ذات مساء وبعد صلاة مشهودة في المسجد النبوي الشريف اجتمع عدد من طلاب الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية من أبناء عدن مع عضوٍ بارز من هيئة كبار العلماء ولجنة الافتاء بالمملكة فسألهم مباشرة عن عدن وعن "الإنفصال" فبدأ الشباب بالحديث عن أسباب نشوء القضية الجنوبية فغضب الشيخ وتمعّر وجهه وقاطعهم وقام وهو يُصلح بِشْتَه قائلاً : قد أخبرني الشيخ فلان والشيخ فلان وهما أدرى منكم !!
ولعلّ تغريدات الدكتور/ عوض القرني وفقه الله حول الجنوب تلقاها من ذات المصدر أو من ذات الاتجاه أو من ذات الجماعة التي تلقى منها الشيخ الجليل حصراً .
عن جماعة الإخوان أتحدث .
حسناً لنختبر ذاكرة الدكتور ببعض الأسئلة :
- ماهو موقف حزب الإصلاح من الحروب الستة السابقة التي شاركت في بعضها المملكة ضد الحوثيين ؟
- من هم الأحزاب المتحالفة ضمن مايسمى باللقاء المشترك في اليمن الذي يتزعمه حزب الإصلاح ؟
أليس هناك أحزابٌ حوثية ، وأخرى حليفة للحوثيين ؟
- من أقنع الحوثيين أو رحّب بالشراكة النضالية والثورية معهم ٢٠١١م ، عام الثورة اليمنية للتغيير ؟
وهذه الشراكة كانت بوابتهم الشرعية للعمل السياسي الوطني ، وقبلها إنما كانوا مجموعات متمردة عن النظام والدولة .
وهم المشروع الإيراني منذ النشأة كما لا يخفى .
حنانيك يادكتور في قضايا السياسية .
فالسياسة حبالها طويلة وأمرها واسع تماماً كسَعةِ كل ما وسع الإخوان ويسعهم في سياساتهم !
ولا مشكل أن يختلف الناس وتتعدد أراؤهم وأفكارهم واجتهاداتهم تجاه قضية ما ، كالقضية الجنوبية مثلاً وهي " القضية السياسية والعادلة" بامتياز .
ولكن المشكل في تعاطينا مع آلية معالجة قضايانا الاختلافية ، وخصوصاً نحن معاشر الإسلاميين !
حينما تتحدث أيها الجليل عن ( تقسيم اليمن ) ومطالبة الجنوب ب ( الإنفصال ) !
أليس من الأولى قبلاً أن تتحدث وبصراحتك المعهودة عمَّا دفع الجنوبيون للمطالبة ب ( الانفصال ) !
الجنوبيون الذين هرولوا نحو الوحدة ، حينما تردد إسلاميوا الشمال للسعي إليها .
كان من الأولى أن يتوجه اللوم إلى الشمال !
الشمال الذي تخلى عن الجنوب حينما كان يُظلم ويُهضم ، ويُضمُّ ويُقضم والشمال لا يُحرك ساكناً !
حتى إذا انتفض الجنوبيون وطالبوا بحقوقهم وكرامتهم قام إخواننا في الشمال يحذروننا من العصبية والجاهلية !
قال صديقي "الشمالي" أنور الخضري كلمةً واعية :
( وإنما ينشد الناس الاستقلال إذا غاب العدل واستؤثر بالحقوق والمصالح وغيبت الشورى وغاب الحكم الرشيد )
_ فضلية الدكتور نحن في لحظة عصيبة ونحتاج فيها إلى مَن يُلملمُ الجراحات لامن يحرك إصبعه فيها !
ونحتاج أيضاً حال تبادل الاختلافات إلى صفاء النفس ورجاحة العقل وإلى سعة الأفق ، وإلى الحرص على الانصاف .
بعد الحصول على العلم الكافي ، والتحلي بالفهم الواعي ..
نحن أَيُّهَا الفاضل نعيش في فترة حرجة وخطرة وتعاطينا مع اختلافاتنا بالشكل الحالي يزيد الحرج حرجاً والخطر خطراً !
وكأنَّي بِنَا حينما نعالج خلافاتنا كمن هم ( في سفينة في لج البحر تتقاذفها الرياح يمنة ويسرة ويوشك أهلها على الغرق، تتعالى الأصوات وتختلط .
