هذا الكتاب الصادر عام 2011 م عن دار الوجيدة للنشر و التوزيع - غيل باوزير ، يتحدث عن بعض شعراء العامية الحضارم و هم :
* الشاعر محفوظ عبدالرحمن العطيشي
* الشاعر عمر بن شيخ بن طاهر باوزير
* الشاعر سعيد عبدالله قشمر بافضل
* الشاعر ناجي سعيد بن علي الحاج
* الشاعر محمد عوض الحباني
* الشاعر صالح ربيع بلسود
* الشاعر محفوظ علي باسويد
و قد بذل فيه مؤلفه – الكاتب و الباحث و الشاعر - الأستاذ الخلوق الرائع : سامي محمد بن شيخان كما يلمس القارئ للكتاب جهدا كبيرا ، كونه تصدى لحياة و أشعار 7 شعراء شعبيين ،استمد معلوماته عنهم من الرواة و الحفظة لأشعارهم *، و من أشرطة الكاسيت ، و مقابلاته مع المتأخرين منهم ، و رجع لكتاب وحيد و هو كتاب - الميزان - لبامطرف – و بعض الصحف و النشرات ، - و اعتمد الباحث على تقصٍّ واع و إحاطة وافية و تذوق للشعر العامي ، لمن تحدث عنهم من الشعراء و كتب بلغة أدبية جزلة و رصينة .. و الكتاب زاخر بأحلى و أجمل الأشعار العامية التي تدلل و تؤكد على أن الشعر العامي هو الفن الشعبي الجميل و المرغوب و الشائق ، والمعبر عن آمال الناس و آلامهم بلهجة بسيطة مألوفة محبوبة ، و من خلال أشكال فنية راقية خالدة .. و سنحاول هنا أن نمر مرور الكرام ، على صفحات الكتاب ال 166 ، و أن نختار أو نقرأ بصوت مسموع شذرات هامة من الكتاب ، إذ يطيب لنا أن يشاركنا بقية أصدقائنا الأعزاء المتعة و الفائدة ..
* الشاعر محفوظ عبدالرحمن العطيشي
لي ساير البدو في الوديان يتهيّم
بهذل بنفسه و لقـّى له شـَعر و حبوس !!
* يشير مؤلف الكتاب بأن الشاعر العطيشي باوزير ، - 1888 – 1942 م - أحد شعراء منطقة الصداع البارزين ، و الصداع هي إحدى قرى مديرية غيل باوزير ، سُميّت بهذا الإسم لوجود – صَدع – أي نبع ماء على الأرض فيها ، بدأ الشاعر العطيشي ينظم الشعر العامي في سن مبكرة ، قال عنه الشاعر سعيد قشمر : - لو حضر العطيشي معنا في مدارة الشبواني لأكل عشانا من تحتنا ، و لكن ربنا حفظ و سلم .. وقع شاعر هبيش –
* و الشاعر المحضار أشار اليه عندما أشار الى المصادر التي تأثر بها في شعره في قوله :
من روح ثغر الشحر جابه ما فتح ديوان عنتر
من مدرسة معلاق من قاموس بن حيمد و قشمر
من صوت سعد الزين من سواد من نغمة مقمر
من شيخ محفوظ العطيشي من قصد مرتع أبو زيد
* و قد جاءت أشعار العطيشي كما يقول الباحث الأستاذ سامي بن شيخان ، معايشة لقضايا و هموم بيئته ، و منسجمة بل وليدة معايشة حقيقية لتلك البيئة .. فهو يقول عندما صدم بمواقف بعض أصدقائه :
قولول لبو عامر قطعت الياس من بعض العرب
لي نا منزلهم منازلهم و حاسبهم ثقات
و تقلبت بقعه و هذا الوقت يا سعيد انقلب كلْ من خرج كِلمهْ نساها ما حسب للتاليات
ما حد سقانا يومنا عطشان ظامي با شرب
أين العوايد ؟ كنت نشرب من موارد صافيات
و اليوم زقلوا بي صحابي ثار جوفي والتهب
لي ما عطوا المعروف حقه و آمروا بالمنكرات
مَجْمَع و منبر و الكتب و خطيب يعجب لا خطب
لكنها مثل الذي يقرع بواب امقفلات
