يوم أمس تحديدآ بعد صلاة المغرب كنت في طريقي من خور مكسر باتجاه الخط البحري متجه الى المنصورة, ونحن في الشابات وافقنا بالطريق طقم للشرطة يمشي امامنا بسرعة ثابتة وهادئة وعليه علم الجنوب يرفرف في احد اعلى اركانه, وعلى متنه جنود بزيهم العسكري الموحد, موزعين بشكل منتظم على متن الطقم في وضع يمكنهم من مراقبة كل الاتجاهات (امامية-خلفية يمين-شمال) اثناء مرورهم في الشارع.
وعندما وصل الطقم مفرق خط الجسر المؤدي الى معسكر بدر نزل الجنود من على متنه وانتشروا في المفرق وتوزعوا بشكل يوحي بوجود يقظة وحس أمني عالي وان هناك تدريبات عالية حصل عليها الجنود ايضآ.
في الباص, كنت اراقب الطقم العسكري بصمت واعجاب بهذا المنظر-وكانت اول مرة بحياتي اعجب بمشاهدة طقم على متنه جنود-اضافة الى احساس رائع بداخلي لهذا المشهد الذي لا استطيع ان اسميه الا بانه الامل الذي طال انتظاره, كنت اسائل نفسي بالقول (ياسبحان الله: الم يكن هذا المنظر قبل سنة يؤلمك وتشعر بالقرف منه والبغض حياله وكانك ترى الشيطان نفسه! ما الذي تغير!) نعم كانت رؤيتنا لهذه المناظر العام الماضي وماقبله تصيبنا بالحسرة والقهر لاننا نرى فيه معنى الاحتلال للارض بقوة السلاح ومعنى ان ترى قاتلك ومغتصب ارضك يتجول في بلدك بكل كبرياء وعنفوان وانت عاجز ان تعمل شيئ الا ابتلاع الحسرات.
عند اجتيازنا المفرق ودخولنا خط الجسر تفاجأت ان الصمت كان يخيم على كل من في الباص وليس انا فقط: حاولت حينها افتح موضوع الطقم لأرى هل انتبه احدهم لذلك المشهد وما حمل من معاني! قلت لهم "ياجماعة هل شفتم الطقم" واندهشت بردة فعل الجميع من خلال تعليقاتهم على المشهد واتضح ان اغلب الركاب كان يتابع مشهد الطقم العسكري باهتمام وارتياح واعجاب مثلي تمامآ بل بعضهم كان يتحدث بشعور يوحي عن مدى التأثير الايجابي لهذا المشهد على نفسيته.
ومن خلال هذا الموقف البسيط بمقامه والكبير بمحتواه اتضح لي ان الناس تتطلع الى الأمن ورؤية جندي الامن بشغف عارم, الناس تريد ان تعيش بأمان, الناس تريد ان ترى وجود للدولة فقد ضاق بهم ذرعآ رؤية المليشيات والعشوائية والبلطجة والقتل اليومي والفوضى التي تكتوي بها مدينتهم المسالمة عدن.
حفظ الله الحبيبة عدن وحفظ امنها وامانها وساكنيها ربعون الله وجهود الخييرين من ابناء هذا الوطن سنرى هذه المشاهد تتكرر في باقي مديريات العاصمة عدن ومنها ستنتقل الى لحج وابين وباقي محافظات الجنوب ... عدن تستعيد رونقها وجمالها ومدنيتها ومكانتها الطبيعية بين المدن رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين.
*- كتب : فؤاد جباري