تقرير الغبار الأسود: اليمن .. انفصال كارثي الحدوث حضرمي النتائج

2016-05-23 09:46
تقرير الغبار الأسود: اليمن .. انفصال كارثي الحدوث حضرمي النتائج
شبوه برس - متابعات - صنعاء

 

منقول عن موقع نشوان نيوز اليمني : كتبه عادل الأحمدي – ناشر الموقع

 

هل بالإمكان عودة التشطير في اليمن؟

هذا سؤال يتطلب إجابة واقعية بعيداً عن العواطف وحقائق التاريخ ووحدة الأرض والشعب والمصير..

المسألة تتطلب إجابة تعتمد على لغة الأرقام وميزان القوى وحسابات الربح والخسارة، بعيداً عن العدل والمساواة والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والكلام الفاضي.

الرياح دائماً تجري في صالح الطرف السياسي الأقوى شكيمة والأوسع تحالفاً والأذكى خطاباً.. وبالتالي على اليمنيين سواء من أنصار الوحدة أو من دعاة الانفصال أن يكون لديهم قراءة واقعية عارية تختصر عليهم الوقت..

 

ومثل هذه القراءة أصبحت أمراً واجباً بعد أن اتضح من خلال عودة البيض وبيانه من ميونخ الخميس الماضي، وبيانات التأييد والاستجابة للبيض من فصائل الحراك الجنوبي أن ثمة مشروعاً مدروساً يمتلك الجرأة والمال والحلفاء ويتحدث بثقة تامة على أنه سوف ينجح.

 

بالإمكان حدوث انفصال في اليمن، دولتين أو دويلات.. وبالإمكان أيضاً بقاء الوحدة، لكن الأبعد هو صمود الفيدرالية.

وفي كلا الحالات فإن هناك ما يستوجب قراءة الأحداث المصاحبة والخلفيات الحقيقية.

 

قصة الوحدة

مجموع السكان الموجودين في جنوب جزيرة العرب، يسمون باليمن.. وأحياناً يعطي المؤرخون خصوصية نسبية لإنسان حضرموت. ومنذ انهيار الدولة الحميرية اتخذت هذه الأرض صيغاً عدة من الوحدة والتشطير. وآخر نماذج التشطير كان جمهوريتي اليمن الشمالي والجنوبي اللتين توحدتا في العام 90.  بعد أن ساعدت أدبيات ثورة الشمال والجنوب على ترميم الهوية اليمنية التي سرعت بدورها خطوات الوحدة بين شطرين أحدهما يمتلك ثلثي الأرض، وخمس السكان.. والآخر يمتلك ثلث الأرض وأربعة أخماس السكان. الأول هو ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والثاني الجمهورية العربية اليمنية..

 

وضع الدولتين عشية الوحدة

 

اليمن الشمالي منسجم ومزدهر، فاعل (ومتفاعل) في (ومع) نطاقه الإقليمي العربي والدولي، لديه ثروة نفطية وتعددية غير معلنة ينهج النظام الرأسمالي، واليمن الجنوبي ممزق الأوصال بعد مجزرة يناير 86 معزول إقليمياً وعربياً ومنتم للمعسكر الدولي المهزوم في الحرب الباردة (الاتحاد السوفيتي). عليه مدينونة تبلغ 8 مليارات دولار، وجزء من تركيبته الإجتماعية مقيم في الخارج بشكل قسري (بقايا السلاطين). محكوم بقبضة الحزب الواحد وبالكاد تجد فيه شارعاً مسفلتاً حديثاً ومبنىً جديدا.

 

اتفاق الوحدة

قضى اتفاق الوحدة إلى تكوين مجلس رئاسة بنسبة 3 ش / 2ج ويكون الرئيس شمالياً ونائبه جنوبي ورئيس الوزراء زائداً مجلس النواب (السلطة التشريعية) مع السماح لتعددية سياسية حزبية معلنة، بحيث ينتقل الحكم بعد أول انتخابات وفقاً لنتائج الصندوق من تقاسم الشراكة إلى إرادة الجماهير.  وظل كلا الحزبين الشريكين في صناعة الوحدة المؤتمر شمال والإشتراكي جنوب، محتفظاً بالجيش التابع له.

