▪ يوم غدا .. يفترض ان يلتقي في الكويت ممثلي الحكومة اليمنية ـ الشرعية ، مع ممثلي طرفي الانقلابين في صنعاء ، في محادثات مختلف حول تسميتها قبل الذهاب اليها ، بناء على دعوة السفير : اسماعيل ولد الشيخ ممثل الامين العام للأمم المتحدة .
ولد الشيخ الذي تولى مهمة تسوية الازمة اليمنية ، بعد فشل سلفة السفير الاممي : جمال بن عمر، في ايقاف تداعياتها التي تواصلت خلال إشرافه على مجريات الحوار الوطني ، وفق المبادرة الخليجية ، وعمل على اعطاء الانقلاب شرعية من خلال ما اطق عليه السلم و الشراكة او هيئ له اسباب نجاحه .. لا يختلف كثيرا عن سلفه بن عمر، فكلاهما يدفع الي فرض شراكة الانقلابين في تقرير مستقبل اليمن ، بل والاحتفاظ بهما كقوتين جهويتين ـ قبلية و طائفية ، استطاع ولد الشيخ فرض هذه الشراكة من خلال الذهاب الي" جنيف 1و من ثم جنيف2 "و في كل الجنيفين كسب الانقلابين مواقع متقدمة ليس اقلها اعتراف الشرعية بنديتهما على حساب مشروعية شرعية الحكومة المتأكلة ذاتيا و تحالفها رغم كل عوامل القوة !؟.
□ يأتي الذهاب الي الكويت .. في ظل اتهامات متبادلة بخصوص اختراقات وقف اطلاق النار ، وهي اختراقات متوقعة ، فكل الاطراف تريد ان تحسن وضعها العسكري على الارض ، لكسب قوة تعزز موقفها التفاوضي .. اقول التفاوضي ، رغم الاصرار على تسمية اجتماعات الكويت بالتشاورية ، بحسب تصريحات وزير الخارجية :عبدالملك المخلافي المصر على ان الذهاب الي الكويت لا يتجاوز التشاور.. حول كيفية تنفيذ النقاط الخمس، التي اعلنها ولد الشيخ ، والتي تم الاتفاق عليها عبر المندوب الاممي ، في الوقت الذي يصر فيه الحوثيون على مطالبتهم بتشكيل حكومة وحدة وطنية ، بحسب تصريحات السيد : محمد عبدالسلام ـ الناطق الرسمي باسم انصار الله ، أي الحوثيون ، وهذا يتناقض مع ما يرمي اليه المخلافي فضلا عن رئيس الحكومة ـ الجديد : د. احمد بن دغر الذي قال : انهم ذاهبون الي الكويت لرسم خارطة اليمن الجديد وفق القرار الدولي 2216 وكأن هذا القرار قد حدد شكل الدولة اليمنية القادمة على نحو مختلف او متفق مع مخرجات الحوار التي انقلب عليها الانقلابين و اخذ منها عبدربه منصور شرعيته رئيسا لليمن .
□□ الذهاب الي الكويت في تقديري ليس هدفا في حد ذاته ، انما انصياعا لرغبات المجتمع الدولي او محاولة لكسبة من قبل الشرعية، الا انه يعد هدفا للحوثيين و علي عبدالله صالح .. باعتباره المحطة الثالثة في تكريس دورهم و حضورهم في مستقبل القرار السياسي اليمني ، وهو حضور في تقديري يتجاوز مبدأ المواطنة وحقوقها في الدولة القادمة الي مبدأ الشراكة في الحكم و التحكم في مسارات الدور اليمني في امن واستقرار المنطقة ، بل وتهديدها بهم ، كما هو حال حزب الله اللبناني في بلاد الشام .
