■ قبل عاصفة الحزم .. كان المتابع للتمدد الايراني في المنطقة يصاب بحالة من القنوط تصل الي درجة الاستسلام و القبول بتطلعات ايران ـ الفارسية في السيطرة على مفاصل الحياة السياسية و المناشط الاقتصادية في دول الخليج العربية ، خصوصا بعد فشل مؤتمري قمة لدول مجلس التعاون في الانتقال من التعاون الي الاتحاد ، الذي دعاء اليه الملك : عبدالله بن عبدالعزيز .. يرحمه الله ، في ظل الفوضى الخلاقة التي عصفت بالمنطقة العربية فيما اطلق عليه (الربيع العربي !!) الذي اوجد حاله من الفراغ تحت شعارات الشعب يريد اسقاط النظام ، تلك التظاهرات التي وجدت صدى وتأييد غربي ـ امريكي ، مكنت قوى ومنظمات تضعها او تصنفها الدول الغربية على قائمة الارهاب مثل القاعدة و انصار الشريعة و داعش من الظهور بقوة عسكرية و تنظيمية في مختلف المواطن التي شهدت هذه الانتفاضات ومنها اليمن .. بصرف النظر عن مبررات الثورة و ضرورات التغيير و الاصلاح .
يومها لم يكن الحوثيون .. الذراع الإيديولوجي او الذهبي و العسكري ـ الفارسي لإيران ،غير مجموعة متمردة في صعدة ومشروع ايراني لموطئ قدم على غرار مشروع حزب الله اللبناني .. هذ المشروع خدمته سرعة تداعيات الازمة اليمنية ، واصبحت له علاقات مع دول غربية تحت ذريعة محاربة الارهاب .. ولمقايضات واستخدامات من قبل الاجهزة الصانعة له و لمقابله .. ففي النهاية هذه القوى على اختلاف شعاراتها تهدف الي تأجيج الفتن والحروب الطائفية ، وفي المحصلة النهائية لا تخدم غير مشاريع القوى الدولية و ايران الفارسية .. المتطلعة الي السيطرة على المفاصل الاستراتيجية البحرية للجزيرة العربية ، لتحكم في مصبات النفط و ممراته كقوة اقليمية قادرة على فرض شراكتها على القوى الدولية و المنطقة واليمن بموقعة الجيوإستراتيجي يمثل اهمها .
□ نجح الحوثيين في الحصول على بطاقة المشاركة في الحوار الوطني، ليسحبهم الرئيس السابق : علي عبدالله صالح ..الي التحالف معه للإجهاز على مخرجات الحوار والغاء مشروع الدولة الاتحادية كي لا يفقدوا جهويا حكم اليمن .. وكادوا ينجحوا خصوصا بعد ان شنوا حربهم للسيطرة بقية المحافظات تحت شعارات محاربة الارهاب ، الذي يحض بدعم غربي ، مكن ممثل الامين العام للأمم المتحدة :جمال بن عمر .. من استئناف الحوار بوضوح، لإيجاد مخرج يجعل من اعلانهم الدستوري قانونا للحكم بصياغة مجلس رئاسة ضاربا عرض الحائط بمخرجات الحوار الوطني .. وكاد ان ينجح ، لولا نجاح الرئيس هادي في الافلات من معتقله و وصله الي عدن .. ليعلن منها الغاء كل القرارات التي صدرت منذ استيلائهم على محافظة عمران .. وكما نجح في مغادرة صنعاء غادر عدن ، لينجوا من محاولات اغتياله وليصل الي الرياض .. التي اعلن منها مطالبة المملكة العربية السعودية و دول الخليج العربية انقاذ اليمن .
□□ لم يتردد الملك : سلمان بن عبد العزيز في اتخاذ القرار التاريخي عاصفة الحزم و بمشاركة دول الخليج التي قبلت خوض معركة المصير العربي في اليمن و في طليعتها الامارات العربية المتحدة .. التي لم يتردد رئيسها الشيخ : خليفة بن زايد ال نهيان واشقائه اعضاء الاتحاد وحكام الامارات ،في وضع كل امكانيات الدولة السياسية و العسكرية و المالية في تصرف عاصفة الحزم ،حيث تولى الشيخ محمد بن زايد القائد العام وولي عهد ابوظبي التنسيق مع الامير محمد بن سلمان وزير الدفاع السعودي لإدارة معركة و مساندة المقاومة في عدن ولحج و ابين ، وصولا الي الانتصارات ، التي مكنة دولة الامارات من الشروع في معركة الاعمار في عدن.. في الوقت الذي وضعت قواتها تحت امرة التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية الي جانب الجيش الوطني و المقاومة في مارب الجوف لتحرير صنعاء .
عاد جند زايد بن سلطان الي مارب .. على اثر الشيخ زايد بن سلطان الذي اعاد بناء سد مارب ، واعدوا الذاكرة اعلنه يرحمه الله وهو يضع حجر الاساس للشروع : جينا لإعادة بناء سد مارب ولإحياء ارض الاجداد مارب .. ولأنها ارض الاجداد قدم اليوم لتحريرها جند زايد بن سلطان .. وقدموا على ثراها 45 شهيدا الي جانب 5 شهداء من الاشقاء من بحرين ال خليفه ابناء زايد الدواسر الذي شدة جماله الي داخل الجزيرة من وادي مارب .. خمسون شهيدا يلحقون بمن سبقهم لتحرير اليمن العربية ، رفضا لعودة احفاد :باذان بن ساسان اليها، ووفاء لمن اراد اعادة الحياة الي ارض أجداده آل نهيان وارض سباء ـ منبت الحضارة العربية .
□□□ تجاوزت عاصفة الحزم كل سلبيات التشرذم و تراكمات المواطنة الضيقة الي افاق الامل في عودة وحدة الارض و الارومة العربية .. ولا اظنني ابالغ اذا ما قلت ان الدماء السعودية و الاماراتية والبحرينية هي ذاتها اليمانية و كذا الكويتية و القطرية و العمانية .. وهل هنا استعادة وحدة و قيمة اكبر من ان تروى الارض الحرة دماء الاحرار العرب ؟.
لذا لن اعزي في الشهداء بل ابشر بغد عربي يعيد للامة في حاضرها امجاد اجدادها على ارض الاجداد في جزيرة العرب .. بل اهني الشهداء ..بما وعدهم ربهم وعده الحق في قوله تعالى : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون .. وعزاءنا فيهم اننا غادرنا بهم القنوط الي الامل و التشرذم الي الوحدة .
___________________________________________________
*كاتب سياسي .. عضو مجلس حضرموت ومؤتمر الرياض لانقاذ اليمن .