منذ اليوم الاول لتحرير عدن حضرت العشوائية فتسيدت الموقف ، أطلت المحسوبية برأسها البغيض فتلخبطت موازين المعايير وشروط القبول وضوابط التجنيد الأمني والعسكري امتلأت المعسكرات بالشباب (الغث والسمين) وكان الكم طاغيا على حساب الكيف .
مئات الشباب المستجدون وجدو أنفسهم فجأة يحملون أسم وصفة رجل الأمن على الرغم من عدم خضوع السواد الاعظم منهم لجرعات تدريبية عسكرية بمعناها الحقيقي ودون توعية بمهامهم ومسئوليتهم ودون تسليح ودون معاشات.
وزعت المناصب القيادية الأمنية دون معايير ووزعت الامكانيات دون ضوابط ونصبت البراميل والكفرات والكتل الترابية على الطرقات دون دراسة وتخطيط فتفرخت المنظومة الأمنية وتعددت المسميات وازدوجت المهمات وسادت الاتكالية وأنفلت الأمن فاستبيحت المدينة وطغى طاغوت الارهاب وأنتشر شبح الموت قتلا وتفجيرا .
خصصت الوحدات الأمنية وسميت بأسماء قادتها وهجرت القيادات معسكراتها لتمارس مهامها من دواوين منازلها فتبعتها قوافل المنتسبون لجهازي الامن والجيش لتقف في طوابير طويلة أمام منازل هولا القادة تملى الشوارع الواقعة فيها منازل القادة واضعين أنفسهم صيدا سهل الافتراس لجماعات القتل المندسة في وسط صفوفهم.
نعم تحققت انجازات أمنية ولكنها لم تتواصل ،.نعم تطهرت مدن وأحياء في العاصمة عدن من الإرهابيين ولكنها أهملت ولم تراقب.
نعم برزت وحدات أمنية في أداء مهام ناجحة ولكنها لم تحظى بالاهتمام والتحصين من الاختراق.
نعم تم الاعلان عن القبض عن عشرات الأشخاص ممن اكدت السلطات انتمائهم للجماعات الارهابية وتورطهم في عمليات اجرامية ولكنها لم تقف امام القضاء وتحاكم.
حضر الرئيس وأقام رئيس الحكومة ووزير داخليته في عدن التي اختاروها أن تكون عاصمة مؤقتة لهم واقام معالي وزير الداخلية فيها ليكن على مقربه من جهود ترسيخ الامن والإشراف على جهود مكافحة الإرهاب فيها ولكن وجودة لم يضيف شيئا لعدن بقدر ما أربك جهود السلطات المحلية والأمنية في العاصمة التي تراخت هي الاخرى وأزاحت جزء من مهامها لتضعه على كاهل سلطة معاشيق التي لا يهمها تأمين عدن في شيء بقدر ما يهمها تأمين الهضبة المتقوقعة فيها والتمسك باسم القيادة الشرعية .
اجمالا الوضع الامني السائد اليوم في العاصمة عدن ما هو الا نتاج طبيعي لتلك البداية الغير صحيحة والتي كانت العشوائية ابرز سماتها والمحسوبية أحد مرتكزاتها .
اليوم تمر بنقطة تفتيش أمنية وسط العاصمة تجد أفرادها منهمكون في تقاسم القات أو اللهو بالهواتف الذكية دون الالتفات لما حولهم ولو بنص عين .
اليوم لو أمعنت النظر ودققت في هندام وهيئة المحسوبين على الجهاز الامني أجزم انك لن تقتنع بانتماء معظمهم لهذا الجهاز الحيوي.
شخصيا لأحب المقارنة بين هذا وآخر ولكني وجدت نفسي مضطرا لمقارنة الوضع الامني في عدن بوضع المكلا خاصة وساحل حضرموت عامة فاستخلصت شيء واحد لا ثاني له الا وهو انه لا وجه للمقارنة بينهما أبدا.
في حضرموت التي تحررت بعد عام وربما أكثر من تحرير عدن تجد كل شيء مختلف.
هناك تنفذ قوات الأمن عمليات مداهمة في كل أحياء مدينة المكلا وساحل حضرموت ولم تسمع اي احتجاجات أو اتهامات لها بانتهاك حرمات المنازل وتم اعتقال العشرات بل المئات من المشتبه فيهم ولم ينبري أحد للدفاع عن هذا المعتقل او ذاك وتبرأته مسبقا حتى قبل التحقيق معه.
هناك اعتقلت الاجهزة الامنية قيادات حزبية ومواطنين شماليين بسبب تعاونهم مع العناصر الارهابية أثناء سيطرتها على المكلا ولم يتبرع احد للدفاع عنهم واتهام الامن بالتبعية لعفاش او الحوثي أو العمل على اساس مناطقي وعنصري وتكريس النزعة الانفصالية.
هناك تجد المنظومة والنظام وتجد الضبط والانضباط وتجد وحدة الامن وواحدية القيادة.
في المكلا تجد هيئة وهيبة رجل الأمن وتجد المجتمع الآمن والمتعاون وفيها جميع الوحدات الأمنية لا تسمى باسم قياداتها وضباطها وأفرادها لا ينتمون لقبيلة أو لمنطقة قياداتها.
هناك المنظومة الأمنية برمتها تخضع وتأتمر بأمر مدير أمن المحافظة والمنظومة العسكرية بكامل وحداتها وتشكيلاتها تخضع لسلطة قائد المنطقة العسكرية الثانية وكلاهما يخضعان لسلطة محافظ المحافظة رجل حضرموت الأول ورئيس لجنتها الأمنية.
في ساحل حضرموت وعاصمته المكلا بالذات تواجدت كل تلك العناصر وانتجت النجاح وأفرزت الناتج واولدت الفارق الذي أتحدث عنه بين عدن والمكلا.
الخلاصة أن المنظومة الأمنية في عدن بحاجة إلى فرمتة وإعادة ضبط وجهات وطرق أدارتها تستحق إعادة نظر وبسرعة قبل فوات الاوان.