لا تتمثل خطورة سقوط ميناء المكلا بأيدي تنظيم القاعدة في أن يصبح ذلك المرفأ الاستراتيجي عرضة لأي عملية عسكرية قد تستهدف التنظيم، أو في أن تمنع وصول سفن نقل المحروقات إليه والتي باتت المدينة تعاني نقصاً حاداً فيها، فحسب، بل تتخطاه ليصبح الميناء قاعدة استراتيجية لعمل ذلك التنظيم في تنفيذ هجمات انتحارية سريعة تستهدف حركة الملاحة، أو محطة لتهريب الأسلحة و استقدام المزيد من المُتطرفين من دول القرن الأفريقي.
ويقول أحد العاملين في ميناء المكلا (اشترط عدم ذكر أسمه) أن عناصر تنظيم القاعدة باتوا يتخذون من قاعدة بحرية صغيرة لزوارق الدفاع الساحلي، كقاعدة لهم بداخل الميناء. وتحتوي هذه القاعدة على "يختان" تابعين للدفاع الساحلي، بالإضافة إلى "ثمانية" زوارق سريعة تتبع البحرية.
ويمكن لعناصر التنظيم أن تستخدم تلك القوارب والقاعدة في استقدام المزيد من أنصارها مثلما فعلت تماما عام 2012 حينما استقدم المئات من أنصار حركة المجاهدين الشباب الصومالية الموالية لتنظيم القاعدة، أبان سيطرته على محافظة أبين الجنوبية لمدة عام كامل وأقام فيها إمارة إسلامية.
ولا يمكن للبوارج الحربية الدولية التي تتواجد بكثافة في المياه الإقليمية اليمنية أو الدولية المُحاذية للمياه الإقليمية اليمنية أن تحول دون هذا التسرب إذا ما حصل، خصوصاً وأن غالبية الذين يُستقدمون إلى اليمن من دول القرن الأفريقي يأتون على متن قوارب خشبية صغيرة، أما بصفة صيادين أو مُهاجرين غير شرعيين مُستغلين سماح السلطات اليمنية رغم الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها، باستضافة اللاجئين الصوماليين الهاربين من جحيم الحرب الأهلية الصومالية، والذين تجاوزت أعدادهم مئات الالاف، ناهيك عن عشرات الألاف من الجنسيات الأفريقية الأخرى.
وتمكن عناصر تنظيم القاعدة من السيطرة على الميناء بعد معارك خاضتها مع عناصر الجيش التي تمركزت فيه بعد هروب جنود الأمن المركزي الذين كانوا مُكلفين بحمايته. ويقول العاملون بالميناء أنه تعرض لعملية نهب طالت عدد من الخزائن المالية التي بداخلها وبعد كميات كبيرة من الأموال بالعملات الأجنبية. بالإضافة إلى بعض أجهزة الحواسيب الألية .
كما أن هنالك حاويات خاص بعدد من رجال الأعمال والشركات ربما تكون قد تعرضت للنهب.
دفن جثث عناصر القاعدة :
وفيما لاتزال فرق الإسعاف الطبي تحاول انتشال جثث بعض عناصر الجيش من المباني التي سيطر عليها مسلحي القاعدة، قالت شبكة " نجم المكلا الإخبارية" أن عناصر تنظيم القاعدة عمدوا إلى دفن جثث قتلاهم الذين سقطوا خلال مواجهات الأيام الماضية في منطقة زراعية نائية غرب المكلا تُسمى بمنطقة (الخربة).
وغالباً ما يستخدم عناصر تنظيم القاعدة طريق منطقة (الخربة) في تحركاتهم وتنقلاتهم كونها منطقة زراعية نائية واسعة المساحة وذات تضاريس وعرة ولا تخضع لرقابة السلطات، ويستخدمونها للوصل إلى مناطق أخرى كمديريات وادي حجر ويبعث التي توصف بانها باتت إحدى أبرز المناطق التي تأوي عناصر القاعدة الذين فروا من الحملة العسكرية التي قادها الجيش اليمني ضد عناصر القاعدة بمحافظة شبوة العام الماضي.
كما أن تلك المناطق تُعتبر معبراً صوب العديد من المناطق اليمنية الصحراوية لمحافظات شبوة وأبين ومأرب. كما أن تجار المخدرات والممنوعات يستخدمون ذات الطريق لنفس الأسباب.
طائرة بدون طيار :
وفيما تستمر عناصر القاعدة في فرض سيطرتها على المدينة، قال سكان محليون أنهم تمكنوا على مدى اليوميين الماضيين رصد تحركات لطائرة بدون طيار يُعتقد بأنها أمريكية ، تحلق فوق أجواء المدينة. وأن الطائرة كانت تعمل على تمشيط المنطقة الممتدة من وراء معسكر اللواء 27 ميكا وحتى ما وراء الهضاب الجبيلة التي تقع خلف القصر الرئاسي بالمدينة والذي بات مقراً للزعيم القاعدي "خالد باطرفي" عقب هروبه من السجن المركزي بالمكلا وسيطرة التنظيم على المدينة.
ويخشى السكان أن يؤدي استمرار بقاء سيطرة التنظيم على المدينة في تعريضها لضربات جوية، قد تؤدي إلى سقوط مدنيين أبرياء مثلما حصل في أوقات سابقة، حيث كانت محافظة حضرموت وخلال الأعوام الثلاثة الماضية مسرحاً للكثير من الضربات التي نفذتها طائرات بدون طيار.