الافتراء على الحراك الجنوبي مرة أخرى

2016-03-07 19:44

 

ما تزال العديد من وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية ومن خلال بعض الكتبة والمتدربين على الكتابة تمارس غواية التضليل على الرأي العام بتسويق الاتهامات والشتائم تجاه الجنوب والجنوبيين وتجاه الحركة الاحتجاجية الجنوبية التي عرفت بـ"الحراك السلمي الجنوبي" بدءً بالاتهام بالعمالة لإيران وانتهاء بنسب كل أعمال الفوضى وجرائم القتل والتخريب التي تشهدها عدن ومناطق الجنوب إلى الحراك الجنوبي.

 

بعض المتخرصين عبر وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية يسوقون ترهاتهم للبحث عن الشهرة واستجداء أسيادا أكبر منهم من خلال تسويق الأكاذيب وتلفيق الدعاوي الفارغة من كل مضمون لا لشيء إلا لنيل المكافأة أو لتوسيع انتشار أسمائهم في الفضاء الإلكتروني من خلال الردود التي قد لا تخلو من تشنج وعصبية من قبل بعض الجنوبيين المتحمسين لنصرة قضيتهم والمتفاخرين بجنوبيتهم.

 

هؤلاء هم أشبه بالفقاقيع التي تبدو كبيرة ومنتفخة لحظة ظهورها لكنها لا تلبث أن تضمحل لمجرد ملامستها لنسمة هواء خفيفة، دعك من الريح والعاصفة، لكن هناك كتاب وبعضهم أيضا ليسوا أكثر من مداحين يطلبون الرزق عن طريق تأجير أقلامهم لمن يقدر على الدفع، هؤلاء لديهم موقف سياسي مرتبط بمصلحة مادية مرسخة في أذهانهم وهي أن الحراك الجنوبي المنادي بتحرير الجنوب واستعادته لدولته يهدف إلى إنها ما أنتجته حرب 1994م الاحتلالية العدوانية التدميرية على الجنوب، وإنهم ومن يعبرون عنه سيخسرون بتحقيق مطالب الشعب الجنوبي بالاستقلال واستعادة الدولة، كل شيء بنوه لأنفسهم وذويهم عبر احتلال الجنوب ونهب ثرواته وتدمير ممتلكاته وتسريح أبنائه وتحويل كل الجنوب (الأرض والإنسان والثروة والتاريخ والهوية ) إلى غنيمة حرب بيد شكاء تلك الحرب الللعينة.

 

مؤخرا قرأت كثيرا من تلك الافتراءات التي أعقبت ما جرى لدار المسنين من جريمة بشعة تقشعر لها الأبدان، من بينها قول كويتب مغمور يبحث عن الشهرة أن الحراك الجنوبي يتحمل وزر ما حدث في عدن باعتباره يقوم بهذا العبث ، طبعا بما في ذلك مجزرة دار العجرزة، لأنه يصر على أن التحالف العربي جاء ليحقق له الانفصال الناجز.

 

وطبعا كما سائر أصحاب الأقلام المستأجرة والمواقف المؤجرة لم يقدم هذا الكويتب دليلا واحدا يبرهن على صحة ما يقول سوى الاعتقاد بأن الإمارات تكره الإخوان المسلمين وأن أوباما اتصل بمحمد بن زايد يناقش معه الشأن اليمني.

 

كل الذين يفترون على الحراك الجنوبي ويتهمونه بأنه يعمل لصالح الحوثيين وأنه يخرب ثورة فبراير المجيدة وأنه يخدم أجندة عفاش يعلمون أنهم يكذبون وأن لا أحد يصدقهم وبالتأكيد هم لا يصدقون أنفسهم، ببساطة لأن الحراك الجنوبي قد انطلق قبل ثورة فبراير المجيدة بأربع سنوات، وربما كانت ثورته ملهما لثوار فبراير الأبطال الذين زلزلوا عرش صالح ، وليس الذين سطوا على الثورة وحولوها إلى بازار سياسي لتقاسم الغنائم، كما إن الحراك الجنوبي ومن خلال المقاومة الجنوبية المسلحة قد ألحق الهزائم المنكرة بممثلي إيران قبل تفكير هؤلاء بمواجهة المشروع الحوثي بل وحينما كان قادتهم يوقعون معاهدات التعاون والتفاهم مع صاحب كهف مران، كما إن عفاش الذي يقولون أنه يستغل الحراك الجنوبي قد قتل من خلال أجهزته المخابراتية ورجال أمنه أكثر من ثلاثة آلاف شهيد وأضعافهم من الجرحى والمعتقلين، وأقام لقادة الحراك المحاكمات الصورية المعلنة وأنزل بهم أقسى الأحكام والعقوبات وأكثرها جورا وظلما، وهو ما يجعل مجرد التفكير برؤيته والتقابل معه، وليس خدمته والتنسيق معه، موبقة لا يرضاها مواطن عادي شريف وليس ناشطا سياسيا يبحث عن الخلاص لوطنه وشعبه وأرضه وهويته.

 

أما مشكلة العداء للإخوان المسلمين وموقف أوباما والإمارات أو أي دولة منهم فهي قضية تخص الإخوان وفروعهم في كل بلد، وهي تتوقف على الطريقة التي يقدمون أنفسهم بها للعالم، لكنهم في الجنوب لا يستطيعون أن يقنعوا الشعب الجنوبي بأنهم لم يكونوا طرفا في حرب احتلال الجنوب وشريكا في نهب ثرواته والتنكيل بأبنائه وتشويه تاريخه وإصدار الفتاوي باستباحة أهله ونسائه وقتل أطفاله، وهي مواقف لكم تمنيت أن يصدر عنهم ما يؤكد تراجعهم عنها من خلال إعادة المنهوبات لأصحابها ومناصرة ضحايا الطرد والتسريح والقمع والتنكيل، واستعدادهم للاعتذار عما صدر عن بعضهم من مواقف وسياسات وما مارسه بعض قادتهم من سلوك وما نهبوه من حقوق وثروات وما ألحقوه من أذى بالجنوب وأبنائه.

 

على هؤلاء الكتبة والمتدربين على الكتابة والخطابة ومن يوجههم لهذه المواقف أن يعلموا أنهم لا يمكن أن يقدموا أنفسهم للجنوب كملائكة في حين تشهد عليهم قصورهم ومنشآتهم وشركاتهم وبنوكهم والمساحات الشاسعة التي سطوا عليها من أملاك الجنوبيين  كما تشهد حملاتهم العدائية العنصرية ضد كل شيء جنوبي، لتبرهن عكس ما يدعون، ذلك مما هو مكشوف على السطح أما ما خفي فهو في علم الغيب لكنه بالتأكيد أضعاف أضعاف ما يراه كل ذي عينين.