يعيش الجنوبي في دوامة منذ سنين طويلة سواء قبل أو بعد دخول النفق المظلم في 22 مايو1990م، ومن يقف بجدية وموضوعية في رصد مسيرة هذا الجنوبي عبر كل المنعطفات سيجده شهيدا أو مفقودا أو معاقا أو مقصيا أو مهانا وفي حال بائسة، وبرزت الأزمة العاصفة كابوسا أرهق وأرعب أفراد أسرته، وأراني في معظم الأحوال مرجحا لوضع الجنوب تحت الوصاية الدولية لأن الإنسان فيه مهان ومعذب ومأزوم لم يجد الإنصاف من الشمالي وعندما آلت الأمور - وفق سيناريو خارجي - إلى الجنوبيين زادت معاناة الجنوبيين وزادت فرص تصفيته جسديا إما بعمليات اغتيالات أو تفخيخات بنصب كمائن يستدرج إليها وإسالة لعابه بتسلم الراتب في هذا الموقع في خورمكسر أو ذاك الموقع في المنصورة وسقط العشرات منهم شهداء عند ربهم.
من ضمن المنكوبين الجنوبيين من يعرفون بـ "دفعة السييلي" رحمه الله، وعندما يشار إلى السييلي إنما يشار إلى توظيفهم رسميا في عهد السييلي، فأسماؤهم موجودة في إرشيف وزارة الدفاع وتم تثبيتهم في البطاقات والأرقام العسكرية منذ عام 1994م إلا أن المنتصر أمرهم بالبقاء في بيوتهم لكن حقوقهم أو قل رواتبهم سلمت لهم بدون بدلات، فراتب العقيد أو العميد الجنوبي غير راتب العقيد أو العميد الشمالي، فالبون شاسع بينهم.
استوقفني أخوة أعزاء من دفعة السييلي في فرزة الميدان بكريتر وعرضوا معاناتهم وثمنوا مواقفي معهم ومع غيرهم، ويفيدون أنهم مثلوا المقاومة الحقيقية ولديهم ما يثبت ذلك، ولكن هؤلاء الذين طالهم التعسف يشكون الإهمال رغم أن وزير الدفاع السابق مطلع على قضيتهم وأعرف من غيره بمعاناتهم.
اللجان تتعامل بمزاجية وبصورة مشبوهة، وتدخل وتخرج من تشاء من الكشوفات, حيث أدخلت بعضا منا الشهر الماضي وأعلنت أنها ستتوقف عن الدفع هذا الشهر نظرا لعدم وجود اعتمادات مع أنها صرفت في أشهر سابقة.. مما يؤكد أن الجنوبيين مستهدفون من السيناريو النافذ عليهم من خلال الفوضى الخلاقة وسلسة صدماتها التي طالتهم.
البعض من الضحايا قالوا لي: بدلا من استدراجنا إلى بعض المواقع لتسلم الراتب ونفاجأ بتفخيخ يسقط على إثره العشرات من القتلى والمصابين فلماذا لا نغير موقعنا بالانقضاض على معاشيق لنقتص من العصابات التي تهدد حياتنا وأمننا واستقرارنا ومعاشاتنا؟!.
الدين النصيحة والصديق هو من صدقك، ومن هذا المنطلق فإني أتوجه مناشدا الرئيس عبدربه منصور هادي بأن ينهي هذا الواقع الهزلي الكارثي رحمة ورأفة بأسر أفراد دفعة السييلي لأن الظلم ظلمات يوم القيامة، وكفانا شهداء وأرامل ويتامى!!، لأن الواقع المعاش ينتقل من حال سيئ إلى حال أسوأ..
أحث الرئيس هادي على تأسيس فترة جديدة من الاستقرار والأمن الاجتماعي للجنوب، ولكن تشريدا وتمزيقا وإرهابا وتجويعا وتأزيما لخلق الله من المنتسبين للمؤسسات العسكرية والأمنية، لأن خلق الله قد وصلوا إلى قناعات بأن لا مبرر لثورتي 26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م، وقد مضى على العباد 55 عاما تخللتها حروب أهلية وصراعات دموية رفعت منسوب الشهداء والجرحى، وأصبح القوم - وأنا في صدارتهم - نترحم على الأئمة من بيت حميد الدين في الشمال والسلاطين في الجنوب، ولو أن الفرصة أتيحت لاتحاد الجنوب العربي لأصبح الجنوب في مستوى اتحاد الإمارات العربية، لأن الجنوب كان متقدما كثيرا على الإمارات المتصالحة أو المتهادنة، وجيش الجنوب في ظل الاتحاد الفيدرالي كان أكثر عدة وعددا من جيش الإمارات المتواضع.