاح وتفكيره في ركوب موجة المقاومة الجنوبية، التي انطلقت مع اول دخول لمليشيا الحوثي لحدود محافظة لحج.
وظل حزب الإصلاح أسبوعين ، قبل أن يعلن تأييده الشكلي " الإعلامي " لعاصفة الحزم، حيث عاصفة الحزم انطلقت في 26 مارس 2015، وجاء اعلان الإصلاح بتأييده للعاصفة في 3 أبريل 2015م.
ولم يكن هذا الإعلان المتأخر من قبل الإصلاح لتأييد العاصفة، إلا نتيجة انقسام سياسي داخل صفوف الحزب، إذ انحاز طرف داخل الحزب للإمتناع عن التأييد، فيما اختار الطرف الآخر إعلان التأييد الشكلي، بعد أن أصبحت الأمور غير قابلة للتراجع ولن يستطيع أحد إيقافها.
ويؤكد مراقبون، أن هذا إعلان طرف من حزب الإصلاح تأييدهم للعاصفة، كان مجرد عمل تكتيكي، لكسب موقف سياسي، فيما الحزب لن يقوم بأي معارك او مواجهات.
*إنتهازية
ومع انتقال قيادات الإصلاح واعضاءه إلى الرياض، وترك المقاومة الجنوبية والتحالف العربي، في مواجهة مليشيا الانقلاب التي اجتاحت الجنوب، لم تخلُ المعركة من طعنات الإصلاح في ظهر المقاومة والتحالف، وامتناع أعضاءه ومسلحيه من الاشتراك في الجبهات.
وبحسب قيادات سياسية يمنية وعربية، فإن حزب الإصلاح اشترط عدم اشتراكه في المعارك، ما لم يتم رفع اسمه من " قائمة الإرهاب السعودية" وكذلك، ضمان سيطرته على المحافظات الجنوبية بعد تحريرها. وهي الانتهازية التي عبرت خيانة جديدة، ومحاولة انحراف الإصلاح بمسار عاصفة الحزم، التي لم تتدخل إلا بعد أن شعرت بخطر وصول مليشيا الانقلاب المدعومة من إيران الى عدن وباب المندب، وهو الخطر الذي يهدد أمن ومصير دول الخليج وفي مقدمتها " المملكة العربية السعودية".
ومع امتناع التحالف من الاستجابة لشروط الإصلاح، كان اعتماد التحالف على المقاومة الجنوبية، التي استطاعت بكل جدارة أن تتولى مهمة تحرير المحافظات الجنوبية.
وفي هذا الإطار، شهدت جبهات الجنوب، خيانات عديدة، وفق ما نقله مقاومون في الجبهات، بينها عمليات نهب أسلحة من قبل مسلحي الإصلاح الذين كانوا في غالبية الأحيان يدخلون الجبهات للاستعراض فقط، ثم ينسحبون وقت انطلاق المعارك، حاملين معهم العتاد الحربي الخاص بتلك لجبهات، كما يقول مقاومون.
*خيانات مستمرة
لم يكتفِ حزب الإصلاح بتلك الخيانات التي شهدتها مرحلة الحرب، وحتى بعد تحرير المحافظات الجنوبية، بل واصل اعماله الانتهازية، وبدأ بالسيطرة على كل شيء في عدن، وأولها " الإغاثة والأدوية " التي سيطرت عليها منظمات الإصلاح لتقوم بتوزيعها وفقا لحسابات سياسية، وعمليات استقطاب، قبل أن تتنبه دول التحالف سيما " الامارات العربية المتحدة"، وتوقف الأمر، وتعلن أن الإصلاح بات يعبث بالإغاثة ويستخدمها لحسابات ضيقة غير مكترث بما يعانيه الناس في عدن والمحافظات الجنوبية.
بعد هذه التطورات، وبينما كانت الأمور مستقرة في عدن والمحافظات الجنوبية، بدأت الأمور تتجه نحو أعمال الإرهاب والتخريب، والاعتداء على هيئة " الهلال الأحمر الاماراتي" التي تولت مهمة الإغاثة في عدن والمحافظات المحررة، حيث تم اغتيال أحد موظفيها، والاعتداء على مقر الهيئة الرئيسي ضمن الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له حكومة " بحاح " في فندق القصر ومنزل القيادي " صالح بن فريد العولقي" الذي كان مقرا لهيئة الهلال الاماراتي. وهذا ما أكده مراقبون وناشطون سياسيون بعدن.
