الاثنين، 18 يناير 2016م كان يوما من أيام العمر بكل ما تعنيه العبارة من معنى .. كنا في قاعة نادي التلال الرياضي العدني العريق في هذا اليوم لإحياء أربعينية الشهيد اللواء جعفر محمد سعد، محافظ عدن السابق الذي قضى في مؤامرة قذرة استهدفت حياته الطاهرة يوم الاحد 6 ديسمبر 2015م.
في هذا اليوم الخالد تمتعنا بفقرات برنامج التأبين الذي حضرت له لجنة التأبين وتشكر على جهودها المباركة وتميز أعضاء اللجنة بالجاكيتات ومنهم الأعزاء أشرف علي محمد ومحمد سعيد سالم وشفاء باحميش وميرفت السلامي والناشط النشيط سمير وآخرون لا تحضرني أسماؤهم.
رأيت أكاديميين أمثال د. أرسلان محمد أحمد و د. سعد محمد سعد ود. ابتهاج الخيبة ورأيت عددا من رؤساء منظمات المجتمع المدني وفي مقدمتهم القاضي فهيم عبدالله محسن رئيس منظمة "نجديد".
رأيت عددا من مسؤولي المحافظة وفي مقدمتهم محمد نصر شاذلي وكيل المحافظة وشدتني فقرات الحفل إلا أن الطفل المبدع الموهوب فياض أنيس الذي ألقى قصيدة طويلة عنوانها (من الرؤوس العوالي) وتميز بحسن الإلقاء وقوة الصوت وعمق المعنى ونال إعجاب الحضور جميعا وقاطعوه أكثر من ثلاث مرات بالتصفيق وهو يلقي قصيدته وكل هذا الجمال وهو في ربيعه الثاني عشر.
تعرف علي عدد من الشباب العدنيين أصحاب حملة "نشتي حقنا" وهم مروان علي ناصر سكرتير الحملة ونوى مصطفى عوبلي وبشار العيدروس أمين عام الحملة وأهداب مدي .. كنت قد قرأت في الواتس عن هذه الحملة المباركة لرد الاعتبار وتقديم الاعتذار لعدن التي دفعت فواتير فادحة في منعطفات عديدة سجلها التاريخ وهي شاهد راسخ لعظمة عدن والظلم الذي ما أنزل الله به من سلطان الذي مورس على هذه المدينة ونذكر بيان قيادة الجيش في 6 نوفمبر 1967 الذي أعلنت فيه القيادة بالجبهة القومية وهي كلمة حق أرادت به باطلا ثم منعطف 26 مارس 2015 وهو منعطف --- ايضا.
فكرة حملة "نشتي حقنا" هي حملة مشروعة ستحظى بتضامن محلي وعربي ودولي لأن كل الأطراف المذكورة تعرف عدن والظلم الذي لحق بها جراء غياب الثقافة المدنية وهي ثقافة تجسد روح الاسلام .
رأيت "حملة نشتي حقنا" في قصة "سيدة القصور" للراحل الكبير علي الجارم 1881-1949 وتدور أحداث القصة في آخر أيام الفاطميين بمصر وتقع في 152 صفحة من الجحم الصغير (سلسلة "اقرأ" – دار المعارف بمصر).
مدخل القصة يتنازل حرارة الصيف في عدن وخاصة في هذا اليوم وهنا يقول بن مهدي: هذا يوم لم ترَ عدن له مثيلا وستصبح سنة تسعة وأربعين وخمسمائة ذكرى خالدة لأهلها يوقتون بها ويؤرخون.
وفي هذا اليوم كان علي بن مهدي وهو من دعاة الفاطميين وكبار رجالهم في حارة ومعه جماعة من الأدباء والعلماء بينهم ابو كاظم الحراني والفقيه ابو الحسن النيلي وأسامة الحضرمي وكانت الدار على سيف البحر فخمة شاهقة البناء تدل على عظمة صاحبها واتساع جاهه وقد أسرع العبيد فبلُّوا دهاليز السرداب بالماء حتى بدت فيها بحيرات صغيرة هنا وهناك وجلس ابن مهدي و ضيوفه في حجرة كان أثاثها غاية في الحسن وجمال التنسيق وقد كست فيها الأرائك بالحرير الصنعاني واختيرت الستور من الخزالتنيسي وفرشت الارض بالبسط الهندية ودل كل شيء فيها على ذوق سليم وبذخ وإسراف.
نحن الآن في العصر الوسيط 549هـ وموضوعنا هذا أعددناه في العام 1437هـ أي قبل أكثر من 600 عام اما في العصر القديم فالثورة وتحديدا سفر حزقيال يشهد لعدن ثم يعزز الرومان والإغريق شهادة أقدم كتاب سماوي أمام المكانة التي حظيت بها عدن بالاسم فقد وضع عدن في مصاف الرائدة بين مدائن الجزيرة والخليج.
أقول للشباب المتألق في حملة نشتي حقنا نريد عدن الولاية التي تمتعت بالفيدرالية في إطار اتحاد الجنوب العربي وعاصمته مدينة الاتحاد (مدينة الشعب لاحق) وكان لها برلمانها المجلس التشريعي المنتخب ولها مجلسها البلدي المنتخب وكانت عدن حاضنة لكل الاثينيات والديانات كونها مدينة كونية اتسع صدرها للجميع الذين ضاقت صدورهم لعدن.