 

جذور الخلاف بين الشريكين

بعد 70 يوماً من الوحدة احتل العراق الكويت وعارض اليمن الموحد مجيء قوات أجنبية لتحرير الكويت، الأمر الذي أوجد مناخاً إقليمياً ودولياً مشجعاً على إحداث خلاف بين الرئيس ونائبه، وحدثت أزمة اقتصادية هائلة بسبب عودة  ما يقرب من 850 ألف مغترب (90% منهم من الشمال) جراء أزمة الخليج. لتأتي انتخابات 93 لصالح المؤتمر الشعبي ش والإصلاح ش، بمجموع 186 مقعداً مقابل 55 للاشتراكي (قوام البرلمان 301)، علماً أن التنافس لم يحدث سوى في الشمال والجنوب مغلق للحزب الاشتراكي، الأمر الذي أدى إلى الحرب.. التي استعد لها الطرف الفائز في الانتخابات استعداداً جيداً ونزح على إثرها البيض بعد أن أعلن الانفصال أثناء الحرب.

 

للتذكير:

تحمل الشمال مديونية الجنوب، وكلفة الوحدة الاندماجية، وتم خلال الثلاث السنين الأولى من الوحدة توظيف ما يقارب 500 ألف من الجنوب.. وبعد العام 94 تم تسخير 70% من مشاريع التنمية إلى الجنوب المترامي الأطراف. كما انتقل قرابة 65% على الأقل من رأس مال الشمال للاستثمار في الجنوب.

نسبة الموظفين في الجنوب قياساً بحجمهم السكاني الضئيل يساوي ضعفي نسبة الموظفين في الشمال، رغم كونهم يمثلون أربعة أخماس السكان. ومستوى معيشة المواطن في الشمال كانت قبل الوحدة أفضل بكثير من مستوى معيشته اليوم.. على عكس المواطن في الجنوب.. وبعد الوحدة تم اكتشاف نفط في الجنوب (وهذا جذر الانفصال).

 

التداخل الديمجرافي قبل وبعد الوحدة

كثيرون لا يعيرون اهتماماً لدراسة الظاهرة السكانية في شطري اليمن، لماذا الجنوب ثلثي المساحة وخمس السكان ولماذا الشمال أربعة أخماس السكان وثلث المساحة؟

 

والحق أن عوامل النزوع الفطري للاحتراب المتواصل في الجنوب كان هو العامل الأبرز في نروح الكثير من سكان الجنوب عبر حقب متتالية إما إلى شمال اليمن، أو شرق أفريقيا (تنزانيا وكينيا) أو جنوب شرق أسيا (أندونيسيا وسنغافورا وبروناي) أو غرب الهند.

 

معظم قبائل وسط اليمن هي من أصول يافعية، كذلك الحال في حضرموت حيث سلاطنة الكثيري هم همدان الجوف بينما سلاطنة القعيطي من يافع. وأثناء الحروب بين السلطنتين تغلغل محاربو يافع وأصبحوا يمثلون جزءاً كبيراً من سكان حضرموت الداخل.

في حين تمتلئ عواصم المدن الرئيسية في الشمال بالأصول الحضرمية.. كما هو الحال في صنعاء وإب وتعز.  بينما شكل الشماليون أغلبية نسبية من سكان عدن، هذا في الفترات القريبة أيام ازدهارها كميناء.

 

بعد الوحدة انتقل ما يزيد عن مليونين ونصف خلال 19 عاماً من الشمال إلى الجنوب، وقرابة مليون جنوبي إلى الشمال، موظفين وعمال وجنود ومستثمرين. وحدثت عملية مصاهرات واسعة شديدة التشابك، وأصبحت مناطق بأسرها في الجنوب البائع شمالي والمشتري شمالي، صاحب المطعم شمالي والزبائن شماليين.

 

حرب 94

تآمر الطرفان الشريكان على بعضهما بعد الوحدة، وجاءت الظروف لصالح تحالف الوحدوين في الشمال والجنوب عسكرياً وشعبياً، وفر البيض ، بينما حل جنوبيون آخرون في مواقع الشراكة، منهم عبدربه منصور وباجمال وحالياً مجور. عدا عن الوزراء وكبار القادة العسكريين حتى لقد كاد اليمنيون بفعل مرور 19 سنة وتشكيل قرابة 10 حكومات ينسون أن هذه المحافظة جنوب والأخرى شمال، لولا الحراك الجنوبي الذي اندلع منذ العام 2006.

