"كتاب السيد محمد حسن عوبلي"
عرض وتلخيص د.علوي عمر بن فريد
في مطار بيروت كان ينتظرني زميلي الشيخ محمد فريد العولقي وزير خارجية الاتحاد.. وكان الشيخ محمد فريد شديد الوجوم وسألني عن الوضع في عدن والاتحاد فأجبته أن الحكومة الاتحادية تسيطر سيطرة تامة على الوضع العام.. فيما عدا يافع العليا.
وهكذا بدأت الرحلة من عدن وكانت رحلة بلا عودة، ولم أعلم أنها ستكون كذلك إذ أنني املك الثقة بنفسي لدرجة يمكنني معها ضرب أي حركة تقوم بها الجبهة القومية اذا حاولت انتزاع الحكم بالقوة، ولكن الأوطان لاتضاع ولا يترك مصيرها لحفنة من المغامرين والمراهقين السياسيين ذلك أن الطريقة التي استخدمتها الجبهة القومية في انتزاع الحكم وفرض سيطرتها على الجنوب العربي قد كشفتها امام شعب الجنوب العربي، والشعوب العربية كلها بل والعالم أجمع..وطريقة وصولها الى الحكم قد دفعتها إلى الأبد وهي تحمل في ثناياها جرثومة هدمها من داخل الجبهة القومية نفسها ولدى وصولي بيروت خلوت بنفسي وعادت بي الذاكرة القهقرى، ووجدت نفسي استعرض بصورة واقعية وتجريدية المراحل التي مرت بها عدن والجنوب العربي منذ طرح فكرة توحيد الجنوب..والمراحل التي مر بها اتحاد الجنوب العربي بعد تشكيله، وما أعقب ذلك من تدمير وتخريب واغتيالات وإراقة دماء الأبرياء مما أوصل الجنوب العربي إلى حالة من الفوضى لا مثيل لها!!
ويواصل الوزير عوبلي القول:
ليس هذا الكتاب تاريخا لعدن والجنوب العربي بل سرد حقائق حول الفترة الأخيرة من حكم بريطانيا للمنطقة والتي أحاط بها ضباب من الغموض يجعل الرؤيا غير واضحة لمن لا يعرف خفايا السياسة البريطانية!!
واستهل السيد عوبلي الفصل الثاني من كتابه مبينا أهمية الموقع الاستراتيجي لعدن وقال:
تقع عدن عند نقطة التقاء ثلاث قارات هي: آسيا وافريقيا واستراليا وبصورة غير مباشرة القارة الأوربية، وتعد عدن نقطة الارتكاز شرق قناة السويس وملتقى التجارة العالمية.
ويعود بنا الكتاب الى غزو بريطانيا لعدن عندما اتخذت من غرق سفينة كانت تحمل عددا من الحجاج الهنود بفعل عاصفة بحرية ذريعة لاحتلال عدن عام 1839م بقيادة الكابتن هينس!!
وللعظة والتاريخ أذكر أن المذكور(هينس) قد استدعته الحكومة البريطانية للمحاكمة بتهمة الاختلاس والتلاعب بالأموال العامة وقضت عليه بالسجن، ولم يخرج منه إلا بعد أن فقد بصره ولم يعش بعد ذلك إلا قليلا!!
ويواصل الوزير عوبلي القول: من عدن تسلل النفوذ البريطاني أولا إلى السلطنة العبدلية التي كانت محتفظة باستقلالها الذاتي متخذا شكل الصداقة وحسن الجوار لسببين، الأول: أن عدن كانت الجزء الذي اقتطعته بريطانيا من السلطنة العبدلية ومن ثم وجب تهدئتها، والثاني: لأنها تفصل بين عدن واليمن.
بعد ذلك عقدت بريطانيا معاهدات صداقة وحماية على جزء من الجنوب العربي عرف فيما بعد بالنواحي التسع ثم بمحمية عدن الغربية، وفي الوقت نفسه حصلت اليمن على استقلالها من التبعية التركية..
وقد سعى البريطانيون لفرض الحماية على حضرموت والمهرة معتمدين على الغش والخداع واستغلال الخلافات القبلية وتطبيق طرق الانتهازية السياسية واللااخلاقية في استمالة رجال القبائل وزعماء العشائر بالأموال والسلاح وبذلك تم لهم اخضاع سلطنات القعيطي والكثيري والمهرة وسقطرى وتحولت حضرموت إلى محمية عدن الشرقية!!
اما اليمن فقد نجت من الاحتلال البريطاني نتيجة التنافس البريطاني – الإيطالي عليها ووقوف بريطانيا في وجه أي محاولة ايطالية لاحتلالها والعكس بالعكس!!
وبموجب اتفاق سري بين بريطانيا وايطاليا اتفقت الدولتان على أن لا يحاول أي منها احتلال اليمن!!
وإلى اللقاء في الحلقة الثالثة
*- للإطلاع على الحلقة الأولى : أضـــــــغط هنــــا