اليمن مقبل على سباق محموم بين أصوات المدافع والدبلوماسية ، وقد نشهد تطوراً خطيراً في قادم الأيام في ساحات المعارك وخاصة في الجنوب ، وسيكون ذلك تزامناً مع استمرار الجهود الحثيثة التي تبذل لتجسير الفجوات بين الأطراف المتصارعة على الأرض ،بالرغم من أن بعض الدول الكبرى تريد إطالة أمد الصراع ومعها بعض الدول الاقليمية التي تريد إشعال الحرائق في الجزيرة والخليج ،ووجدت هذه الدول من أبناء اليمن مطايا لتنفيذ مصالحها وهؤلاء استحضروا خيولهم وبغالهم وذئابهم لهذا السباق المحموم وتمسكوا بخياراتهم المذهبية والمناطقية ويمارسون عملياً أبشع أنواع التصفيات والقتل لمعارضيهم وتضاءلت الآمال في استمرار الوحدة التي أصبحت تنازع الروح وتكاد تلفظ أنفاسها وهي بالفعل قد ماتت في نفوس أبناء الجنوب وأصبحت صدورهم تغلي كالمراجل من جراء العسف والهوان والمرارة والذل وجسدت الوحدة الفوقية في أبشع صورها .
ومنذ عام 1994م وحتى اليوم وهي مفروضة بحراب البنادق على صدور أبناء الجنوب ..وقد تمثلت تلك الهيمنة عام 94م بالتحالف بين صالح وحزب الإصلاح الذي افتى علماؤه بقتل الجنوبيين الانفصاليين تحت شعار انهم شيوعيون وملحدون وافتوا باستباحة الجنوب وأن كل ما فيه غنيمة حرب!! .
واليوم يرفع الحوثيون بالتحالف مع صالح شعاراً آخر ضد أبناء الجنوب وأنهم تكفيريون ودواعش ..ياسبحان الله كيف يلتقي النقيضان؟؟ .
وفي ظل ما يجري اليوم فليس من مخرج للسلطة الشرعية لحل الصراع في اليمن إلا التمسك بقرارات مجلس الأمن وخاصة (2216) والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الذي يدعم الفيدرالية وتقسيم اليمن الى ستة أقاليم كاملة الصلاحية مع تجريد السلطة المركزية من الهيمنة على الاقتصاد والتحكم والتهميش لفريق او تحجيم طائفة او ضرب منطقة معينة ورفع أخرى والتوزيع العادل للثروة !!! .
واليمن في ظل التعدد الطائفي والمذهبي والمناطقي لا يمكن أن تحكمه سلطة استبدادية ،ويجب توزيع السلطة عمودياً وأفقياً بما في ذلك الثروة ،واليمن اما أن يكون فيدرالياً ...او لا يكون ،ويعود الى عهده السابق فالرغبة في الوحدة قد تلاشت في نفوس الجنوبيين ولم تعد مقبولة بعد أن ذاقوا شتى أنواع البطش والتنكيل والقمع خلال 25 عاماً خلال حكم صالح الذي عاد متسلقاً أعناق الحوثيين ليحكم من جديد بعد أن خلعه الشباب في ثورة فبراير 2011م .
وفي هذه الظروف العصيبة تقف حكومة هادي عاجزة عن امتلاك قرارها الذي يهيمن عليه لوبي المؤتمر واتباع صالح وستبقى عاجزة ومرتهنة لهم وغير قادرة على إنهاء الصراع ، وقد شاهدنا علناً كيف تم تحويل سفن الإغاثة من عدن الى الحديدة !! في غياب صوت بحاح ..لأنه بح ..وتقطعت حباله الصوتية ولم يعد يطيعه او يسمعه أحد!!! .
وربما لدى بحاح سبب وجيه لقبول املاءآت لوبي صالح وهو خلافة هادي في سدة الرئاسة، ان العجز والفشل والشكوك تحيط بحكومة بحاح ..التي لم تحل مشاكل النازحين من أبناء عدن بما يحفظ كرامتهم في المنافي ، ولا هي قادرة على حل مشكلة الجرحى ..ولا تعويض لأسر الشهداء الذين سقطوا في المعارك!!
بالرغم من الدعم السخي الذي وفرته المملكة العربية السعودية بالمليارات لإغاثة الشعب اليمني الا أن تلك المواد الإغاثية أصبحت تباع في السوق السوداء بين سماسرة الأمم المتحدة والحيتان التي لا تشبع ويستحوذ الحوثيون على نصفها تقريباً!!
وعلى الأرض يجري صراع دموي تشارك فيه عدة أطراف مثل : الحراك الجنوبي في عدن والضالع الذي يقود المعارك وقدم تضحيات جسيمة وهولا يدين لهادي !!!!
وهناك القاعدة في شبوة وحضرموت التي تحكم في الرقاب والعباد دون دليل ...وهناك مليشيات الحوثي وقوات صالح المتحالفة فيما يشبه زواج المتعة الذي يمكن فضه في أي لحظة، وهناك قوى قبلية جنوبية لا تعترف بسلطة هادي وتقاتل في مناطقها وقبل أن يصل اليمن الى الحالة المتردية ونقطة اللا عودة على دول مجلس التعاون الخليجي عدم الانتظار اوالاسترخاء في انتظار الأحداث المتسارعة التي تجري على الأرض ..وعليها أن تحسم أمرها وتتدخل بأسرع وقت ممكن براً وبحراً وجواً..وقبل ذلك كله دعم المقاومة الشعبية بأسلحة نوعية .
اما اذا لم يتم ذلك فهذا يعني أننا سنواجه شهوراً صعبة تتشرذم فيها اليمن كلها وستظل رحى المعارك تدور بالوكالة تماماً مثل العراق وسوريا وسيكون اليمن وأهله وقودها .. وتتداعى فيها المذهبية والمناطقية والقبلية ..شمالاً وجنوباً.
كل ذلك سيجري في غياب القيادات الجنوبية الطاعنة في السن والتي ما زالت تتلمس طريقها في ردهات الفنادق والمؤتمرات ..وحتى تخرج من غيبوبتها سيكون شباب المقاومة قد حسموا أمرهم والبقاء سيكون لمن يفرض نفسه في الميدان .