من البديهيات التي يعرفها كل من يسكن في المعمورة اليوم ان اي حكومة تتصدر حكم اي شعب يكون من اوجب واجباتها توفير الخدمات الاساسية لجميع المواطنين في البلد الذي تحكمه دون استثناء، ومن هذه الخدمات الصحة والتعليم والسكن المناسب والوظيفة وغير ذلك بما يضمن مستوى معين من الحياة الكريمة للمواطن .
قد يبدو هذا الحديث نوعا من الخيال
اليوم لدى المواطن الذي يعيش نكبات متلاحقة في مدينة عدن المعلنة افتراضا عاصمة مؤقتة.
عدن هذه المدينة التي قاومت الانقلاب وانتصرت بعزيمة وايمان اهلها وتمسكهم بحريتهم وانتمائهم العربي، تعاني اليوم الامرين بعد ان تخلت عنها حكومة الشرعية وتركتها تواجه المتاعب والازمات دون ان تكلف نفسها القيام بابسط واجباتها فضلا عن مقابلة الاحسان بالاحسان كما يفترض ان تفعل الحكومة للمدينة والمحافظة التي وهبتها ارض انتصار بين وواضح لالبس فيه كانت في أمسّ الحاجة اليه ، دون مقابل .
فماذا فعلت حكومة هادي لهذه المدينة ، واي جزاء قدمته لاهلها؟
سؤال قد يبدو ساذجا في ظل الوضع الذي وصلت اليه عدن واخواتها المحررات، اللواتي تُركن ليواجهن مصيرا مجهولا في بحر متلاطم يموج بالازمات والتحديات دون ربان يقود السفينة وهو الدور المفترض ان تقوم به حكومة الشرعية الغائبة عن الارض والمشلولة قصدا او بدون قصد، فالنتيجة واحدة الهوة بين الشعب والحكومة تزداد اتساعا حتى ليبدو ان احدهما في كوكب والثاني في كوكب آخر وبينهما ملايين السنين الضوئية .
لم تكن ازمة الكهرباء والمشتقات النفطية المستمرة في عدن الا راس جبل الجليد في سلسة لامتناهية من الازمات والمشاكل التي سببها عقم الحكومة وغياب التغطية عنها بل وانحيازها الى جانب غول الفساد واربابه بدلا من ان تقف الى جانب المواطن والسلطات المحلية اللذين يواجهان منظومة فساد منظم متغلغلة في اركان وجنبات الدولة ومؤسساتها.
وان كان ديننا الحنيف يضبط العلاقة بين الراعي والرعية بدقة وتفاصيل تعززها القوانين والنظم المتعامل بها في كل دول العالم، فان الامر في هذا البلد المكلوم يبدو بعيدا عن الالتزام او حتى محاولة الالتزام بقواعد وفئات تلك العلاقة من قبل الراعي وهي الحكومة الموقرة.
واذ يتساءل المواطن عن سر هذا الاهمال، فقد وصل الحال بالبعض الى حد التشكيك بنوايا الحكومة مستشهدا بالصمت القاتل والمستمر من قبل الحكومة واحجامها عن الادلاء ولو بتصريح مقتضب يستشف من خلاله الناس ان هذه المنظومة تعبأ بمعاناته وتهتم له،
ربما مالا يعلمه اولئك المسؤلين في حكومة بن دغر ان المواطن يعرف جيدا من المسؤول عن توفير الخدمات، ويعي تماما ان هذا دور الحكومة حصرا فهي الجهة التي يفترض بها ان تقدم الخدمات كجزء لامجال لمواربته من واجباتها، فاذا كانت غير قادرة او لاترغب وهو مايبدو الاقرب فقد آن الاوان ان تعلن عن عجزها وتترك المجال لمن يستطيع، وهم كُثر .