* و عاش الشاعر العطيشي حياته فقيرا ، محاصرا بقسوة الحياة و تقلبات الأيام و مرارتها ، و من قلة التنمباك يقول :
كزّيت في القصبهْ و كسّرت البواري و الرشب
من قلة التمباك ماكهلهن قبالي مركزات
* و نالت – الهبيش – تلك الرقصة بدوية المنشأ ، ذات الطابع الغزلي جل اهتمام الشاعر العطيشي ، و أعجب بألحانها الشجية السريعة و خفة و حركة الراقصين و مشاركة الراقصات الرواعي في هذه الرقصة الى جانب الرجال ، و له فيها اسهامات عديدة – مساجلات و مسرَّحات – تبادلها مع غيره من الشعراء ، شملت مختلف القضايا و الحوادث التي عاصرها .. يقول في إحداها :
بعطيك كِلمهْ سكُتْ و لعاد تتكلم
خيشة ذبر لي معه ، ماهي عسل مدبوس
قد قلت لك بالصبيغه ليش تتحزم
خل الصبايغ .. لبن ملعب و بن كردوس
لي ساير البدو في الوديان يتهيم
بهذل بنفسه و لقّىَ له شعر و حبوس !!
* كما يبدو تأثير البيئة واختياره لمهنة – الجمالة – كما يذكر الباحث ، التي استمد منها الكثير من صوره الشعرية و غلف بها أشعاره كقوله :
لا حد يغوّز لك جمل باداس ما مثله جمل
و لا يغرنك جمال الجامحة و بني عجيل
* و للشاعر العطيشي بعض الشعر في مجال الغزل و منه قوله :
يعشق الزين قلبي ينشرح بالخضيرة
من يبيت مثيلي يدحق الشوك تدحيق
بخص والله على من هو حباله قصيرة
عادنا ع الميه والألف بقدر و با طيق
* و القول التالي يذكرنا ، بتأثير المحضار بالشاعر العطيشي ، حيث يقول العطيشي :
يغلب علي أصلي يقول الجيد بن عبدالرحمن
و يقول المحضار :
ماعيب حد يغلب علي أصلي
* و كان الشاعر العطيشي ، لسان قومه و الناطق الرسمي باسم سكان البادية عامة ، و الحموم خاصة ، يصور أفراحهم و أتراحهم ، ولم يتوقف عند قضية بعينها ، بل تجول بشعره في فضاءآت عديدة منها الاجتماعي والاخلاقي والاقتصادي و السياسي و توزعت أغراضه في المدح و الوصف و الرثاء و الغزل و التندر و الفكاهة ، و لهذا فقد احتل مكانة خاصة في قلوب أهالي قريته ، و نال تقديرهم و احترامهم ، و لسان حالهم في مختلف المحافل .
هامش
على أن النقل عن الرواة و بالأخص نقل أشعار المتقدمين ، مسألة ليست سهلة ، و يلحظ المهتمون عيوبها الطفيفة ، و لكن ليس بيدهم حيلة ، فإما أن تتعرض أشعار الرواد للضياع و النسيان ، و أما أن تحفظ في كتب على علات النقل - و لحسن الحظ أن مؤلف هذا الكتاب أحد الشعراء ، فصحح ما استطاع مما سمع كما يبدو ..
* و لا بأس من أن أورد مثلا حول ما أشرت اليه ، فقد جاء في الكتاب صفحة 29 مساجلة بين الشاعر سالم سعيد باسباع ، و الشاعر العطيشي على البحر المثمون :
با سباع :
حيا بنسل العطيشي لي على الداعي وصل
وانعم صليب الرأس يا نسل العطيشي باوزير
و في ما ذكر خروج طفيف عن المثمون فربما كان الصواب :
حيا و مرحب بالعطيشي لي على الداعي وصل
و انعم صليب الرأس يا نعم العطيشي باوزير و على كلٍّ ، كل الأبحاث المنشورة المتعلقة بالشعر العامي ، تقع في مثل هذه المآخذ الطفيفة .
*- شبوه برس - جولدن نيوز : أ صالح سالم عمير