اعتمد مجلس الأمن الدولي بالإجماع قراراً أكد فيه «الحاجة إلى تنفيذ عملية الانتقال السياسي بشكل كامل في اليمن، بما يتفق مع مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها وقرارات المجلس السابقة ذات الصلة»، القرار الذي صدر عن جلسة مقررة في كل عام لمراجعة تقارير لجنة الخبراء الخاصة بالعقوبات الدولية المفروضة على الرئيس السابق علي عبدالله صالح وزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي وأبوعلي الحاكم، حيث تم إقرار العقوبات منذ فبراير 2014م ويتم تجديدها في موعدها السنوي فبراير من كل عام.
حمل القرار الأممي (2342) أجزاء غاية في الأهمية، فلقد حمل عدة عناوين رئيسية الأول سياسي، والثاني قانوني، والثالث إنساني، وما يمكن التدقيق فيه هو النص الذي حمل جُملة (الانتقال السياسي بشكل كامل) استناداً على المبادرة الخليجية التي طُرحت في 3 أبريل 2011م، هذا ما كان واجباً على المجموعة الدولية أن ترتكز عليه منذ أن أحدث الحوثيين خللاً في المسار السياسي الذي مثلته المبادرة الخليجية منذ إعلانها وحتى 21 سبتمبر 2014م تاريخ الانقلاب والتمرد بالخروج عن المسلك السياسي .
العودة إلى المبادرة الخليجية كمرجعية أساسية يعني أن الملف اليمني ما زال بيد أهله، فما زالت دول الخليج العربية مسيطرة على الملف سياسياً ولم يتعرض للتدويل كما حدث في ملفات سياسية أخرى كالأزمة السورية أو العراقية، وهذا يعتبر إطاراً إيجابياً يمكن من خلاله الاطمئنان بقدرة المنظومة الخليجية على إعادة المسار السياسي بمواصلة الضغط عسكرياً على الانقلابيين الذين فقدوا عملياً الدعم الخارجي نهائياً، فلقد راهنوا على أن تصطف روسيا إلى جانب إيران في الملف اليمني غير أن ما حدث أن إيران تشعر حيالهم بالعجز وعدم القدرة على مساعدتهم أو استخدامهم، فالتطورات السياسية الدولية منذ تسلّم الرئيس ترامب السلطة في أمريكا لم تعد تقبل بهكذا مُراهنات خاسرة وأصبح من الضروري الوصول إلى تسويات ممكنة سياسياً.
يعتبر القرار الأممي 2342 هو القرار الأول الذي صدر بخصوص الأزمة في اليمن بعهد الرئيس ترامب، ويأتي في التحرك الدبلوماسي الأول لوزير خارجية أمريكا تيليرسون، كما أن القرار الذي أعدته بريطانيا التي هي جزء من الرباعية الدولية التي كانت قد اجتمعت في مدينة بون الألمانية قبل تصويت مجلس الأمن الدولي وأكدت دعمها للمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد وعدم التعديل على خارطة الحل السياسية التي تقضي بانسحاب الانقلابيين من (صنعاء والحديدة وتعز) ثم الدخول في إجراءات الانتقال السياسي.
الجزء الأصعب في تنفيذ الحل اليمني هو في بدايتها فالحوثيون يرفضون الانسحاب خشية عدم الالتزام بالإجراءات التراتبية التالية، ولذلك يُشكل انضمام سلطنة عُمان إلى الرباعية إضافة تؤكد رغبة المجتمع الدولي على إنهاء الأزمة اليمنية وتمكين اليمنيين بالعودة إلى مسار المبادرة الخليجية لتستكمل طريقها عبر الاستفتاء على الدستور والدعوة إلى انتخابات برلمانية، الحل السياسي يعتبر الطريق نحو إغاثة الشعب الذي أُنهك في التخبطات السياسية وما شكله الانقلاب زاد من معاناة السكان الذين تحولوا إلى ضحية لأطراف صراع سياسي ما زالوا يمارسون سياسة كسر العظم وإلغاء الآخر دون مراعاة لحجم الكارثة الإنسانية التي سيدفعها اليمن عقوداً قادمة.