 

سياسات ما بعد الحرب

انضافت كلفة الحرب إلى كلفة الوحدة وأزمة الخليج، وتمثلت حلول البنك الدولي في تحميل الخسائر على المواطنين.. (برنامج الجرع السعرية) وبواقع الحال فإن ملايين السكان في الشمال هي التي تدفع أربعة أخماس الضريبة بلغة الأرقام، وحال التزاحم الحزبي الشرس دون ترميم آثار الحرب في النفوس. كما أدى الانفجار السكاني وشحة الموارد وضآلة الرواتب وغياب الرقابة والمحاسبة إلى تفشي الفساد وشيوع الرشوة والمحسوبية، وهي مظاهر تضرر منها كل اليمنيين.

 

غير أن أصحاب النزعات التشطيرية حرصوا على جعل الكثير من أبناء الجنوب مؤجلاً وبعيداً عن ساحة الزحام على فرص الحياة الجديدة..

 

وبعد الانتصار المفاجئ (بكل المقاييس) لجيش التحالف الوحدوي تعرض النظام لضغوط خارجية بضرورة تسريح أعداد هائلة من الجيش بدعوى أن رواتبهم تأكل مردود الجرعات.. فكان للشمال، بسبب حجمه السكاني الهائل نصيب الأسد من هذا التسريح، لكن الجنوب هو الذي بانت عليه الآثار.. بسبب التعود الاشتراكي على الاعتماد الكلي على راتب الدولة.

 

ومنذ 94 حدثت خمس دورات انتخابية شارك فيها سكان الشطرين بنسب متساوية، وامتزج فيها تنوع التمثيل الحزبي، شمالاً وجنوباً، الأمر الذي زاد من اطمئنان السلطات أن الوحدة "راسخة رسوخ الجبال".

 

دولة الوحدة حظيت بالغضب الإقليمي الذي لم تجبر آثاره بعد، وذلك بسبب الموقف من أزمة الخليج، الأمر الذي حرم دولة الوحدة الدعم الحاتمي الذي كان ينداح إلى الخزينة في الشمال من صناديق الكويت والرياض وأبوظبي، كما أتاح الفرصة أمام تحرك سلس لبعض الرموز الانفصالية.. وفقاً لحالة الطقس بين صنعاء وعواصم مجلس التعاون.

 

حرب الحوثي

جاء تمرد حركة الحوثي التي يقودها عناصر قبلية ودينية مسلحة من بقايا الإمامة الشيعية الحاكمة للشمال قبل 1962، والمعتمدة على دعم العملاق الإقليمي الصاعد إيران، لتدخل البلاد في نفق حروب خمس، كسرت هيبة الدولة والجيش وفتحت شهية الأطراف الانفصالية في الجنوب لكي تسرع خطوات إعادة البراميل. وتم لها نشر حالة تذمر عارمة في أوساط المواطنين ساعدها في ذلك حالة الفقر وهشاشة خطاب الدولة ومناخ حرية التعبير والصحافة. واضمحلال دور القضاء والبرلمان ولا جدوى الأحزاب.

 

سيناريوهات الانفصال

اعتمد الحراك الجنوبي لغة عاطفية وشعارات مطلبية واكتسب تعاطف جميع القوى وكان مطلبه الوحيد الاعتراف بالقضية الجنوبية، وبعد أن اعترف معظم الأطراف بالقضية الجنوبية اكتشف الجميع أنهم مطالبون بالاعتراف بالجنوب العربي اليمني وأن أمامهم مشروعاً عنصرياً ومناطقياً.. وأن جنوب اليمن ليس من اليمن، في مشروع مشابه، بل ومطابق لما شرع به الاحتلال البريطاني للجنوب وسقط بالجلاء والاستقلال 1967.

