صورة تعبيرية فقط !!
لقد بات معلوماً للجميع داخلياً وخارجياً إن الخلاف الجوهري بين الشمال والجنوب منذو الوحدة وحتى اللحظة هو حول الدولة القبلية المحكومة بالأعراف والتقاليد القبلية المتوارثة والدولة المدنية المحكومة بالنظام والقانون وذلك تبعاً لما تأصل وترسخ في واقع المجتمع الجنوبي ..كما هو العكس فيما تأصل عليه المجتمع الشمالي ...
؛
وفي حين يرى الجنوبيين إن الإصرارعلى بقاء الدولة القبلية هو السبب في كل المطبات والمشاكل وعدم الإستقرار المعيق للتنمية والعدالة الإجتماعية والأمن والسلم الإجتماعي الذي سيظل شعاراً نظرياً لايمكن تحقيقة في ظل ذلك النهج الباطن للدولة وذلك بتشارك مراكز قوى ظاهرة وخفية وفقاً لبرتكولات داخلية متوارثة ومتفق عليها ..يلتزم بها الجميع ولايمكن تجاوز سقوفها العلياء ولاحدودها الدنياء حتى في أشد لحظات الخلافات والصراعات ..
؛
لهذا حين تغيب الدولة والنظام والقانون فإن الأمور هناك((في الشمال)) لن تختلف كثيراً ولن تعم الفوضى وتفلت الأمور عن السيطرة كلية ًكون القبيلة تملأ الفراغ وفق العرف السائد حتى في ظل وجود الصراع....
بينما على العكس من ذلك ؛فإن إنهيار الدولة والنظام والقانون ((في الجنوب))لن يكون له بديل متوافق عليه ليملأ الفراغ لهذا ستكون الأمور مرشحة للفوضى والإنفلات على مختلف الصعد دون أن توجد قوة رادعة تمنع مثل ذلك وتعيد الأمور الى نصابها ..وحين توجد قوى تغذي حدوث مثل ذلك ويكون لها مصلحة في إحداثة ؛فعندئذٍ تصبح المصيبة إعظم والمعضلة أجسم ...
؛
لهذا لامكان ولامبرر لتلك السيول من الإستهجانات وتلك الرعود من آهات الحسرة والألم والصدمة على ذلك الإنتصار العظيم الذي تلاشى وتبخر قبل أن تكتمل الفرحة به وقبل أن تجف دماء الشهداء الذين قدموا أرواحهم ثمناً رخيصاً لتحقيق ذلك النصر الغالي...
؛
فكيف يمكن القبول أن يحدث مثل ذلك الإنفلات وغياب الدولة والنظام والقانون فجأة بعد أن ينتصر من قاتلوا وضحوا دفاعاً عن دولة النظام والقانون والعدالة الإجتماعية والسلم الإجتماعي وبعد أن غَلُّوا أيادي الفاسدين والطغاة والمتجبرين والظالمين المستقويين بالدولة القبلية ...
؛
كيف يمكن القبول بأن من أجترحوا تلك البطولات ونالوا ذلك الشرف العظيم بعد توحدهم تحت راية واحدة وهدف واحد ..ليتفرقوا بعد إنتصارهم ويقزموا الدولة والنظام والقانون الذين أصبحوا لاحول لهم ولا قوة لكبح أدنى تصرف أو تجاوز من أبسط وأضعف فصيل أو مجاميع سوى كانت حقاً محسوبةً على المقاومة الحقيقة أو من اللحقة من المدعين زوراً ... وطبعاً ذلك الخلط والإبهام ناجماً عن عدم مشاهدة أي وقفة حازمة تجاه كل من يتعدى الخطوط الحمراء للنظام والقانون والإضرار بالمصالح العامة والخاصة وكل مايتوافق حوله الشرع والعرف ..أي ليس محل خلاف بين قوى أسلامية أو علمانية ..
؛
ولعل مايحدث جعلني أدرك ماقاله الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر عام 90م تقريباً بعيد تأسيس حزب الأصلاح وذلك في معرض رده على أحد الأسألة في إطار المقابلة التي أجرتها معه حينها صحيفة الشرق الأوسط السعودية حين سأله الصحفي عن كيفية توفيقه بين الحزب والقبيلة وأي منهما مقدم عنده على الآخر؟
فأجاب:بأن القبيلة ستظل مقدمة على الحزب بل وعلى الدولة نفسها ..وقد سمعت مثل ذلك من شيخ كبير من شيوخ مأرب قبل سنوات واعتقد في 2011 وهو عضو مجلس نواب ...وقد أستهجنا مثل ذلك منهم ؟ولكن ما أتت به الأيام أثبت أنهم كانوا صادقين ويعنوا مايقولون ...
؛
هناك تفاصيل كثيرة ذات صلة بجوهر المنشور يصعب الخوض فيها لإن الهدف ليس إستهداف أيَّاً كان أو تشويه فلان أو علان ...بقدر ماهو لفت نظر كل أصحاب العقول المستنيرة والنيَّات الحسنة المخلصة في البحث عن المخارج الآمنة لإعادة السلام والأمان الإجتماعي وترسيخ النظام والقانون من جديد بين صفوف المجتمع وفقاً لفهم حقيقي لمسببات وخلفيات مايعتمل في الواقع..لا أن نتخذ خطوات مبنية على مفاهيم خاطئة لتنتهي بنا لنتائج خاطئة وأكثر كارثية..
فعسى أن تكون الرسالة واضحة ومفهومة....
التوقيع/د.عمر السقاف
عدن5/11/2015م