ياله من يومٌ أليم ، يومٌ كئيب ، يومٌ حزين للغاية ، يومٌ غلب عليه سواد الظلم والإرهاب على نقاء وطهارة مدينة الحب والسلام عدن.
استيقظ المحافظ _ رحمه الله_ مبكراً وخرج من منزله ليستقبله طلاب وطالبات منطقة جولدمور التي يوجد فيها منزله وهم يطلبون من " بابا جعفر" كما يرددون أن يقوم بإنشاء مدرسة لهم في منطقتهم ، فقام بنصحهم للتوجه لمدارسهم وحثهم على الدراسة ووعدهم بإنشاء مدرسة .
لم يكن يعلم هذا البطل أن خفافيش الظلام واعداء البشرية والانسان كانوا يخططون لإغتياله وهم بإنتظار إزهاق روحه الطاهرة المحبة لعدن وأهلها.
دقائق بسيطة ينطلق فيها المحافظ بسيارته في جولدمور في مدينة التواهي متجهاً إلى مدينة خور مكسر للمشاركة في معرض لصور شهداء الحرب على عدن ، فإذا بإنفجار هز المدينة وهز قلوب كل الجنوبيين ، انفجار تم فيه إعلان الحلقة الاخيرة لكل من يحاول أن يبني أو يحمي أو ينهض بالعاصمة عدن ، احترقت السيارة وتفجرت وتصاعدت أعمدة النيران والدخان واحترق المحافظ ورفاقه وتفحمت جثثهم ولا من منقذ أو مغيث!
هكذا تُركوا ليموتوا فلا دولة ولا شرعية ولا قانون يحميهم وهذا جزاء وفاءهم وإخلاصهم للوطن! وصلت سيارة الإسعاف للمكان بعد ساعتين من التفجير الارهابي لتنقل ماتبقى من الأشلاء ، أما سيارة الإطفاء فوصلت الظهر بعد أن إنتهى كل شيء! لماذا كل هذا التأخير ؟! ألا يستحق هؤلاء الشرفاء أن تقوم الشرعية بحمايتهم أحياء وإنقاذ حياتهم وهم يحتظرون! ألم يقدموا أرواحهم لأجل الوطن الذي لم يقدم لهم شيئاً بل حرمهم وأهلهم الحياة! إنها لحقائق صادمة يا سيادة الرئيس حدثت في هذه الجريمة النكراء هذا اليوم!
استشهد البطل جعفر فبكت عليه عدن وبكى عليه الوطن! لم تعرفه الناس بشخصه ، لكنها عرفته بأفعاله ، عرفته بوفائه ، عرفته بأخلاصه وتفانيه ، عرفته بحبه لعدن وعرفت عدن بحبه! فعدن اليوم قد أرتدت ثوب الحزن واعتزلت العالم وانفردت على جانب هذا الكوكب القاسي بأهله تبكيه وتبكي الشرفاء أمثاله وتتحسر على مجرمين وعملاء يسرحون ويمرحون وعلى أبطال شرفاء يُقتلون!
جعفر كان في طريقه إلى معرض صور الشهداء ، لكن منذ تلك اللحظة التي انطلق فيها تصدرت صورته صور الشهداء وأصبح الشهيد الحُر البطل الذي بكته ملايين القلوب قبل العيون في عدن ومختلف أنحاء الجنوب ، جعفر استشهد لكنه تخلد فينا وفي أذهاننا وصفحات تاريخنا وإلى الأبد.
نم قرير العين ياشهيدنا وكل شهداء الجنوب ولا نامت أعين الجبناء ، أسأل الله يرحمكم ويسكنكم فسيح جناته. إنا لله وإنا إليه راجعون.
*- بقلم : مريم محمد مانع