لا اقول ذلك من قبيل المبالغة ولا التهويل ، واعرف ان هناك من لا يقرني في تكراري لوجود مخططات اقليمية و فوق اقليمية لإعادة رسم خرائط المنطقة وان ادوات هذه القوى .. التنظيمات المسلحة ذات الشعارات الاسلاموية المتطرفة ، المتشيعة منها و المتسننة ، فما يجري في العراق وسوريا لا يعطي مثالا على ذلك فحسب ، بل ويؤكده ، فضلا عن ما يجري في ليبيا والذي لا يختلف كثيرا عن الحالة و الاوضاع اليمنية ، التي تميزت بوجود قيادة شرعية ـ سيادية و حكومية ، معترف بها دوليا و مدعومة بتحالف عربي لاستعادة الدولة اليمنية ، المشلولة سلطتها من قبل التنظيمات الاسلاموية ـ القاعدية و الداعشية في اقليمي حضرموت و عدن او الجنوب ، وبصرف النظر عن مستوى علاقة القاعدة و الدواعش بالرئيس السابق ، مهندس وقائد الانقلاب بالمنظمات الارهابية ، وهو امر تنفي التشكيك فيه عملية تسليم ساحل حضرموت الممتد من حوف شرقي المهرة الي احور غربي شبوة، و وضع سيعزز دور القوى الانقلابية ـ المذهبية و القبلوعسكرية من خلال رفعها لشعارات محاربة الارهاب .. بعد ان اصبحت على قدم المساواة مع الشرعية اليمنية سياسيا عبر محطاتي جنيف 1و2 و بكل تأكيد لن تكون الكويت المحطة الاخيرة .. ولا تشاورية كما تريدها الرئاسة و الحكومة اليمنية ، لوجود سيناريوهات اخرى قد تقود الي تحالف دولي لمحاربة الارهاب يعزز دور انصار الله ـ الحوثيون و حلفائهم القبليوعسكريون في محاربة انصار الشريعة و الدواعش ، ومبررات ذلك متوفرة ، وان لم تتوفر للشرعية مبررات الانصياع لمطالب المجتمع الدولي ؟!.
□□□ الشرعية ذاهبه للكويت وهي تتأكل ، في الوقت الذي يذهب التحالف الانقلابي وهو يجد في ذهابه مكسبا سياسيا لا يبرر به انقلابه فحسب ..بل ويريد من خلال الكويت العودة بالأوضاع الي ما قبل عاصفة الحزم ، لرسم خارطة جديدة ليمن غير خارطة قرار مجلس الامن الدولي"2216" كما جاء في تصريحات رئيس الحكومة د. احمد بن دغر و لا للتشاور لتنفيذ النقاط الخمس التي قدمها و لد الشيخ ، كما توحي بها تصريحات وزير الخارجية .. التي تجاهلت اهم ركائز شرعيتها ـ تنفيذ مخرجات الحوار و بالذات محورها " بناء دولة اتحادية " الذي يرفضه الانقلابين ، ولم تتضمنه النقاط الخمس للمندوب الاممي ولد الشيخ ،الامر الذي يهدفون من خلفه اضعاف الشرعية اليمنية ـ المتأكلة في المناطق المقاومة للانقلاب و بالذات اقليمي حضرموت و عدن ـ الجنوب ، وفي تقديرهم تجنب مخرجات الحوار سيفقد الشرعية البقية المتبقية من القابلين بوحدة يمنية ـ وان على اسس اتحادية، فضلا عن كون تجاهل مخرجات الحوار الوطني سيقود الي مزيدا من الفوضى و التدخلات الخارجية على حساب التحالف العربي .
لذا على القيادة الشرعية ـ ان تدرك ان أي اتفاق يختصر على النقاط الخمس ـ هو تجاوز ان لم نقل إلغاء للخارطة التي رسمها القرار 2216 في بلد تتسم أوضاعه بالسيولة ، مما سيساعد على انتشار الميليشيات المسلحة ـ المتسننة و المتشيعة ، وانشطتها الارهابية في ظل تصاعد المناطقية ـ الاجتماعية و الجغرافية ، وهي عوامل دافعة الي حالة من الفوضى ،التي ستستغل من قبل قوى فوق اقليمية لزعزعة امن واستقرار المنطقة .
□□□□ اقول على القيادة الشرعية ان تدرك و لا اظنها تجهل ، ويجب ان يتجسد هذا الادراك في مغادرة الإنشغال بالمكاسب الشخصية والحزبية ـ لأحزاب لم يعد لها تأثير على الارض .. في الوقت الذي يتهافت ممثليها الي الذهاب الي الكويت لأسباب مكسبيه ـ ذاتية و حزبية ، دون ما مبالاة لما بعد محطة الكويت التي هي مكسب للانقلابين في حالة الاتفاق على النقاط الخمس فقط ، و في مقدمة المكاسب تقرير مستقبل قائد و مهندس الانقلاب .. الذي لم يربطه ولد الشيخ بالقرارات الصادرة عن مجلس الامن ، بل تركه لليمنين بعد تحقيق السلام و الاستقرار ، و هو امر لا يقرب السلام ولا الاستقرار ان لم يدفع بهما بعيدا وفي ذلك ما يبرر لنا السؤال الي اين نحن ذاهبون بعد الكويت ؟!.
*عضو المجلس المحلي لحضرموت .. كاتب وناشط سياسي .