طبعا النظام العسكري، أو كماُيسمى في كل مكان بالضبط والربط و العسكري يمثل ركيزة الحياة العسكرية .. طبعاً لن أتكلم عن سياسة أو آيدلوجية " ج ي د ش " التي عمل ذلك النظام على غرسها في أجهزة الأمن والجيش آنذاك والقادة منهم خاصة حتى أن بعضهم يزايد ويتفاخر بها ويتخذها وسيلة لإثبات الولاء والإخلاص لينال الترقية، أكرر وأقول ليس هذا محور الكلام، ولكن الرسالة التي أحببت أن يعيها القائمين على النخبة العسكرية: هي القوانين العسكري الذي كانت تنظم الحياة العسكرية والعلاقة بين العسكريين أنفسهم قادة وجنود وما هو مطلوب من العسكري وما له وما عليه، وأنا لست متخصصاً عسكرياً، لكنني عايشت تلك المرحلة عندما التحقت بالخدمة العسكرية الإلزامية في سبعينيات القرن الماضي .
طبعاً كان النظام المسير للحياة العسكرية آنذاك الكثير منه مقتبس من النظام البريطاني ولاسيما فيما يتعلق بالإحصاء والتسجيل والأرشفة ونظام الرواتب والتسليم والاستلام والعهدة حتى نظام الأكل والتعامل مع المطبخ وكذا تناول المنشطات وغيرها، وكيفية تنظيف وتنظيم الثكنات العسكرية وما حولها وحتى طريقة تنظيم فرش النوم وو ...الخ .
وسأسرد هذه الواقعة للاستشهاد لا للحصر وهي جوهر الرسالة التي أرت إيصالها لأخوتنا القائمين على النخبة الحضرمية .. طبعاً كان بالجنوب لكل عسكري مستحقاته نص عليه النظام وتأتي في وقتها والمخالف والغائب والهارب يتم الخصم عليه مهما بلغ من المقام، وبعد تخرج المجند من الخدمة العسكرية يستلم كل مستحقاته وقد عاصرت تلك الواقعة: عندما يتم الإشعار بالتخرج من الخدمة العسكرية يستلم المجد ما تبقى له من مستحقات، وكنا كمجندين متخرجين نذهب لمعسكر " فتح" وبالتحديد مكان يسمى " المالية " وهناك وبعد التعرف عليك بواسطة بطاقتك الشخصية ومطابقة المعلومات من قبل الشخص المكلف وبعد وضع بصمتك على كشف الراتب " الواشر " يتم تسليمك جميع ما تستحقه - بدائر مليم كما يقال – وأتذكر أن يوم الأحد هو اليوم المحدد للاستلام، و أحياناً يأتي بعض المجندين فلم يجدوا أسماءهم ومعنى هذا أنه يأتون الأحد المقبل ويحصلون على كامل حقوقهم ......وهكذا .
وحصل أن مجنداً حضرمياً غادر عدن بعد تخرجه مباشرة بسبب والضغوط النفسية والشوق للأهل والبلد ولم يستلم مستحقاته ومرت الأيام تلو الأيام فظن المحاسب أنه " بو حضرم " غير محتاج لمستحقاته وتركها ولم يعد، عندما خزاه الشيطان ووضع بصمة أخرى مكان بصمة الحضرمي وأخذ مستحقاته وظن أن الأمر أنتهى ..وبعد فترة طويلة علم بو حضرم بأن له مستحقات كمجند عندها سافر إلى عدن لاستلام مستحقاته وبالفعل جاء إلى المالية بمعسكر فتح وطلب مستحقاته وأحضروا الكشف ثم قيل له لقد استلمتها وهذه بصمتك وفرد الحضرمي لم أستلم أي مبلغ وأنا مسؤل عن كلامي و سافرت إلى حضرموت بعد تخرجي مباشرةً ولم أعد إلاّ الآن .. عندها طلبوا منه العودة ثانية وبعد تحريات ومتابعات وجدوا الفاعل واعترف بفعلته، عندها حددوا للمجند موعداً لاستلام مستحقاته وتم دفع كافة مستحقاته وتم تحويل الجاني للقضاء العسكري وقضي الأمر .. إلى القائمين على النخبة: ولكم في النظام العسكري بالجنوب لقدوة، ولتعلموا بأن الجنوب نظام قبل أن يكون شعارات جوفاء نتشدق بها، أم أنكم تريدون الجنوب أو حضرموت ولو بثقافة الآخرين ..
وللحديث بقية في: " إلى الأماراتيين القائمين على النخبة . أمسكوا بزمام الأمور"
*- بقلم الأستاذ سعيد بن زيلع