فيها الصوت الرحيم المشفق، وفيها الصوت الهادئ، وفيها الصوت الغاضب المزمجر.
وفيها الصوت الذي يوزع اللعنات يمنة ويسرة ويستثني نفسه، وكيف يلعن نفسه ؟
وهو المنقذ والمصلح والأمين والغيور والقائم على أمر الناس، حين تخلّى الآخرون ونكصوا وتراجعوا وضعفوا واشتروا الدنيا وباعوا الآخرة، وبئسما لامرئ أن يظن بنفسه الخير وبالآخرين الشر، وإخوانك جزء منك، ظن بهم كما تظن بنفسك "لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً" ) " اقتباس "
إيران بذلت جهوداً مُضنية لمحاولة الاستثمار في القضية الجنوبية ، كعادتها الأثيرة في الضرب على الاوتار الحساسة !
وسعت لاحتواء بعض فصائل الحراك الجنوبي ونجحت في احتواء بعض القادة والرموز !
وقامت إيران بما قامت حين قصّر الإقليم في واجباته في اليمن !
تماماً كما استغلت إيران هذا التقصير تجاه فلسطين فسعت لاحتواء المقاومة هناك !
لكن الأهم : ماهي ثمار تلك المحاولات الإيرانية ؟
وماذا صنعت تلك الرموز المحتواه من قِبل إيران لإيقاف المقاومة ؟
الجواب : لا شيء ، بل الشعب يلعن إيران ومَن بقي حليفاً لها صباح مساء ، فالشعب لم تَفسد فطرته ولا عقيدته بفضل الله وكرمه .
ولا غرو أن تكون كبرى فصائل المقاومة في عدن والضالع ولحج وأبين وشبوة ، وأكثرهم أثراً على الأرض ، وقبولاً لدى الشعب هم المقاومة المنتمية للحراك الجنوبي !
فهم أبرز من تصدوا للمشروع الإيراني في اليمن وتكسرت على صخرة صمودهم جحافل إيران ومليشياتها .
بينما مرَّت تلك الجحافل على معاقل البعض وفق قاعدة ( مسافة السكة ) من صعدة إلى صنعاء !
لا بل زحفت من صعدة فعمران فصنعاء فذمار فإبّ ، لتُهلك الحرث والنسل في عدن ،
ولسان حال من هم هناك : " لامساس "
ليضف هذا الأمر غُصة إضافية في حلوقنا ، وجرحاً جديداً في قلوبنا .
ولكلٍ أسبابه وتبريراته !
وهنا أحي جهود إخواني الرجال والأبطال في تعز ومأرب .
والله َ أسأل أن يُؤيدهم بنصره وأن يمدهم بمدده .
إيران وأذنابها في اليمن يأسوا من احتلال الجنوب ، ولكنهم لن ييأسوا من التحريش والتفريق بين الناس هناك بدغدغة العواطف !
واسمح لي أن أقول : إن تغريداتكم قد تُساهم _ من حيث لم تريدوا _ في التفريق بين الناس وتعميق الانقسام ( الأخوي وهو أهم ) وتضرُّ الإسلاميين والاخوان أكثر مما تنفعهم !
هذه وجهة نظري على الأقل .
نادت أصوات جنوبية كثيرة بضرورة الالتفاف حول أهداف التحالف وتفويت الفرصة على البغاة لزعزعة الأمن والاستقرار .
فالجنوب به علماء أجلاء ، وعقلاء فضلاء ، وهو يكتظ بالأخيار والأغيار بفضل الله ، وهم في غنىً عن حملتكم ، ولن أقول : وصايتكم .
وهم بأمرهم أدرى ، وبواقعهم أوعى .
وإن كانوا ليسوا في غنىً عن أخوتكم ومحبتكم .
مستقبل اليمن الآن سيُساهم في صناعته التحالف وليس إيران !
هل نما إلى علمكم أن التحالف يريد تقسيم اليمن كما يوحي بذلك الهشتاج ؟
وأيُّهما أحق بالتحذير ؟
اليقين للحوثيين في الشمال ، أم الوهم في الجنوب ؟
اللهم وفقنا إلى كلِّ خير ، واصرف عنَّا كل شر ..