سيصاب مارتين كوبلر، المبعوث الاممي الى ليبيا، بمرض مزمن جراء التطورات الاخيرة، التي نسفت عملية ادارة الفوضى المكلف بها من قبل القوى الكبرى الطامعة باعادة ليبيا الى حظيرة مشروع الشرق الدموي الجديد التي توشك الدولة الغنية ان تنفلت منه وجاء تحرك حفتر والجيش ليحرم كوبلر من ممارسة استكمال رسم اللوحة السريالية وفقا للذائقة الدولية المعرقلة لاية تسوية للنزاع
اليوم وصل كوبلر الى القاهرة لاهثا كحيوان بري يسابق الريح في زيارة مفاجئة خاصة ان عدد من الاطراف الليبية على راسها السراج وصالح قد لبوا النداء المصري المستعجل للحضور الى القاهرة المثابرة على مد جسور الثقة بين مختلف اطراف المشهد الا من ابى وذهب ليلعق احذية الناتو او يبتهل لايطاليا ان تنقذ احلامه القزمة
الجيش الذي اعاد الهلال النفطي الممتد من اجدابيا الى راس لانوف الى حظيرة الدولة اصاب الاطراف الدولية بالصدمة مما استدعى ان يندد مسؤول ايطاليي بالاقتحام وكأن الهلال النفطي يدخل في اطار وصية والدته- النافقة لاشك- ولايقع ضمن جماهيرية الشعب الليبي التي تخرج تدريجيا بحكم الواقع من المستنقع المتورطة فيه .
يبدو ان معمر سيبقى بذكراه ونهجه وخياراته سببا لمتاعب المتربصين الذين ينظفون اسنانهم لالتهام كعكة ليبيا كما كان في حياته تماما
كأمين للامة حمى معمر الجماهيرية ووزع الثروة بالتساوي وقدم الامن والخبز لكل مواطن وكانت الحرية الاجتماعية فلسفة الرجل الواقعية والتي تتمظهر في صورة لجان شعبية تحكم محليا قبل ان تهجم العصابات على الشعب الليبي لتدشن عصر القسوة والذبح والوحشية والاضطهاد برعاية اوغاد الاستعمار الجديد وباستخدام الكيانات البلاستيكية المحلية في سعيها لاستعادة الطبقية الاقطاعية المريضة وتسليم رقبة الدولة الليبية الى مقصلة البنك الدولي وصندوق النقد والتسول والتقسيم ومغادرة محيطها القومي العربي بلارجعة
وفي ظل الاعتداء الهمجي للطيران الاميركي على سرت ونواحيها ،تأتي التطورات الاخيرة، لتمزق وثائق الاتفاقات التي سبق لكوبلر ابرامها، كما تعطي علامات كاسحة، لجهة مقدرة الجيش على تكنيس منظمات داعش وماشابهها، من كل شبر من ليبيا من دون حاجة لاي تنسيق او تعاون مع واشنطن او روما.
بالامس ، كانت بنغازي ستشهد مظاهرات عارمة ، مؤيدة لحفتر والجيش ، وتقدم الشكر للدور المصري، لولا عملية تفجير جبانة تكشف حجم ارتباك المافيا الدولية في الكواليس .
في ليبيا ، يفتقر المشروع الامبريالي الاستعماري، لثنائية الشيعة والسنة ،كوقود ملائم لاشعال نيران الكراهية والاقتتال الاهلي ، وكل مايراهن عليه، مجاميع من البرابرة الغاضبون لهزيمة جدهم الجنرال الايطالي جرازياني، المهزوم ببارودة عمر المختار ويوسف العظمة .
مجاميع البرابرة، هؤلاء، يرتلون القرآن ، ويؤدون عاصفة من الصلوات الجحيم والدم، الا ان هزيمتهم المدوية حتمية، والشعب سيوجه لهم الطعنات مشفوعة بالتساؤل الساخر من انتم؟ تماما كما قالها لهم" معمر"
*- صالح علي بامقشيم