 

وعبر مؤشرات واضحة بدا أن البيض لم يكن معتزلاً السياسة كما أعلن قبل 15 عاماً، بل كان يطبخ اللعبة على نار هادئة، ويساعد بخبرته وأذرعه على إنضاج الظروف.. وصولاً إلى إعلانه 21 من الشهر الجاري من ميونخ في ألمانيا قيادة مساعي ما يسميه  بـ"فك الارتباط" أي إعادة التشطير من جديد..

 

تزامن الإعلان مع تطور الحراك السلمي إلى حراك غير سلمي وكذا احتشاد مجموعة من السفن الغربية في خليج عدن تحت مبرر مكافحة القراصنة الصومال. وإشهار قناة معارضة تبث من لندن "عدن الحرة".

 

ويبدو اليوم أن إيقاعات مشروع ما يسمى بـ "فك الارتباط" أكثر سرعة وانسجاماً وتخطيطاً من جهود الدفاع عن الوحدة..

 

إمكانيات نجاح الانفصال

أولاً: بعد كل التضحيات التي قدمها الشمال وبسبب تركز الثروة في الجنوب والثقل السكاني الشمالي الهائل، ومصادر الرزق الموجودة هناك فإن الشمال مستعد لتقديم ثلاثة إلى خمسة ملايين قتيل في سبيل الدفاع عن بقاء الوحدة دون أن يتأثر حجمه السكاني.. بينما سكان الجنوب لا يتعدون ثلاثة ملايين ونصف، ثلثهم من أصول شمالية، وثلثهم الآخر وحدوي، مضافاً إليه قرابة مليونين ونصف من أبناء الشمال مقيمين في الجنوب. ومليون يتوقع توافده خلال الشهر القادم.

 

وبالتالي، فإن مقولة الرئيس صالح بأن الحرب ستكون من بيت لبيت ومن نافذة إلى نافذة هو قول مبني على قراءة دقيقة لواقع الاندماج السكاني. وبالتالي، فإن ضريبة الأرواح التي يجب أن يقدمها انفصاليو الجنوب لكي يستأثر وحده بالثروة هي نفسها مجموع سكانه.. ما بالك أن ثلث هؤلاء السكان (على الأقل) وحدويون وثلثهم الوحدوي الثاني من أصول شمالية.. هذا إذا تناسينا المليون جنوبي الموجود في الشمال.

 

ثانياً: هب أن ارتباك صنعاء وسوء الإدارة واستحكام المخطط الانفصالي قد عمل على الإسراع بالاعتراف بكيانات جنوبية.. فإن طبيعة التداخل السكاني الشديد في مناطق الكثافة الجبلية غرب البلاد، كفيل بإحداث حروب دامية ستنطلق لوحدها وليست بحاجة إلى إذن من أحد.. وكلا الطرفين مسلح، غير أن الشمال وأكثر من نصف الجنوب ستكون المسألة لديه مسألة حياة أو موت، فالانفصال يعني له الموت.. جوعاً وقهراً واختناقاً، لأن التشطير بالنسبة له كفصل الروح عن البدن.

 

وبالتالي إن كان هناك أدنى شروط لنجاح تجربة انفصالية، فهو في حضرموت.. بسبب شساعة المسافة القليلة السكان بينها وبين مناطق الغرب.. وبسبب تكامل مقومات الدولة وانحصار الثروة البترولية فيها، ووجود رأس مال داعم قادر على تمويل عملية الانفصال، وكذا وجود بنية تحتية أفضل من بقية الجنوب. والأهم من ذلك أن حضرموت هي المحافظة التي ينتمي إليها قادة الانفصال حالياً (علي سالم البيض، وحيدر العطاس).

 

ومعروف أن نسبة لا بأس بها من أبناء حضرموت تريد أن تكون دولة حتى لو كان المواطن فيها يأكل من دولة الوحدة "عسل دوعني" ليلاً ونهارا.. هنالك شعور حضرمي بالتميز عن بقية أجزاء اليمن، وفي حضرموت ينظرون لأبناء صنعاء وإب والضالع وأبين ولحج على أنهم شيء واحد.. ولن يعلن مثل هذا الشيء، انفصال حضرموت، إلا بعد أن يكون أبناء يافع وردفان وأبين والضالع استنزفوا مخزونهم البشري المتحمس لحراسة مشروع الانفصال!!