*تحالف مع الإرهاب
توالت أعمال حزب الإصلاح الانتقامية في عدن والمحافظات الجنوبية، وشنت وسائله الإعلامية حملات ضد التحالف العربي، وبخطاب يتوافق وما تنشره وسائل إعلام الانقلابيين الحوثيين وصالح.
ثم بدأت أعمال الإرهاب تتزايد بوترة عالية، مع إعلان جماعات إرهابية مرتبطة بحزب الإصلاح سقوط مناطق عديدة بيدها، بدعم مادي ومعنوي من قبل الحزب ، وهو الامر الذي عدته دول التحالف خيانة عظمى، ومحاولة لنسف كل التضحيات والجهود التي بذلت من أجل تحقيق الانتصار للمحافظات الجنوبية، وطرد مليشيا الحوثيين وصالح منها.
وبحسب سياسين فقد تورط حزب الإصلاح في عمليات إرهاب في عدن، فتحولت جمعياته إلى أوكار للإرهابيين والانتحاريين، ولكنه فشل في ذلك مع اشتداد الضربات الأمنية للإرهاب في عدن ولحج وأبين وحضرموت.
فبات يقف إلى جانب الخلايا النائمة التابعة للانقلابيين في عدن والمحافظات المجاورة لها، ضمن حلف غير معلن، لزعزعة الأمن والاستقرار، وطعن النصر الذي تحقق للشرعية وللتحالف العربي.
*انقلاب باسم الشرعية:
ومع استتاب الأمن بالمحافظات المحررة، ونجاح الخطة الأمنية فيها، واصل حزب الإصلاح مكره، تاركا الجبهات بالمحافظات الشمالية تنهار أمام الحوثيين وصالح، مركزا كل جهوده على دعم أعمال الإرهاب ونسف جهود التحالف الاغاثية والتنموية في عدن وما جاورها، مستخدما نفوذه داخل الشرعية ضد الاستقرار الأمني وجهود إعادة الاعمار، وإنشاء مشاريع خدمية للحد من المعاناة الطويلة التي يتجرعها سكان والمحافظات المحررة من سنوات طويلة.
والتقى حزب الإصلاح بمواقفه مع مواقف رئاسة الحكومة اليمنية، في تعطيل أشكال الحياة وإبقاء الأوضاع الخدمية على ما هي عليه، وفقا لحسابات سياسية، ونكرانا لجهود دول الامارات الكبيرة في إعادة تطبيع الحياة ونعاش الخدمات والقطاعات الصحية والتعليمية .
وتشكل داخل الشرعية، تحالف " انقلابي" لا يختلف في أهدافه واحلامه السياسية الاستبدادية، عن تحالف مليشيا الانقلابيين الحوثيين وصالح، وهو ما بات عائقاً امام دول التحالف العربي في عدن .
*تجميد الجبهات شمالا
ومن المؤكد أنه عقب تحرير المحافظات الجنوبية، باتت الأنظار تتجه صوب تحرير المحافظات الشمالية، والتي تولت قياداتها هيئة رئاسة الأركان العامة، ونائب الرئيس اليمني نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة " علي محسن الأحمر"، إلا ان آمال تحرير محافظات الشمال تتضاءل يوما بعد آخر مع الخذلان الذي يقوم به حزب الإصلاح، رغم الدعم المالي والعسكري الضخم الذي يقدمه التحالف العربي.
وتزايدت خيانات الإصلاح وأجنحته العسكرية، مع التخاذل في جبهات مأرب ونهم والجوف، في الوقت الذي تتقدم فيه قوات التحالف العربي والجيش والمقاومة في الساحل الغربي لليمن.
وأكدت مصادر بالتحالف أن مليشيات الانقلابيين عززت جبهاتها في الساحل الغربي، من عناصرها المتواجدين في جبهات مأرب ونهم، وهو ما يشكل فرصة سانحة لتقدم جبهات الإصلاح في مأرب وصنعاء، غير أن التخاذل بلغ ذروته، ووصل خيانات الإصلاح للتحالف العربي أقصى درجاته مع بقاء قواتهم دون أن تحرك ساكنا.
*-متابعات إخبارية