‘‘إعادة الأمل‘‘ الى اليمن والجنوب العربي

2015-05-12 05:15

 

لا شك في أن «عاصفة الحزم» بالقرار الشجاع الذي اتخذه الملك سلمان بن عبدالعزيز وبقية قادة دول التحالف العربي بالتدخل العسكري في اليمن جسدت الترابط العضوي بين أمن الخليج العربي وأمن اليمن،

 

فخطر تمدد النفوذ الإيراني من العراق وسورية والتنظيمات الإرهابية من «القاعدة» إلى «داعش» عبر ميليشيا الحوثي وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح لم يعد شأناً داخلياً يهدد اليمن فحسب، بل بات يمثل تهديداً مباشراً لأمن المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون والأمن القومي العربي إجمالاً.

 

من هنا، يمكن القول أن «عاصفة الحزم» أوقفت هذا التمدد الإيراني في اليمن بضرب وإضعاف القدرات العسكرية لميليشيات الحوثي وصالح التي كان من خلالها حقق انقلابه على السلطة الشرعية الممثلة بالرئيس هادي الرئيس المنتخب.

 

واليمن كما هو معروف، بخاصة اليمن الشمالي مدجج بالسلاح، وبقوة السلاح وحده حكمت النخب اليمنية البلاد وليس عبر نظام حكم دولة النظام وسيادة القانون في الدولة اليمنية عند قيامها بوحدة الجنوب والشمال في أيار (مايو) 1990.

 

والآن بتحطيم الآلة العسكرية لنظام صالح والحوثيين باتت فرص إعادة الأمل إلى بناء الدولة المدنية، وانضمامها إلى بقية الأنظمة المدنية لدول مجلس التعاون الخليجي، ممكنة. ولعل بإمكان مجلس التعاون الاقتداء بتجربة الاتحاد الأوروبي الذي شكل الحاضنة لدول أوروبا الشرقية ودول البلقان بعد سقوط جدار برلين في أواخر الثمانينات من القرن الماضي بتهيئتها اقتصادياً وسياسياً عبر قبول البعض منها تدريجاً لعضوية الاتحاد الأوروبي. فهل بالإمكان تصور وضع بعض الترتيبات على مستوي المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار اليمني، يسمح بإدخال الاستفتاء الشعبي العام لأبناء الجنوب ليقرروا ما إذا كانوا يريدون الاستقلال، أو أن يكونوا جزءاً من الدولة الاتحادية المنصوص عليها ضمن مخرجات الحوار؟

 

وفي حقيقة الأمر، فان تمسك كثير من النخب السياسية في اليمن بالوحدة ليس بناء على حبهم للوحدة بمقدار ما هو مبني على طموحاتهم السياسية في حكم بلد واسع جغرافياً، ويمتلك ثروات البترول والغاز. وأيضاً على المستوى الشعبي في اليمن فإن العواطف القومية والمصالح المعيشية تجعل الناس يتخوفون من ضياعها إذا فقدوا الجنوب وانفصل عن اليمن.

 

وهنا مجدداً نعود إلى تجربة الاتحاد الأوروبي الذي قبل تشيخيا وسلوفاكيا كعضوين في عام 2004 بعد انقسام تشيكوسلوفاكيا رسمياً إلى دولتين في كانون الثاني (يناير) 1993.

 

بمعنى آخر سيرى الجنوب والشمال اليمني بعد انفصالهما، أنهما مجتمعان من جديد تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي. ولا شك في أن الجنوب العربي وفق مسماه الأصيل (قبل الاستقلال) عام 1967 يشكل أهمية استراتيجية كبيرة لمجلس التعاون الخليجي بفضل موقعه من باب المندب إلى خليج عدن وبحر العرب المطل على المحيط الهندي. وكذلك يمثل اليمن بكثافته السكانية رادفاً مهماً للنقص السكاني في مجمل دول مجلس التعاون.

 

إن المرحلة الحالية بأبعادها الإنسانية الخطيرة، بخاصة بسبب المآسي التي تعيشها عدن والجنوب وتعز، وأخطار التوسع الإيراني في المنطقة تتطلب عدم التعامل مع الحلول والمبادرات عبر الطرق التقليدية، وإنما المطلوب اتخاذ مبادرات جريئة غير تقليدية كما اتخذتها قيادات التحالف بإطلاق «عاصفة الحزم». عليها الآن وبالأسلوب والجرأة نفسيهما إرساء أسس إعادة الأمل والاستقرار عبر دمج اليمن والجنوب في منظومة مجلس التعاون الخليجي، على رغم ما يعترض ذلك من صعوبات، من ضرورة تغيير النظام الأساسي للمجلس وتأهيل اليمن اقتصادياً وسياسياً ليواكب مستوى بقية الدول الأعضاء.

 

إن حجم التحديات والأخطار على أمن واستقرار الجزيرة العربية والخليج، بل الأمن والسلم العالميين لا يجعل أمام دول المجلس خيارات أخرى غير تجاوز هذه الصعوبات ومواجهة هذه التحديات

 

 

* د محمد علي السقاف - نقلا عن الحياة