 

مخطط الإمارات

المشروع أدهى وأمر.. انفصال الجنوب، سيتم على هيئة سلطنات أو إمارات تشبه إلى حد ما نظام الإمارات العربية المتحدة.. وبالتالي ستنحصر الصراعات بين شمال اليمن والسلطنات المتداخلة معه في نطاقه الجغرافي الكثيف (غرب البلاد من صعدة إلى عدن)، وكلا أطراف هذا المكان فقير بالثروات ومزدحم بالبشر والسلاح.. ودهاء مشروع الإمارات أو السلطنات ينبني على الحيلولة دون سرعة توحد هذه الأطراف الغربية شمالاً وجنوباً لاستعادة حضرموت.

 

موقف الغرب والخليج

عند الإمعان في بيانات الحراك المؤيدة لبيان البيض، يلحظ الاطمئنان التام من مسألة الغرب، وعدم استجدائه، وتركز الخطاب والمناشدة باتجاه الخليج.. وذلك لأن دول الخليج بالفعل خائفة من العواقب المجهولة لأية مشروع انفصالي سواء من حيث التداعيات السكانية الكارثية جراء الحروب والنزوحات والانفلات الأمني، أو خوفاً من أن نجاح تجربة الجنوب العربي الدامية هو الخطوة الأولى اللازمة لبروز مشاريع من قبيل"نجد والحجاز" وما إلى ذلك.. علاوة على أن الكيانات الانشطارية في حال قيامها لن تصمد سوى بتدخل عسكري غربي، يمثل احتلالاً غير معلن، وتعلن هذه الكيانات في ظله استقلالها عن بعضها البعض، وليس مضموناً أن تصب التحالفات يومئذ في صالح الخليج.

 

وبسبب الصورة المؤسفة التي آل إليها العراق فإن الخليج يخاف من تجربة دامية في اليمن غير مأمونة العواقب، خصوصاً في ظل الموت السريري للباكستان، التي كانت تعد بمثابة الذراع النووي لعروش النفط، والحليف البشري لممالك السُّنة، وكذا في ظل تغلغل التيار الحوثي الموالي لإيران في الشمال، والذي بدوره يمثل البديل الجاهز والتقليدي التاريخي لوراثة الدولة اليمنية في صنعاء.. والذي يبدو متحالفاً مع المشروع الانفصالي في الجنوب منذ خريف 94، حيث قام بدر الدين الحوثي بانتفاضة فاشلة تضامناً مع علي عسالم البيض الذي نزح إلى خارج البلاد.. نجم عن الانتفاضة تدمير منزل الحوثي ومغادرته الى السودان ولبنان وإيران برفقة ولده حسين وعادا في العام 97 ليشعلا تمرداً مسلحاً في 2004.

 

علماً أن علي سالم البيض أعلن بيان الانفصال الثاني من مدينة ميونخ بألمانيا التي يقيم فيها القيادي في الحركة الحوثية يحيى بدر الدين الحوثي.

 

ومع إحساس الخليج بالمؤامرة في باكستان فإنهم يثقون بأن ما يحدث في اليمن هو مؤامرة أيضاً، يخشى الخليخيون من أنهم ليسوا أهلاً لمنعها، وبالتالي فهم يجعلون الباب مفتوحاً أمام دعاة الانفصال حتى لا يتحول هؤلاء في حال نجاحهم إلى ساحة للمؤامرات ضد الخليج.

 

لكن الجميع (الغرب ودول الخليج) سيؤجل إعلان موقفه بناء على معطيات الواقع على الأرض، سيقف مع الوحدة إذا استبسل الطرف المدافع عنها وأظهر سيطرة تامة على الوضع.. وسوف يدفع باتجاه الانفصال إذا وجد أن مشروع الانفصال قطع المسافة الكافية التي تجعل من بقاء الوحدة مستحيلاً.

 

الحلول المطروحة

-      إزاحة الرئيس علي عبدالله صالح وتنصيب رئيس جنوبي يبدو أنه أمر لن يغذي نهم الانفصاليين ولن يصب في خانة أهداف الأساطيل، بل ربما يساعد على ارتباك الوضع بصورة أكبر في صنعاء.. ولا يستبعد أن يكون ذهاب صالح هو ساعة الصفر لكلا المشروعين (البيض والحوثي).

