صورة تعبيرية من أرشيف شبوه برس
بالامس واثناء تجولي في سوق يشبم الذي من عادته ان يعج بالناس من الباعه والمشترين في يوم الجمعه من كل اسبوع شد انتباهي وقوف طفلين في وسط السوق بين البائعين للخضار وعند اقترابي منهم لاحظتهم وهم يقفون بجانب بعضهم وقد وضعوا امامهم سله بلاستيكية فيها بضع حبات من فاكهة الجوافة وتسمى محليا بـ"الزيتون" اقتربت اكثر واكثر حتى وقفت بجانب اكبرهم والذي يبلغ من العمر حوالي اثنى عشر ربيعا بينما يصغره اخاه بعام واحد ...كانا يتناوبان وكما هي عادة الباعه في ذلك السوق في اظهار بضاعتهما وهو بان يقوم البائع برفع صوته واخبار الناس عن ما يوجد لديه من بضاعه لجلب المشترين وتصريف البضاعه باسرع وقت قبل وقت الظهيرة ...بقيت لبرهه اراقب المشهد وانا بالقرب منهم رأيتهم يكافحون باصرار كأنهم في خضم معركة ولكن العدو فيها لا يرحم وجوههم شاحبه وثيابهم رثه واقدامهم حافيه قررت ان اواصل ما بدأته فاقتربت اكثر وسألت اكبرهم ..
ما الذي تفعله ؟
اجابني وهو منهمك في عمله بيع زيتون .وعندما كنت اقف معه اذا باحد الماره يسأله ويقول له بكم الزيتون ؟ فاجاب الكيلو 500 ريال ..وعندما نظرت في السله وجدت ان مافيها يقدر تقريبا بخمسه كيلو اي ما تعادل قيمته 2500 ريال ..سألت الفتى هل تبيع الزيتون كل يوم ؟ فاجابني لا .. لان الاشجار لايوجد فيها ماهو صالح للبيع كل يوم ولكن في الاسبوع احضر الى السوق مرتين ...سألته اين يعمل والدك ؟نظر الي والحسره تملىء عيناه واجاب .. ابي استشهد في الحرب ضد الحوثيين ...هنا احسست بشدة الصدمه ولكني تمالكت نفسي وسالته من هو ابوك ؟فاعطاني اسم ابوه واذا هو فعلا احد شهداء معركة الكرامه في مفرق الصعيد ضد الحوثيين ..
قلت له ماذا يقرب لك هذا الولد الذي بجانبك ؟ قال اخي .. قلت له كم لك من الاخوة والاخوات ؟ قال نحن سبعه اخوه واخوات وانا اكبرهم ..
قلت له هل تستلمون معاش لوالدك ؟ فاجابني لا ان ابي قبل استشهاده لم يكن موظف ولا يستلم اي مرتب وانما كان يعمل في الاعمال العضليه على حد تعبيره ...
تركت صديقي الصغير وانا اتسائل سبعه من الاخوة والاخوات وامهم الثامنه قدم اباهم روحه فداء لهذا الوطن روى بدمه الطاهر تراب هذه الارض مات هو لكي نعيش نحن بكرامه وحرية ... وها نحن نرى اطفاله اليوم مصدر قوتهم حبات الزيتون .. اين اولياء الامر واصحاب القرار منهم ؟ اين من يتصارعون على تحصيل الضرائب في عتق منهم ؟ ان المبلغ الذي ينفقه احد اولئك القادة على (تخزينته)هو وحراسة الشخصيين ليوم واحد كفيل بان يوفر مصروف شهر كامل لاسرة شهيد ...
وقبل كل ذلك ما هو دور الحكومة تجاه مواطنيها وخاصة تجاه أسر الشهداء .
مثل هؤلاء الفتيه لا يطلبون شيء الا حياة كريمة ..
حياة كريمة تقيهم من قهر الزمان وجوره على فتيه لايزالون في سن الزهور وهي من ابسط حقوقهم علينا .. لان ماقدمه اباهم لم يجرؤ كثير ممن يدعون انهم اليوم قاده وولاة امر على تقديمه ... فلم يكلف هؤلاء انفسهم على تخصيص الشيء البسيط لمثل اسر اولئك الشهداء والجرحى ...الذين قدموا تلك الدماء الطاهرة فداء للارض والعرض ...عندما خرج اولئك الشهداء الى ارض المعركة لم يكونوا يفكروا في مردود مادي يجنونه من وراى قتالهم للغزاه المعتدين فلا يوجد في الكون عاقل يضحي بنفسه وروحه من اجل المادة .. ولم يكن ايضا تفكيرهم في منصب يتولونه بعد انتهى هذه الحرب .. وانما كان كل تفكيرهم هو تطهير ارضهم من الغزاه المعتدين ...
المجد والخلود لك ايها الشهيد ...
والخزي والذل والعار للصوص ...ولا نامت اعين الجبناء ...
* علي السلال المركدة – م شبوه