نعم لست بالمُطَوّع “رجل دين” أو أن يبدوا ذلك على هيئتي، ولست أبدو كما يتصور الشباب في أذهانهم عن المُطَوّع ولا أدعي العصمة طبعا، ما أنا إلا شابٌ في عقده الثلاثين ارتكبتُ وارتكب الأخطاء، وأدعي حب الله وحبَ رسوله ولولا جميل ستره وفضله لاعتزلني الناس من حولي.
منذ ما يقارب الثلاثة أشهر أو تزيد، كنت في نقاش مع مجموعة من الأصدقاء وطال بِنَا الحديث عن أمور عديدة في حياتنا اليومية وتعاملاتنا معها، وكنت مستمعاً بصمت لما يقال ويدار من حديث وتحليلات لكثير من المواقف وغالبها أخطاء متفاوتة في شدة الجزاء المترتب على فاعلها في الدنيا كان ذلك أو عند لقاء الغفور الرحيم، أصبح الحديث عنها وكأنها “سحابة صيف” ليست بأخطاء يؤبه لها، ربما لأنها أصبحت عادة لدى البعض ومحل تفاخر لدى آخرين، وأستذكر قول العالم الشيخ الجليل عبدالله بن علوي الحداد في كتابه – الحِكَمْ – “إن العادة إذا رسخت، نسخت”. نسأل الله السلامة
وقد جاء في الحديث الشريف: ((وقد بات يَسْتُره ربُّه، ويصبح يكشف سِتْر الله عنه))
نعم كلنا يقترف ما يقترفه من المعاصي والأخطاء وكلٌ حسب خطئهِ، ولست هنا حكماً أو قاضياً ذو سلطة تشريعية لإلقاء التهم والأحكام، ولكن حقيقةً أن ما يدمي المُقَلْ هو أننا لم نجعل هناك رقيباً، وأجد تساؤلاً في نفسي، أين هي هويتنا الدينية من هذا ؟! إن لم نضبط بها تعاملاتنا اليومية، فلا أقل من أن تبقي فينا الإحساس بالندم، فالندمُ توبةٌ، وإحساس الضمير مفتاح الأوبة.
من المؤسف أننا أصبحنا نفصل الدين عن الحياة ولا أقول فصلنا لأن الدين مازال حاضرا في وجداننا ولكن اقتصر حضوره في دور العبادة وكأن وجود الله محصوراً فيها وغاب شهود القلب عنه.
“أُصلِّي الصلاةَ الخمسَ والقلبُ جائلٌ — بأوديةِ الوسواسِ من كُلِّ جانبِ
على أنَّني أتلُو القُرآنَ كتابهُ — تعالى بقلبٍ ذاهلٍ غيرِ راهبِ
على أنَّني قد أَذكُرُ الله خالقي — بغيرِ حضورٍ لازمٍ ومُصاحِبِ
على طُولِ آمالٍ كثيرٌ غُرُورُها — ونِسيانِ مَوتٍ وهوَ أقربُ غائبِ”
أخشى أننا قد جردنا روح الحياة من الدين وجعلناه جسداً بلا روح، كما جردت داعش ومثيلاتها ثوب الإنسانية من الدين، وختاماً فإن “الدين المعاملة”، المقصود في كل أحوالها الله قبل خلقه، وأن تكون معاملة الله في خلقه بكل أصنافهم نباتا وجمادا وحيوانا وإنسانا.
ملاحظة:
أنا أحوج من غيري لهذا المقال
تحياتي
عمر بن يحيى الجفري – جدة