 

-      الفيدرالية في ظروف كهذه ستعد هدية كبيرة للانفصاليين، لأنها اعتراف مبدئي بالجنوب العربي اليمني. وهي كذلك بمثابة إتاحة المناخ الملائم لهذا المشروع أن يعمل في جو أكثر أماناً.

 

-      التفاوض مع علي سالم البيض لفك الارتباط.. مستحيل.

 

-      اغتيال البيض ليس في متناول أجهزة صنعاء، كما أنه اليوم حل فات أوانه.. وعواقبه مجهولة كذلك.

 

الوضع الراهن في صنعاء

-      خلافات داخل مركز الحكم على قضية التوريث وأسلوب معالجة الأمور وهدوء حذر بين السلطة والمعارضة، بعد اتفاقهما على تأجيل الانتخابات لعامين. وهذا الاتفاق لم يعقبه أي تقارب أو تفاهم أو تنسيق.

 

-      ترهل شديد في الأداء الحكومي وتغلغل شديد جداً للعناصر المنتمية للمشروع الحوثي والمتعاطفة معه. وقصور في الخطاب الإعلامي الرسمي وأداء تقليدي في التحركات الدبلوماسية.

 

-      والأدهى من كل ذلك عدم وجود أدنى مؤشرات للملمة الصفوف وحشد القدرات والجهود ودراسة سبل مواجهة المشروع الانفصالي بروح الفريق الواحد. وكذا انزواء الكفاءات الحقيقية عن دائرة الفعل، احتجاجاً على سياسة الإزاحة والإقصاء وتنصيب الكفاءات المحدودة، بل والمعدومة.

 

-      المشكلة اليوم في اليمن ثقة النظام الزائدة بقدرته على مواجهة هذه المخاطر منفرداً ومستغنياً عن الآخرين.. الذين يشاطرونه الإيمان بالوحدة، ويختلفون معه في أساليب الحكم.

 

الحل الممكن لبقاء الوحدة..

أن ينزل الرشد فجأة على الأطراف الوحدوية المؤثرة في صنعاء وباقي أرجاء اليمن، بحيث يتم حشد كافة القدرات السياسية والاجتماعية والمالية والأمنية والعلمائية والدبلوماسية والقضائية والإعلامية والتربوية، ضمن أداء متناغم الإيقاع شديد الهبوب، بحيث يأتي تظافر مثل هذه الجهود كعاصفة هائلة تطفئ وإلى الأبد فتيل الانفصال.

 

ولن يتاح لمثل هذا الحشد النجاح إلا بالحجر المحكم على الطابور الخامس، أو من سماهم الرئيس علي عبدالله صالح في خطابه بـ"العرضي" قبل أيام بالمندسين. وحتى الأطفال في صنعاء يعرفون بأن المقصود هم بقايا الإمامة وأصابع إيران ومخلفات الإنجليز.. ولابد أن يحدث القتل في اليمن، ونضحي بثلاثمائة ألف انفصالي مقابل أن يعيش 27 مليون نسمة حياة كريمة لا يهددها الأوغاد..

 

مواجهة اليمن مع أي مشروع للتقسيم هي مسألة حياة أو موت، بسبب تركز الثروة في مناطق المشروع الانفصالي، وهي مشكلة شبيهة بحالة روسيا مع الشيشان.. ووفقاً لكل ما سبق، لا يعد شعار الوحدة أو الموت اعتباطياً أو تعبوياً أو تخويفياً.. إذا كان ثلاثمائة ألف أو أربعمائة ألف انفصالي في الجنوب.. يريدون أن يعيشون وحدهم في منتهى الرفاهية، فهذا مستحيل.. وفي أسوأ الظروف وبعد ذهاب الملايين من الأرواح بمستطاع المجموع السكاني الفقير المحشور في جبال الغرب أن يصبح قوياً في فترة قياسية.. ليشن الحرب والوحدة من جديد، أو تقوى الدولة المنفصلة وتسعى لضم باقي الأطراف..  هذا قدر الشعب الواحد.

رابط الموضع في موقع نشوان نيوز اليمني

http://www.nashwannews.com/news.php?action=view&id=1318