حتى لا نضل الطريق

2015-07-26 04:08

 

تدخل الحرب التي تقودها دول التحالف العربية اولا باسم عاصفة الحزم في مرحلتها الاولى وإعادة الامل في مرحلة ثانية شهرها الخامس مع تحولات ميدانية كبيرة في الميدان ليس اهمها تحرير عدن وقبلها الضالع كانتصارات واضحة للمقاومة الوطنية الجنوبية المدعومة من قبل التحالف العربي وانما في وضوح الرؤية لدى القائمين على هذه الحرب, وسير عملياتها.

 

لم يكن احدا ان يتصور الدولة في صنعاء ستختفي بكل هذه البساطة و هنا علينا التمييز بين الدولة بمفهومها العام كراعية وحامية للسيادة الوطنية وبين السلطة اليومية, فالدولة التي تم افراغ محتواها تماما و جرى تقاسم نفوذها  بين قوى النفوذ في صنعاء منذ نهاية السبعينات لم تقوى على مواجهة عصابة مسلحة والتي ايضا بدورها لم تستطع ان تلعب اي دور ايجابي لمنع سقوط ما تبقى من شكل الدولة في صنعاء ووقفت عاجزة عن اقامة حتى سلطة تحت القانون بل تصرفت كعصابة تتاجر في اقوات الناس وتتصرف في المساعدات وتسطو عليها ويقوم اعضاءها ببيعها في السوق السوداء دون اي خجل .

 

بالمقابل نجد ان الحال رغم كارثية الحالة الانسانية التي عاشتها عدن ومناطق الجنوب الاخرى الا ان ضوابط الحياة اليومية ظلت تسير بانضباط جيد في ظل الظروف الصعبة مما يجعلنا نقف امام هذا الامر الذي يعكس ثقافة الدولة والنظام والشعور بالمسئولية العامة التي يتحلى بها الناس في عدن والجنوب.

 

اليوم بعد التحول الذي جرى في عدن والضالع وتحريرهما ودور المقاومة الجنوبية القوي فيه , وكما اشاد السفير عبدالله المعلمي سفير المملكة العربية السعودية في الامم المتحدة بهذه المقاومة وقال ان الفضل بعد الله يعود للمقاومة في عدن التي سجلت صمودا رائعا دفاعا عن المدينة وسكانها وأسهمت بقوة في تحرير عدن , نجد اصوات ظهرت من هنا وهناك في محاولات بائسة لتجيير هذه الانتصارات لقوى لم تستطيع ان تحمي منازل انصارها وقياداتها رغم ان لديها مليشيات مسلحة و فرق عسكريا بمئات الالاف من الافراد, لم تجد هذه القوى إلّا الإنتقاص من المقاومة الجنوبية في عمل لا يمكن لأي مراقب عاقل إلا ان يضعه في مسعى لإفشال عملية إعادة الامل من قبل هذه القوى ,لأن من يعمل على شق صف التحالف القائم بين دول التحالف وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والشرعية برئاسة الرئيس هادي والمقاومة الجنوبية في الجنوب والمقاومة الشعبية في تعز ومارب التي تواجه مشروع الحوثي المتحالف مع المخلوع لا يمكن أن يكون إلا نصير لنظام المخلوع وعصابات الحوثي.

 

وحتى لا نضل الطريق المؤدي اولا الى كسر وهزيمة مشروع الحوثي يجب علينا ان لا نلتفت للمعارك الجانبية التي تحاول هذه القوى الانتهازية جر شباب المقاومة وانصارها لها فنحن نشارك التحالف والشرعية في معادات المشروع الحوثي وكذلك مشروع المخلوع العائلي, ومع هذا فنحن لنا قضية خاصة بنا في الجنوب لا نشك لحظة اليوم ان حلفائنا في التحالف وفي شرعية هادي يعرفون انها أس القضايا التي لا يمكن تجاوزها بعد اليوم ولا وأدها ببساطة, و نحن ندرك ذلك وندرك انه بإنتهاء الحرب لا بد من عملية سياسية تقف امام القضيتين الرئيستين قضية اعادة هيكلة الدولة في صنعاء وحل القضية الجنوبية على اساس تقرر المصير واختيار مستقبل الجنوب.

 

لذلك ما تتطلبه فعلا الان ظروف المعركة ان تبقى الصفوف متلاحمة وعدم الوقوف امام نعيق الغربان وثغاء الخرفان التي لا زالت تمارس سياسة النفاق والخداع في محاولة منها لإستباق الاحداث وتوجيهها الى وجهة تصب في صالح عودة قوى النفوذ التاريخي للحكم في صنعاء وإبقاء الجنوب محتلا ويمثل مصدرا مستمرا لنمو ثرواتهم .

 

 * أكاديمي وباحث سياسي